تاريخ إمارة المؤمنين في المغرب

تاريخ إمارة المؤمنين في المغرب

تاريخ إمارة المؤمنين في المغرب
تاريخ إمارة المؤمنين في المغرب

إن لكل شعب من شعوب إفريقيا وطنُه ونظامُه السياسـي، ولهذا النظام مشروعيته العصرية بالاختيار والانتخاب، ولكن المسلمين في كل بلد من هذه البلدان يعرفون رمزيةَ إمارة المؤمنين في تاريخ الإسلام، وتاريخَها الفعليَّ العريقَ في المملكة المغربية، فهي مشترك رمزي لا يهم الحياة السياسية للبلدان ولكن له أهميةٌ روحيةٌ عبَّر الأفارقةُ عنها باستمرار،

أما تاريخ إمارة المؤمنين في المغرب فالأفارقة ينظرون إليه بتعظيم وإجلال لأحقيته ومشروعيته بوقائعه ومعالمه السُّنية.

فقد قدم المولى إدريس إلى المغرب، وبيده وصية أخيه محمد بن عبد الله النفس الزكية له بالخلافة التي كان قد بويع بها بيعة شرعية من أهل الحل والعقد بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل بيعة أبي جعفر المنصور العباسـي، وعلى أساس هذه الشرعية بايع أهل المغرب المولى إدريس، فهو أول من حَمَلَ لَقَبَ أميرِ المؤمنين في هذا الغرب الإسلامي، وأسس أول دولة إسلامية مستقلة عن المشرق. وكان الإمامان مالكُ بن أنس وأبو حنيفة بالمشرق، يُرَجِّحَانِ إمامتَه على بني العباس، ويريان أن إمامته أصح من إمامة أبي جعفر المنصور لانعقاد بيعة محمد بن عبد الله النفس الزكية قبله.

وهكذا تكون إمارة المؤمنين دخلت المغرب وهي مستوفية لكل شروط الصحة التي أساسها البيعة الشرعية المزكاة من طرف إمامين عظيمين من أئمة المسلمين: مالك بن أنس وأبي حنيفة، فتأسست بذلك أول إمارة للمؤمنين بالربوع المغربية.

وعندما بدأ انفتاح المغرب الإسلامي في العقد السادس من القرن الهجري الأول كانت الأزمة قد استحكمت بظهور الفرق واستمرار المعارضة للأُمويين ثم للعباسيين ولاسيما من أنصار آل البيت. وبينما كان هؤلاء يعانون من اضطهاد الدولتين المذكورتين بين عام 40 للهجرة، تاريخ تولي معاوية، وعام 169  للهجرة، تاريخ مقتل محمد بن عبد الله النفس الزكية في وقعة فَخٍّ، قرب مكة المكرمة، كان قد مضـى قرن من الزمن على سوء تدبيـر عدد من عمال الأُمويين ثم العباسيين على المغرب. وفي هذا السياق من الظلم المشترك لجأ إدريس بن عبد الله إلى المغرب، وقد نجا من القتل في موقعة فخ، فكان أول أمير للمؤمنين بويع خارج نطاق الحرب والانقلاب بعد الخلفاء الراشدين.

ولا يخفى أن النظام السياسـي يكون مشروعا بصلاحه وبما يوفره من الأمن والاستقرار لممارسة شئون الدنيا التي بها يتـهيأ الناس لحسن المعاد في الآخرة، ذلك لأن الإسلام خطاب الله تعالى إلى كافة عباده فيما يهمهم من أمور دنياهم ودينـهم، وقد كان لزاما أن يشتمل على كل ما يُنَظِّمُ شؤونَهم في دنياهم التي فيـها معاشُهم، وفي آخرتهم التي إليـها معادُهم، لذا كان أول ما شغل بال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يحط رحاله بالمدينة، النظرُ في وضع النواة الأولى لمجتمع يسوده الأمن والاستقرار، والتعاونُ بين مكوناته في جلب المصالح ودرء المفاسد، مجتمعٍ تسهر على تدبيـره دولة حاكمة وحكيمة، حتى تجري حياة الناس على نظام واستقامة.

كلمات مفتاحية : ,