العـمق التاريخي لتواصل البلـدان الأفـريقـية ودوره في تكـوين الهوية الإفريقية وترسيخ الثوابت الـدينية المشتركة

العـمق التاريخي لتواصل البلـدان الأفـريقـية ودوره في تكـوين الهوية الإفريقية وترسيخ الثوابت الـدينية المشتركة

العـمق التاريخي لتواصل البلـدان الأفـريقـية ودوره في تكـوين الهوية الإفريقية وترسيخ الثوابت الـدينية المشتركة -<strong> الدكتور حميد لحمر</strong>
العـمق التاريخي لتواصل البلـدان الأفـريقـية ودوره في تكـوين الهوية الإفريقية وترسيخ الثوابت الـدينية المشتركة – الدكتور حميد لحمر

جاء تناول العديد من فقرات هذا الموضوع، في مجموعة من المؤلفات الأمهات، مما يعتبر من المصادر الإفريقية الأصيلة: التاريخية منها، والجغرافية، والأدبية، وفهارس الأعلام والبلدان، وكتب الرحلات.

كما وصلتنا دراسات علمية، عربية وغربية، كل منها تناول إفريقيا من جانب يلامس موضوع التواصل – الإفريقي إفريقي-، وتعددت المؤلفات من قبل علماء كل الآفاق، من القدامى والمتأخرين، واشتهر ممن تناول موضوع تاريخ ووصف إفريقيا وعلاقة بلدانها مع بعضها، وأخبارها ورجالاتها، من الحكام والعلماء والأعيان، مجموعة من المؤلفات منها:

  1. كتاب: “العبر وديوان المبتدأ والخبر، وأيام العرب والعجم” للعلامة السوسيولوجي عبد الرحمن بن خلدون تـ 808هـ /1406م.
  2. وكتاب: ” تاريخ السودان” للمؤرخ عبد الرحمن بن عبد الله بن عمران بن عامر السعدي تـ 1065هـ /1655م.
  3. وكتاب: ” زهور البساتين في تاريخ السوادين “. وكتابه: المجموع النفيس سرا وعلانية، في ذكر بعض السادات البيضانية والفلانية “للعلامة مؤرخ القارة الإفريقية الحاج موسى أحمد كامارا السنغالي تـ 1365هـ /1945م.
  4. وكتاب:” نيل الابتهاج بتطريز الديباج”. وكتاب: ” تحفة الفضلاء ببعض فضائل العلماء”، وكتاب: ” كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج” للعلامة أحمد بابا التنبوكتي تـ 1036هـ/ 1626م.
  5. وكتاب: “فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور” للعلامة الولاتي أبو عبد الله محمد بن أبي بكر البرتلي تـ 1223هـ /1808م.
  6. وكتاب: “المسالك والممالك” للعلامة أبو عبيد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري تـ 487هـ/1094م
  7. وكتاب: “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” للعلامة الجغرافي لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الإدريسي تـ 560هـ/ 1146م.
  8. وكتاب:” تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الإسفار”. للعلامة أبو عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي تـ 779هـ/ 1377م،
  9. وكتاب: “وصف أفريقيا “. للمؤرخ الحسن بن محمد الوزان المشهور ب: ليون الإفريقي تـ 960هـ/ 1556م.
  10. وكتاب: “مسالك الأبصار في ممالك الأمصار”. للمؤرخ الجغرافي الأديب، شهاب الدين أحمد بن يحيى العمري تـ 749هـ/ 1348م.
  11. وكتاب: من أدب الرحلات الأفريقية للدكتور حلمي شعراوي طبع مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية.
  12. والدراسات العديدة التي أنجزها معهد الدراسات الإفريقية بالرباط.

فإفريقيا بغنى تراثها الطبيعي والبشري، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، كانت دائما – وعبر تاريخها – قارة منتجة، بفضل مجهودات رجالاتها من التجار والعلماء، والقادة العظماء، كما أنها كانت محل عناية واهتمام من قبل مكتشفيها، وإن مؤلفات علمائها لتعكس كل هذا، وحقيقتها وأهميتها، وخدماتها وما قدمت من مساهمات وقيم للإنسانية جمعاء.

إن معالجتي لهذا الموضوع، ستتم من خلال قسمين اثنين على الشكل التالي:

القسم الأول: أتناول فيه الموقع والحدود الجغرافية لإفريقيا الكبرى، وتاريخ علاقتهم بالإسلام في مبحثين.

والقسم الثاني: التواصل العلمي والاجتماعي والتجاري -البيني- ودوره في نشر وترسيخ الثوابت الدينية الإفريقية المشتركة، وهو يشتمل على مبحثين.

القسم الأول : الحدود الجغرافية  لإفريقيا الكبرى، وتاريخ علاقتهم بالإسلام

وهو يشتمل على مبحثين:

المبحث الأول: الحدود الجغرافية للقارة الأفريقية الكبرى.

قبل الحديث عن الحدود الجغرافية لبلاد أفريقيا، لابد من التنبيه إلى أن الجغرافيين يقسمون إفريقيا إلى قسمين:

  • أفريقيا الشمالية، والتي تسمى عند المؤرخين ب:”إفريقيا البيضان”، وهي مجموع البلدان التي تطل على البحر المتوسط، والتي تسمى اليوم بالمغرب العربي أو الدول المغاربية، ومعها بلاد مصر العربية.
  • والمنطقة التي تقع جنوب الصحراء الكبرى، ويطلقون عليها السودان، ويقسمونها إلى: السودان الغربي، والسودان الشرقي، والسودان الجنوبي.

كما يطلقون على المنطقة الممتدة بين المحيط الأطلسي غربا، وبحيرة تشاد شرقا: “غرب أفريقيا”  [1].

المبحث الثاني: تاريخ دخول الإسلام القارة الأفريقية.

يمكن تقسيم تاريخ دخول الإسلام البلاد الأفريقية على ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: دخول الإسلام إفريقيا الشرقية، بلاد الحبشة.

فيسجل التاريخ، أن أول رقعة جغرافية  سيدخلها الإسلام وينتشر في أراضيها، كانت هي بلاد إفريقيا بالحبشة ، وقد وقع هذا  في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وبإذن منه، فكانت الهجرة الإسلامية الأولى، وحدثت بسبب الاضطهاد الذي لقيه المسلمون في مكة، فأذن الرسول لبعض أصحابه بأن يهاجروا إلى ملك الحبشة النجاشي، وقد وصفه الرسول بأنه رجل لا يظلم عنده أحد، فكان ذلكم سببا في اختيار بلاد الحبشة، بلد هجرة المسلمين الأولى فرارا بدينهم، فاستقبلوا بحفاوة بالغة شجعت على اتخاذها دار قرار إلى أن تستقر الأمور، ويهدأ ظلم المسلمين، وخلالها توطدت العلاقة بين ساكنة الحبشة والمسلمين، وتمكنوا من خلالها معرفة الإسلام، وتوطدت العلاقة في حياة الرسول بين ساكنة الحبشة والمسلمين، حتى أنه يقال بأن ملك الحبشة النجاشي قد أسلم، يشهد لذلك ما روي عن أبي هريرة أنه قال: “نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الحبشة اليوم الذي مات فيه، فقال: “استغفروا لأخيكم “.

فالإسلام قديم في إفريقيا قدم الدعوة الإسلامية، فجل المؤلفات في السيرة النبوية تتحدث عن قصة استقبال النجاشي لمجموعة من المسلمين المهاجرين من صحابته الكرام إليه بتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم. وبذلكم كانت القارة الإفريقية، هي أول قارة وطئتها أقدام المهاجرين – كما ذكرت سابقا – وكان ذلكم في السنة الخامسة من البعثة المحمدية، أي بعد الجهر بالدعوة الإسلامية، وأقام هؤلاء الصحابة بالحبشة[2] لمدة ستة عشر سنة، تمكنوا خلال هذه السنوات من نشر الإسلام، فاعتنق خلق كثير من الأفارقة الإسلام.

المرحلة الثانية: دخول الإسلام شمال أفريقيا – الدول المتوسطية –

تؤكد جل المصادر التاريخية أنه عندما استقرت الدولة الإسلامية واستجمعت أركانها في عهد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وجه اهتمامه نحو نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية، فوجه مجموعة من الكتائب نحو جهات متعددة، منها مجموعة نحو مصر، يرأسها الصحابي عمرو بن العاص – رضي الله عنه -.

وبعده جاء عثمان الخليفة الراشد – رضي الله عنه – حيث جهز كتيبة تستمر في فتح شمال أفريقيا بقيادة عبد الله بن أبي السرح.

وتسجل كتب التاريخ، أنه في عهد الفترة الأموية، سيعمل الخليفة معاوية بن أبي سفيان على إكمال سياسة سابقيه في الاستمرار في فتح بلدان شمال إفريقيا، فأوكل المهمة إلى القائد عقبة بن نافع، فأكمل الإنجازات السابقة، وعمل على تأسيس مدينة القيروان كقلعة عسكرية، تحولت بعد هذه المرحلة إلى قلعة ومركز ثقافي كبير، ومنها سينطلق في فتح باقي بلدان شمال إفريقيا، حتى وصل مدينة طنجة بأقصى شمال الغرب الإفريقي، ونزل إلى الصحراء، وأكمل بعده عملية الفتح وتثبيت الإسلام وترسيخه، حسان بن النعمان، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، الذي لم يكتف بالوقوف عند طنجة، بل انتقل بجيوشه إلى الضفة الأخرى إلى الأندلس، جنوب أوربا. وقد أصبح الدين الإسلامي في عهد هؤلاء واسع الانتشار في شمال إفريقيا بكاملها وترسخت أركانه[3].

المرحلة الثالثة: دخول الإسلام بلاد السودان، جنوب الصحراء الكبرى.

بعد المرحلة الأولى، والتي كانت عبارة عن هجرة وفرار من جور وظلم قريش لمن أسلم واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي حدثت تقريبا في السنة الخامسة من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت بأمر وتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تلتها فتوحات إسلامية نحو شمال القارة الإفريقية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وعمر بن العاص وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد، وخلالها توطد الإسلام، وترسخ  بربوع هذه الجهات، ومنه ستمتد جذوره، نحو الأقاليم التي تحت الصحراء الكبرى، إفريقيا  الغربية الجنوبية  والوسطى، وكان ذلكم عبر ممرات، وانطلاقا من دول كان قد تمكن منها الإسلام، وقد تميزت هذه المرحلة بكونها مرحلة تكونت فيها الاتجاهات الفكرية، والتي منها:  المذاهب الفقهية والعقدية والسلوكية، وبرزت وانتشرت، ووثقت وحددت معالمها ومناهجها في مؤلفات.

فيتميز دخول الإسلام وانتشاره في إفريقيا جنوب الصحراء في المرحلة الثالثة، كونه متكامل التوجهات، من حيث أركانه الأساسية وتوجهاته الفكرية، ساعد على ذلك تحركات القوافل التجارية من الشمال نحو الجنوب، والتي كانت مزدهرة قبل ظهور الإسلام وازدهرت مع انتشار الإسلام.

فيؤكد الدكتور أحمد شلبي، أن الإسلام والتجارة أصبحا معا يرتبطان إلى حد كبير، وكان التجار إلى جانب مزاولة البيع والشراء مع الأهالي، يقومون بنشر الإسلام، متخذينه أساسا في تعاملاتهم، وكان سلوكهم وأمانتهم تجذب الأهالي لهذا الدين [4].

وتميزت هذه الفترة، أن أصبحت دول إفريقيا الشمالية المتوسطية يطلق عليها مصطلح المغرب العربي، ذلكم لأنها كانت – في أغلب أوقاتها – عبارة عن قطعة واحدة، تجمعها اللغة والدين والعادات والتقاليد، فلغتها العربية ودينها الإسلام ومذهبها الفقهي مالكي، وعقيدتها سنية أشعرية، وتصوفها سني، وسياستها موحدة، وحاكمها واحد، تمت توليته عن طريق البيعة. وعاصمتها في أغلب فتراتها إما فاس أو مراكش.

واعتبارا لهذا، سنرى بأن أغلب تحركات ما وراء جنوب الصحراء، كانت تحت إشراف ورقابة عاصمة الخلافة الإسلامية –مدينة فاس– وأغلب الرحلات الإفريقية الجنوبية التي كانت نحو الشمال، كانت تقصد مدينة فاس أو مراكش- كما سنبين بعد-.

كما زاد من تماسك وحدة إفريقيا الشمالية – المغرب العربي – وحدة المذهب الفقهي المالكي، والعقيدة الأشعرية، والتصوف السني. وبرزت هذه العناصر الثلاثة فيه كثوابت دينية أساسية في تماسك الأمة، وستنتقل إلى بلدان إفريقيا الجنوبية، أو ما يسمى بالسودان الجنوبي، وتنتشر انتشارا واسعا، وعلى الخصوص في عهد الدولة المرابطية، والموحدية، والدولة المرينية، والدولة السعدية، وستستمر إلى عهد الدولة العلوية. فمتى دخلت هذه الثوابت أفريقيا المغرب العربي؟

وكيف انتقلت وانتشرت جنوب أفريقيا؟ ومن هم أهم رجالاتها الأفارقة المغاربة والسودانيين؟ ذلكم هو محو القسم الثاني.

القسم الثاني: التواصل العلمي والاجتماعي والتجاري بين البلدان الإفريقية ودوره في تكوين الهوية الإفريقية وترسيخ الثوابت الدينية المشتركة.

وهو يشتمل على مبحثين:

المبحث الأول: التواصل العلمي والاجتماعي والتجاري بين بلدان شمال إفريقيا وجنوبها ودوره في تكوين الهوية الإفريقية .

المبحث الثاني: ترسيخ الثوابت الدينية الإفريقية المشتركة، وهي تشتمل على فقرات ثلاث.

الفقرة الأولى: ثابت المذهب الفقهي المالكي.

الفقرة الثانية: ثابت العقيدة الأشعرية

الفقرة الثالثة: ثابت التصوف السني.

جل المصادر التاريخية، تؤكد أن دخول هذه الثوابت، وترسيخها في البلدان الإفريقية، كان على مراحل، فأول ما دخل شمال إفريقيا، قبل أن ينتقل إلى جنوبها، ثابت المذهب الفقهي المالكي، ثم بعده ثابت العقيدة الأشعرية، ثم ثابت السلوك أو التصوف السني، وكل منها، كان تحت مباركة ورعاية خليفة الأمة، والتي تجسدها إمارة المؤمنين.

كما شكلت هذه الثوابت الثلاثية، حواجز وحصانة أمنية من كل التيارات المتشددة المتطرفة أو المنحرفة، بفضل ما تتميز به من خصائص ومميزات، وساهم في نقلها إلى باقي بلدان إفريقيا الشرقية والوسطى والغربية تواصل اتخذ أشكالا متنوعة، منها: التواصل العلمي والاجتماعي والتجاري، مما سنبينه في التفصيل التالي:

المبحث الأول: التواصل العلمي والاجتماعي والتجاري بين شمال إفريقيا وجنوبها ودوره في تكوين الهوية الإفريقية

تحدث ابن بطوطة في رحلته، والسعدي في تاريخه، وكذا ابن خلدون والعمري في مسالك الأبصار وغيرهم، عن العلاقات المتنوعة التي سادت بين دول شمال إفريقيا وجنوبها، وعلى الخصوص إفريقيا الغربية، وما ساد فيها من إمبراطوريات إسلامية شاسعة، مثل: مالي وصنغي وحكامها المشهورين، وما نسجوه من علاقات مع بلدان إفريقيا الشمالية، و كلهم نوه بأهمية مدينة فاس وامتيازاتها  على غيرها من مدن بلدان شمال إفريقيا وقتها، وكذا بالتواصل الذي كان بين ملوك مماليك إفريقيا الغربية، وسلاطين الدولة المغربية بالشمال .

فالجميع يؤكد، أنه إذا كانت طريق التقوى والورع، تنتهي بالسودانيين إلى مكة المكرمة، فإن طريق العلم، كانت تنتهي بهم إلى مدينة فاس، والمؤرخ السعدي يثبت، أن المصادر تحتفظ لنا بأسماء شخصيات قصدت فاس، منها: الكاتب الخاص للملك منسا موسى [5]، الذي كان يتولى وظيفة كتابته الخاصة، الذي أرسله إلى مدينة فاس لطلب العلم والفقه المالكي على يد كبار الفقهاء الفاسيين[6].

ويذكر السعدي أن الكاتب الخاص للسلطان لمنسا موسى، كانت له علاقة وصداقة خاصة مع الفقيه عبد الله البلبالي خلال وجوده بمدينة فاس، وأنه حين ولى راجعا لمالي اصطحبه معه إليها، وسكن معه بمدينة تنبكتو، وكان الفقيه عبد الله البلبالي أول من تولى إمامة المسجد الجامع من المغاربة.[7] والغالب على الظن أن يكون هذا الفقيه الفاسي، قد ساهم وبنصيب كبير في نشر المذهب المالكي، والعقيدة الأشعرية والتصوف السني بتنبكتو والأماكن المجاورة لها.

ويذكر ابن بطوطة، أن من بين الفقهاء المغاربة الذين سيلعبون دورا كبيرا في نشر الثقافة ذات المشرب المغربي، الشيخ  الفقيه أبو عباس سعيد الدكالي، الذي أقام بمملكة مالي مدة طويلة، وكان يشغل فيها منصب القضاء بالعاصمة، أيام السلطان منسا موسى، وكذلك الفقيه القاضي أبو عبد الله محمد بن وانسول، الذي تولى خطة القضاء في مدينة جاوا، وغيرهم كثير من الفقهاء المغاربة الذين سيكون لهم دور في تكوين الهوية الإفريقية ،  وترسيخ الثوابت الدينية المشتركة، ذات المشارب المغربية، ووجد هذا دعما قويا من السلطة الحاكمة، وعلى الخصوص في عهد السلطان منسا  موسى والذي كان مالكيا سنيا، وسيستمر هذا في عهد أخيه السلطان منسا سليمان المتوفى 761هـ/ 1360م.

ففي عهد السلطان منسا سليمان، كثر الفقهاء المغاربة من فاس بتمبكتو وغيرها من مدن مملكة مالي ، حيث قام هذا الأخير بدعوة العديد من الفقهاء إلى مالي، ودعم هذا التوجه سلاطين الدولة المغربية وعلى الخصوص الدولة المرينية، وبمبادرته  الرائدة هذه أسهم في دعم ونشر وترسيخ الثوابت الدينية المغربية المشرب في مملكة مالي الكبرى، حيث نزح العديد من الفقهاء من مدينة فاس إلى امبراطورية مالي، ويؤكد هذا، ابن بطوطة في رحلته، ويسجل أنه التقى بالعديد من الفقهاء المغاربة أثناء رحلته إلى مالي.[8] وبالتأكيد سيساهمون في إغناء حلقات الدروس الفقهية المالكية والعقدية  الأشعرية، والسلوكية السنية، من خلال ما يحملون معهم من مراجع وأصول علمية.

كما كان للعلاقات السياسية بين سلاطين مالي والمرينيين، أطيب الأثر في دعم الصلات الثقافية بين الدولتين، واستمرت العلاقات الودية بين مالي والمرينيين في تفاعل مستمر، فخرج ابن بطوطة من فاس، متوجها إلى مالي عام 752هـ/1352م وصادفت وفاة السلطان المريني أبي الحسن، وجوده في مالي، فحضر مراسم عزاء أبي الحسن الذي نظمه منسا سليمان، ترحما على روح السلطان المغربي، وكان هذا منه تقديرا واعتبارا لمكانته العظيمة عنده، وقوة صلته به.[9]

وقد استغل حكام دولة مالي الإسلامية تلك العلاقات الطيبة في دعم الحياة الدينية والثقافية في دولتهم، فأوفدوا طلاب العلم إلى فاس عاصمة المرينيين، وخاصة إلى جامع القرويين، وجميع المدارس المرينية بفاس، فكان تكوين فئة عريضة من طلاب مالي بفاس عاملا قويا ساهم في تكوين الشخصية الإفريقية المتشبعة بالثوابت الدينية المغربية، والعمل على نشرها والدفاع عنها،  إلى جانب طبقة الفقهاء المغاربة الذين رحلوا إلى هناك بطلب من سلاطين المماليك الإفريقية.

المبحث الثاني: ترسيخ الثوابت الدينية الإفريقية المشتركة، وهي تشتمل على فقرات ثلاث

الفقرة الأولى: ثابت المذهب الفقهي المالكي

ينسب المذهب المالكي إلى الإمام أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي تـ 179هـ/ 795م عالم المدينة ومؤسس المذهب المالكي. قال عنه سفيان بن عيينة: “مالك عالم أهل الحجاز”. وقال الإمام الشافعي: “إذا ذكر العلماء فمالك النجم”.[10]

كان حافظا للحديث الشريف وعالما به، إماماً في نقد الرجال، لا يروي إلا عمن هو ثقة عنده، وكان بارعاً في الفقه، لم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبهه. وقد كان للبيئة التي عاش فيها الإمام مالك، أثر في تكوينه العلمي ؛ فالمدينة المنورة موطن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومجمع الصحابة والتابعين من بعده فيها سن الله لرسوله سنن الإسلام وشريعته، وإليها كانت الهجرة إلى الله، وبها كان كبار الصحابة من الأنصار والمهاجرين، وهم أكثرهم عددا، وأوسعهم علما، وأعلمهم بسلوك نبيهم، فتأثر مالك بآرائهم وأفكارهم، وحفظ فتاواهم ومسائلهم، وتعرف على أقضيتهم وأحكامهم، وكان حريصا على الأخذ بما يجري في بلده يعطيه الأهمية القصوى، ويرى حجيته في الأحكام التشريعية العملية إذ كان يرى سلوك أهل المدينة، مأخوذا من سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالاقتداء بهم، وحديثهم أصح الأحاديث[11].

من توقيره للعلم أنه كان لا يحدث إلا على طهارة، ولا يكتب حديثا وهو واقف، كما كان لا يفضل على المدينة بقعة سواها.

له مؤلفات، أشهرها كتابه الموطأ، وهو كتاب حديث وفقه، ويعتبر من أهم مؤلفاته وأجل آثاره، كتبه بيده خلال مدة أربعين سنة ونيف، وقد طبقت شهرته الآفاق واعترف له الأئمة بالسبق على كل كتب الحديث في عهده، وبعده إلى عهد الإمام البخاري. وفيه قال الإمام الشافعي: ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك” [12].

وقال الإمام البخاري:” أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر ” وكان يسمي هذا الإسناد بسلسلة الذهب، وكثيرا ما ورد هذا الإسناد في الموطأ. وقال القاضي أبو بكر بن العربي المعافري الإشبيلي في شرح الترمذي:” الموطأ هو الأصل واللباب، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهما بني الجميع كمسلم والترمذي [13]. ومن خصوصيات المذهب وإمامه، نذكر ما يلي:

  • أن الإمام مالك ورد في شأنه حديث عالم المدينة.
  • رحابة صدر الإمام مالك، وانفتاحه على غيره من المذاهب الفقهية، والشرائع السماوية السابقة.
  • قابلية المذهب المالكي للتطور والتجديد ومواكبة العصر، بفضل كثرة ونوعية مصادره المعتمدة في استنباط الأحكام.
  • المرونة في معالجة كثير من القضايا الشائكة والحالات المستعصية.
  • الوسطية والاعتدال في أحكامه ومواقفه، وفي أصوله وفروعه.
  • البعد المقصدي والمصلحي في توجهاته في أحكامه.
  • الواقعية في نوازله في مختلف الأبواب.
  • مراعاة العادات والأعراف.

هذه الخصائص والمميزات، هي التي شجعت الأفارقة على قبوله مذهبا فقهيا لهم، كما شجعت على شد الرحال نحو بالمدينة المنورة لطلب العلم، وسماع الحديث عن الإمام مالك.

ومما تجدر الإشارة إليه، أن المذهب المالكي دخل إفريقيا خلال فترة مبكرة من تاريخه، وأثناء حياة الإمام مالك نفسه، وذلك على أيدي تلامذته من الطبقة الإفريقية[14]،وعلى أيديهم ستتكون مدارس مالكية إفريقية، وستساهم كل منها في نشر المذهب المالكي، بنسب متفاوتة، وحسب صلات التواصل الثقافي والتجاري والاجتماعي التي كانت بينها، وهذه المدارس ثلاث، هي مرتبة حسب تاريخ دخول المذهب إليها:

الأولى: المدرسة المالكية المصرية.

الثانية: المدرسة المالكية القيروانية – التونسية –

الثالثة: المدرسة المالكية الفاسية – المغربية –

  • المدرسة المالكية المصرية:

تشكلت هذه المدرسة، من تلامذة الإمام مالك المصريين الأوائل، ومن أهمهم:

أ/ عبد الرحيم بن خالد (ت 163 هـ): وهو أبو يحيى، عبد الرحيم بن يزيد الجمحي، كان من أقران ابن أبي حازم ونظرائه، وعنده تفقه ابن القاسم بمصر قبل رحلته إلى الإمام مالك، وكان قد جمع بين الزهد والعلم، وكان الإمام مالك معجبا به، قال الدارقطني: “عبد الرحيم وعثمان بن الحكم أول من قدم مصر بمسائل مالك”[15].

ب/ عبد الرحمن بن القاسم العتقي المتوفى 191ه وهو يعتبر من أول تلامذة الإمام مالك الإفريقيين المصريين، وأثبتهم في فقهه، وقد طالت صحبته له، ولم يخلط ويشرك علمه بغيره، وقد قال فيه الإمام مالك: مثله مثل جراب مملوء مسكا[16]

ج/ عبد الله بن وهب (ت 197هـ) وهو أبو محمد، عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري، القرشي، المحدث الفقيه الزاهد، طلب العلم صغيرا، وصاحب مالكا عشرين سنة (20)، وكان مالك يكتب إليه معبرا ب:” إلى فقيه مصر”، وتارة يقول: ” أبي محمد المفتي “، ولم يكن يفعل هذا بغيره. وكان صحيح الحديث، أخرج له الستة جميعا. ومن تصانيفه:” الموطأ الكبير، والموطأ الصغير، ومصنفاته في الفقه كثيرة[17].

د/ عثمان بن الحكم (ت 163 هـ): وهو عثمان بن الحكم الجذامي المصري، الفقيه صاحب الروايات المشهورة عن مالك، روى عنه نحو سبعة عشر حديثا، قيل: هو أول من أدخل علم مالك مصر[18].

ه/ أصبغ بن الفرج المتوفى سنة 225 هـ: وهو أبو عبد الله، ابن الفرج بن سعيد بن نافع المصري، قال القاضي عياض في المدارك: “كان قد رحل إلى المدينة ليسمع من مالك، فدخلها يوم مات، وصحب ابن القاسم وأشهب وابن وهب، وسمع منهم وتفقه بهم[19] “، كان من أفقه أهل مصر، ومن أعلم خلق الله كلهم برأي مالك.

وعليه تفقه كثير من المصريين، وكان ثقة صاحب سنة، ماهرا في فقهه، طويل اللسان، حسن القياس، من أهل التبيان والبيان “[20]

وقد لعبت هذه المدرسة المالكية الإفريقية المصرية، دورا كبيرا في نشر المذهب المالكي في أقصى شرق إفريقيا، أي السودان الشرقي. كما ستكون محطة استراحة وتحصيل، لأفارقة الغرب، القاصدين حج بيت الله الحرام.

  • المدرسة المالكية التونسية:

ومنهم تلامذته من القيروان: كالإمام علي بن زياد التونسي المتوفى عام 183هـ، وتذهب الروايات، أنه هو أول من أدخل المذهب المالكي وموطأ الإمام مالك القارة الإفريقية إلى القيروان، ومعه أيضا البهلول بن راشد المتوفى 183هـ وعبد الله بن فروخ المتوفى 176هـ وهو تلميذ الإمام أيضا، وأسد بن الفرات المتوفى 213هـ وغيرهم [21].

وسينتشر المذهب المالكي جنوب الصحراء الأفريقية في عهد المعز بن باديس المتوفى 454هـ حيث كانت له مع السودان أو إفريقيا الغربية مبادلات هدايا ومراسلات[22].

وقد نبغ في هذه المدرسة كبار علماء المالكية، منهم: مالك الصغير، الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني تـ 386 هـ صاحب المؤلفات والدواوين الفقهية الأمهات منها كتاب: النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات، وكتاب الرسالة الفقهية، عبارة عن مختصر فقهي لم يؤلف مثله.

  • المدرسة المالكية الفاسية:

دخلها مذهب الإمام مالك من الأندلس عن طريق تلميذ الإمام مالك عامر القيسي القرطبي الأندلسي فاستقبله الإمام المولى إدريس بن إدريس، وولاه منصب القضاء بين الناس، وفي هذا العهد سينتشر المذهب المالكي بأقصى الغرب الإسلامي الإفريقي، وسيتخذه إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مذهبا رسميا للدولة، وسيزدهر في عهد الفقيه دراس بن إسماعيل الفاسي المتوفى عام 357 هـ. وقد اعتبره مجموعة من الباحثين في تاريخ المذهب، أنه أول من أدخل المدونة الفقهية السحنونية مدينة فاس   [23].

وعلى العموم فهذه المدارس الفقهية المالكية الأفريقية الشمالية المتوسطية، كلها ساهمت في نشر الإسلام والمذهب المالكي في إفريقيا جنوب الصحراء، واعتبارا لكون الإسلام والمذهب المالكي وعقيدته الأشعرية انتشر أكثر في أفريقيا الوسطى والغربية عن طريق التجار، وشد الرحال للتحصيل أيضا، فإن أقرب نقطة لهذه الدول هي فاس بالمغرب الأقصى، وكانت وقتها تضم رقعة شاسعة تحت إدارتها ونفوذها، وعلى الخصوص في القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، وهو وقت قيام الدولة المرابطية [24]، هذه الدولة السنية المتمسكة بالمذهب المالكي، وقد نجحت في توحيد المغرب الأقصى ومد نفوذها نحو بلاد الأندلس وجنوب الصحراء الإفريقية  الكبرى، تلتها دولة الموحدين، ثم المرينيين، ثم السعديين،  كما شكلت تجارة الصحراء أهمية للمغرب الإفريقي في عهد المرابطين وبعدها  على مساحات واسعة من الصحراء مما أدى إلى استقرار الأوضاع السياسية في هذه البلدان، وأمن لدخول الإسلام والمذهب المالكي وعقيدته الأشعرية تحت إشراف خليفة المسلمين.

وإلى جانب هذا كله، لم يترك المسلمون مسؤولية نشر الإسلام في أفريقيا جنوب الصحراء بقسميها الوسطى والغربية للتجار المحترفين فقط، فإلى جانب انتشاره بشكل عفوي عن طريق التجارة، كانت هذه الحملات التجارية تضم أيضا مجموعة من العلماء المرافقين والفقهاء المتفرغين لنشر الإسلام والمذهب المالكي والعقيدة، ومع هؤلاء العلماء والفقهاء والتجار ستدخل المؤلفات الفقهية  المالكية وما تحمل من مضامين عقدية  وسلوكية دول جنوب صحراء إفريقيا الشمالية ، وفي هذا الوقت سيدخل المختصر الفقهي لابن أبي زيد القيرواني المتوفى عام 386هـ، وقد كان هو الكتاب الفقهي المعتمد في تلقين مبادئ الفقه المالكي لدى البلدان الإفريقية،  وما يحمل من مبادئ عقدية أشعرية في افتتاحيته، ومبادئ سلوكية في خاتمته – كما سننبه في المبحث الثاني – . وهنا سيظهر التأثير المغربي واضحا، وبالضبط لعلماء فاس، حيث يوجد جامع القرويين.

لقد كان للعامل الجغرافي، والمركز الثقافي الكبير للمغرب الأقصى، دورهما في توجيه المغاربة إلى بلاد إفريقيا الوسطى والغربية، لنشر الإسلام ومبادئه الأساسية.

فتحكي كتب التاريخ، ومنها كتاب: الاستبصار، عن تدفق الفقهاء المغاربة من أهل فاس إلى بلاد السودان الغربي زمن دولة مالي الإسلامية، بفضل تشجيع سلاطينها وعلى الخصوص زمن منسا موسى تـ 737هـ والذي عمل على استقدام مجموعة من العلماء منهم الفقيه عبد الله البلبالي من مدينة فاس، وكلفه بإمامة المسجد الجامع بتنبكتو، وكذلك الفقيه أبو العباس الدكالي الذي ولاه منصب القضاء في دولة مالي[25].

ويؤكد الرحالة ابن بطوطة هذه الحقائق في رحلته إلى مالي، وأنه شاهد بنفسه العديد من العلماء المغاربة في مدينة ولاتة منهم: الفقيه ابن بداء السلاوي، كما التقى بقاضي مدينة ولاته، وهو الفقيه المغربي محمد بن عبد الله بن ينومر، كما التقى بشيخ المغاربة في مدينة تكده، وهو الفقيه إبراهيم بن إسحاق وغير هؤلاء كثير حتى إن كثرة السادة الفقهاء المغاربة في دولة مالي تشكلت منهم أحياء خاصة وقف عليها ابن بطوطة تسمى:” محلة البيضان ” ويحكي ابن بطوطة أنه التقى بكبير الفقهاء المغاربة الشيخ محمد بن الفقيه الجزولي.[26]

كما يحكي الرحالة ابن بطوطة بأن امتداد الوجود المغربي استمر نحو مدينة جاو عاصمة دولة صنغي، يدل على ذلك، وجود مسجد بهذه المدينة يسمى: “مسجد البيضان ” إمامه مغربي هو الشيخ محمد الفيلالي، ووجد بها أيضا الفقيه محمد الوجدي التازي، كما أنه لم يقتصر الحضور المغربي على طبقة الفقهاء والعلماء فقط، وإنما وجدت بيوتات وأسر وعائلات مغربية من الأشراف السعديين [27].

ولقد  تعددت العائلات المغربية التي سكنت إفريقيا الوسطى والغربية، وكانت تشغل مناصب في غاية الأهمية،  فمنهم من يتولى القضاء مثل:  الفقيه القاضي أبو العباس الدكالي بعاصمة مالي، والقاضي عبد الرحمن بن أبي بكر بن الحاج في تنبكتو [28] ومنهم من يتولى الإفتاء، وآخرون يتولون الخطابة في المساجد، وبهذا التعدد والحضور في مختلف بلاد السودان الواقعة جنوب الصحراء،  سيكون للسادة العلماء والفقهاء دور بارز في ترسيخ ودعم انتشار الثوابت الدينية: المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني، وبهذا ستتأثر إفريقيا الوسطى والغربية بالنمط الثقافي المغربي، وسيتعزز هذا برحيل مجموعة من الطلبة الأفارقة للدراسة إلى بلاد المغرب، وعلى الخصوص إلى مدينة فاس العاصمة العلمية – كما نبهنا سابقا -، فيذكر السعدي أن الفقيه عبد الرحمن التميمي المكي الذي جاء إلى السودان بمالي مع منسا موسى أثناء عودته من رحلة حجه ليقوم بالتدريس في تنبكتو، أنه لما وصل مدينة تنبكتو وسكنها، وجدها حافلة بالفقهاء والعلماء المغاربة، الذين تفوقوا عليه، فاضطر الرحيل إلى فاس ليتفقه هناك [29]،  حيث يوجد أكبر مركز ثقافي بشمال أفريقيا،  هو جامع القرويين، ولأن أغلب مراجع الدراسة الفقهية بتنبكتو، كانت هي نفسها الفاسية  المغربية .

فيفيدنا أحمد بابا التنبوكتي في نيل الابتهاج، أن من أهم الكتب التي انتشرت في إفريقيا الغربية: كتاب صغرى السنوسي في التوحيد، وكتاب الشفا للقاضي عياض، ورجز المغيلي في المنطق، وشرح الخزرجية في العروض، ومدونة الإمام سحنون، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه، وجامع المعيار للونشريسي، ومختصر الشيخ خليل…وغيرها [30]

ويضيف المؤرخ السعدي، أنه فيما يخص انتقال الطلبة من إفريقيا الوسطى والغربية لبلدان المغرب، أن الفقيه القاضي كاتب منسا موسى الذي جلس للإمامة لمدة أربعين سنة، أنه من العلماء الذين رحلوا إلى فاس لطلب العلم بأمر من السلطان، وهذا شجع  مجموعة من الطلبة الأفارقة على شد الرحال نحو مدينة فاس لطلب العلم على فقهائها [31]، وكانت مناسبة لهم لجلب أمهات الكتب المراجع الأساسية في مختلف العلوم وعلى الخصوص كتب الفقه والحديث  التفسير والعقيدة والتصوف، ومعلوم أن أهم مراجع طلبة القرويين، كان من أهمها الأراجيز، لسهولة حفظها، ويأتي في مقدمتها منظومة ابن عاشر التي يفتتحها مؤلفها بالإشارة إلى الثوابت الثلاثة بقوله:

في عقد الأشعري وفي فقه مالك   ” ”    وفي طريق الجنيد السالك

لقد كان الطلبة والعلماء الأفارقة، يحفظون هذه الأبيات، ويتخذونها عنوانا لهويتهم الدينية وخصوصيتهم المذهبية، وصمام أمان من كل الانحرافات، وعناصر توازن لهم.

الفقرة الثانية: ثابت العقيدة الأشعرية

تنسب العقيدة الأشعرية  لمؤسسها الإمام أبو الحسن الأشعري تـ   – 324هـ / 936م وهو أحد أعلام أهل السنة والجماعة، وكنيته أبو الحسن ويلقب بناصر الدين، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل،  أبي موسى الأشعري[32]

كان من كبار الأئمة المجتهدين والمجددين الذين حافظوا على عقيدة المسلمين واضحة نقية، وتبعه جماهير العلماء على مرِ العصور والسنين،  حتى يومنا

الحاضر. وقد جعل هدفه الأسمى، توحيد كلمة المسلمين، على المنهج الوسطي المعتدل،  ورفض التطرف بكل أنواعه، وكان هذا من جملة أسباب التمسك بها، وانتشارها بجهات متعددة، فمتى دخلت العقيدة الأشعرية إفريقيا؟

لقد كان الأفارقة البيض المغاربة أول من سيأخذ بالعقيدة الأشعرية منذ اتصالهم بها في رحلاتهم لطلب العلم بالمشرق، وذلك لما رأوا في صاحبها أبي الحسن الأشعري من مناصرة العقيدة بالمنهج الحق.

فهذا أبو الحسن القابسي  تـ 403ه، كان قد خرج من تونس في اتجاه المشرق طلبا للعلم، فالتقى هناك بأشاعرة، أثروا فيه تأثيرا واضحا، واطلع على طريقة أبي الحسن الأشعري، معتبرا إياه واحدا من جملة القائمين بنصرة الحق [33] وبمجرد عودته إلى بلده، بدأ في نشر المذهب الأشعري، ودعوة الناس إلى اعتناقه والتمسك به، وابتداء من النصف الثاني من القرن الرابع الهجري، سيشهد الفكر الأشعري المغربي، تحولا نوعيا، مع ملاحظة أن المذهب الأشعري عرف في هذه المرحلة طابعا فرديا، يمثله أفراد عادوا من المشرق، وعملوا على نشره، لكن مع قيام الدولة الموحدية، سيعرف المذهب تغلغله وتفشيه الكبير، حيث سيصبح المذهب الرسمي لهذه الدولة الجديدة، ولباقي الدول التي ستتعاقب على الحكم في المغرب الإسلامي.

وتكاد تجمع المصادر التاريخية، على أن إرهاصات الفكر الأشعري، ظهرت في القرن الرابع الهجري. وبعض الدراسات تزعم أنه كان في حياة أبي الحسن الأشعري.

ولكن وبالتأكيد، أن هذا الفكر الأشعري، كان موجودا ومعروفا زمن المرابطين،[34] وقد دل على ذلك مساهمات من أرخ للفكر الأشعري بالمغرب، ومن ذلك ما أورده محمد بن تاويت الطنجي في تقديمه لكتاب ترتيب المدارك [35]، فيقول عن المدرسة الأشعرية المغربية أيام المرابطين: “هذه المدرسة المغربية كانت على علم تام بالجدل لمناظرة وأصول الدين، والكلام على مذهب أبي الحسن الأشعري، وإن كتب الأشاعرة في علم الكلام كانت معروفة بين رجال المغرب، يتدارسونها في كافة أنحاء المغرب..”[36].

ومن المغرب سينتقل المذهب الأشعري إلى جنوب الصحراء، نحو أفريقيا الجنوب غربية، ويأخذ مكانا محترما إلى جانب المذهب المالكي، وقد ساعد على قبوله، والتمسك بمضامينه التي امتازت بالوسطية والاعتدال، الملائمة للعقلية الإفريقية.فما هي مضامين هذه العقيدة الأشعرية ؟

يمكن تلخيص العقيدة الأشعرية، في بعض مضامين ما حوته المقدمة العقدية للرسالة الفقهية لابن أبي زيد القيرواني المالكي الأشعري، هي وليدة بيئة إفريقية قيروانية تونسية، وقد دلت الشهادات العديدة، والقرائن الكثيرة على صحة أشعريته، وأنه يعتبر من الطبقة الثانية من الأشاعرة، ذكره الإمام السبكي في طبقاته [37]. وقال القاضي عياض في المدارك: وذكره أبو بكر بن الطيب الباقلاني المالكي في كتابه، فعظم قدره، وشيخه، واستجازه ابن مجاهد وغيره من أصحابه البغداديين”[38].

وصرح الإمام الباجي في المنتقى، بأن ابن أبي زيد القيرواني والشيخ أبي الحسن القابسي، على مذهب أبي بكر الباقلاني المالكي الأشعري ” [39].

يقول – الإمام الباجي – في مكان آخر:” وكان الشيخ أبو محمد بن أبي زيد، والشيخ أبو الحسن علي بن محمد القابسي يتبعان مذهبه، وقرأ عليه القاضي أبو محمد عبد الوهاب بن نصر، وهو ممن أخذ عنه واتبعه، وعلى ذلك أدركت علماء شيوخنا بالمشرق، وأهل هذه المقالة هم الذين يشار إليهم بأنهم أهل السنة ”  [40].

ومن مجموع مبادئ العقيدة الأشعرية السنية نذكر ما يلي :

  • الذهاب في الاعتقاد إلى عدم تكفير مرتكب الكبيرة:

لقد ذهب السادة العلماء الأشاعرة إلى أن قضية التكفير لا يملكها أحد، ولا جماعة، ولا تنظيم، وإنما هي تسمية شرعية بحثة، ولها من الضوابط وتوافر الشروط، وانتفاء الموانع، ما يحصرها في أضيق الدوائر والحدود التي تدرأ بالشبهات، ثم هي منوطة بالقضاء، وبأولي الأمر، ولا يسارع إليها إلا الجهلة من الناس.

يقول أبو الحسن الأشعري في الإبانة:” ونرى بأن لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب يرتكبه، كالزنا والسرقة وشرب الخمر، كما دانت بذلك الخوارج، وزعمت أنهم كافرون “[41] . وقال أيضا في مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين:” من صلى إلى قبلتنا، فهو منا ولا نكفره “[42].

وقال ابن أبي زيد في مقدمته العقدية بمختصره الفقهي: “وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة “[43].

وقد ذهب الأشاعرة إلى الرأي الوسط، وهي ميزة، وقالوا: إن مرتكب الكبيرة، ليس بكافر إذا كان من أهل التوحيد والإخلاص، بل هو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، وهو تحت مشيئة الله عز وجل، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه في النار، على ما كان منه، ثم يخرجه منها، فلا يخلد فيها. لقوله تعالى ” إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء “[44]. فهذه هي عقيدة الأشعري، وفتوى الفقيه المالكي.

  • توقير الخلفاء الأربعة، وسائر الصحابة:

فيسجل لمنهج السادة علماء الأشاعرة في حق الصحابة، أنه عدل ووسط؛ فلم يعتقدوا العصمةَ لأحد منهم، ولم يكفروا أحدا منهم، ولم يتبرؤوا منهم، بل أنزلوهم منازلَهم التي يستحقونها؛ فأحبوهم، ووالوهم ودعوا لهم، وترضوا عنهم، ولم يقعوا في عرض أحد منهم أو ينتقصوه، ويعتقدون أنهم خير الناس بعد الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام –

ولذلك ركز عليه السادة المالكية في مقدماتهم العقدية المختصرة بالكتب الفقهية، اقتداء بأبي الحسن الأشعري، قال ابن أبي زيد:” وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، ويجب أن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب ” 21. وهذا نفسه، هو الذي سيتردد في مقدمات كتب فقهية مالكية أخرى.

  • منع الخروج على الإمام والدعاء له، والإقرار بإمامته.

وهذا المبدأ، هو اعتراف بإمارة المؤمنين، ووجوب الالتزام بالبيعة والاستقامة على شروطها، وفيه تعزيز للمواطنة وتربية على التعايش الداخلي، وتمتين روابط الاتصال والعلاقة بين الراعي والرعية، للحفاظ على الاستقرار والأمن الداخلي. يقول مؤسس المذهب الأشعري الإمام أبو الحسن: “ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح، والإقرار بإمامتهم، وتضليل من رأى الخروج عليهم، إذا ظهر منهم ترك الاستقامة” [45]

وهو الذي نبه عليه ابن أبي زيد في الرسالة، قال:” والطاعة لأئمة المسلمين من ولاة أمورهم وعلمائهم…. والاستغفار لهم “[46]

  • ترك المراء والجدال في الدين:

فترك المراء والجدال في الدين، من مزايا العقيدة الأشعرية، وهي أمان من نشوب فوضى الاختلاف، وما يترتب عليها من شقاق وتشتت للكلمة وفرقة واقتتال.  فقد  رسمت الرسالة الفقهية عناصر أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، الشأن فيها، أن تساهم في التعايش، والأمن العام وسط السادة المالكية، فقد ختم الشيخ أبو محمد بن أبي زيد القيرواني مقدمته العقدية بقوله:” ويجب أن لا يذكر أحد من صحابة الرسول إلا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب، والطاعة لأئمة المسلمين، من ولاة أمورهم وعلمائهم، واتباع السلف الصالح، واقتفاء آثارهم والاستغفار لهم، وترك المراء والجدال في الدين، وترك كل ما أحدثه المحدثون[47]

ولذلكم كانت الرسالة الفقهية لابن أبي زيد، من أوائل الكتيبات الفقهية التي دخلت الدول الإفريقية الجنوبية، كمرجع أساسي من المراجع الفقهية العقدية لدى المبتدئين.

الفقرة الثالثة: ثابت التصوف السني.

تؤكد كتب التاريخ وكذا كتب الطبقات الصوفية، أن من المغرب الإفريقي بالشمال  ستمتد الطرق الصوفية نحو إفريقيا السوادين الجنوبية، وستنتشر في أغلب بلدان إفريقيا الغربية ، وتتفرع عنها زوايا كثيرة لطرق متعددة، يغلب عليها الطابع والمشرب المغربي، ساهمت جميعها في الحفاظ على الأمن الروحي لساكنتها، وربطت المغرب الأقصى بأشقائه في جنوب غرب إفريقيا ووسطها وشرقها برابط روحي متين، امتد عبر العصور، ولا زال يلعب دوره في ربط الماضي بالحاضر، هذا الرابط الذي أصبح ثالث الثوابت الدينية الإفريقية المشتركة، يؤلف بين المغرب والبلدان الإفريقية، من خلال إمارة المؤمنين ورمزيتها.

وتسجل كتب التاريخ، ومنها المؤلفات الإفريقية مثل: كتاب فتح الشكور للولاتي، أن من أوائل الكتب ذات النفحة السلوكية الصوفية التي دخلت إفريقيا جنوب الصحراء في وقت مبكر، كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض[48] المتوفى عام 544 ه.

ثم بعد هذه المرحلة سيظهر علم التصوف واضحا مستقلا في مؤلفات،  يتزعمه مشايخ ، ومن أوائل الطرق الصوفية التي ظهرت ونضجت بالمغرب، وانتشرت شمال إفريقيا، ثم امتدت نحو جنوب الصحراء بأفريقيا الوسطى والغربية، وحتى الشرقية، هي  الطريقة:  الشاذلية التي تنسب إلى أبي الحسن علي بن عبد الله الشاذلي المغربي المتوفى عام 656هـ /1258م وهو تلميذ عبد السلام بن مشيش في المغرب أيضا، وكان له أكبر الأثر في حياته العلمية والصوفية، وانتشرت هذه الطريقة بشمال إفريقيا في وقت مبكر، حياة مؤسسها، ثم ستنتقل إلى إفريقيا الشرقية والوسطى والغربية، وكانت من أوائل الطرق المغربية التي دخلت إفريقيا الكبرى.

وكان إلى جانبها، الطريقة القادرية، التي تنسب للشيخ عبد القادر الجيلاني المتوفى عام 561هـ وقد دخلت المغرب في القرن السادس الهجري، ومع أن الطريقة القادرية ذات أصل مشرقي، فإنها اتخذت بعد وصولها المغرب، خصائص محلية مغربية، ومن أرض المغرب تمددت لتصل بإشعاعها إلى بلدان أفريقيا، ومنها الطريقة الكنتية التي تنسب لمؤسسها المختار الكنتي المتوفى عام 1811م، وستنتشر بإفريقيا خلال القرنين: 18و19 م.

تلت الطريقة القادرية، الطريقة الجزولية نسبة للشيخ محمد بن سليمان بن أبي بكر الجزولي السملالي الحسني المتوفى ببلده بالسوس عام 870هـ / 1465م. وهو مؤلف كتاب دلائل الخيرات، وهو كتاب أذكار وتصليات على النبي – صلى الله عليه وسلم -، وقد لقي قبولا متميزا، فانتشر انتشارا واسعا في إفريقيا، وأصبح مائدة مجالس الأذكار والتربية الروحية الإفريقية، ووردا من أوراد الطرق الصوفية بمختلف أنواعها.

ومن بين الطرق الصوفية ذات المشرب المغربي، والتي أثرت بعمق في الإسلام الإفريقي، نجد الطريقة التيجانية، التي تنسب لمؤسسها أبي العباس سيدي أحمد التيجاني المتوفى عام 1230هـ / 1815م،  وهي  تعد من أكبر الطرق الصوفية التي عرفت انتشارا في عموم إفريقيا، ابتداء من القرن التاسع عشر، وأهمها أتباعا وفروعا وشهرة، لما لها من مكانة ونفوذ،  في مختلف دول غرب إفريقيا، وعلى الخصوص، في: السنغال، ومالي، وغينيا، والكوت ديفوار، وبوركينا فاصو، والنيجر، ونيجيريا، وتوغو، وغانا، والبنين، والسودان، وغيرها.

ولا أحد يخالف، في أن من العوامل الرئيسة التي انتشر بها الإسلام في أفريقيا، مذهبا وعقيدة، وعلى الخصوص في وسطها وغربها، من يوم فجره إلى اليوم، هو التصوف الإسلامي الذي يدعو إلى تزكية النفس بالخلق النبيل،

وتميز هذا التصوف الإفريقي المغربي المشرب، كونه ارتبط بالفقه المالكي، حتى أصبح من الصعب التمييز بينهما، ولقد كان للكتاب الفقهي المالكي، والذي عادة ما يختم بكتاب الجامع، تأثير قوي في التنبيه إلى الجانب الروحي السلوكي.

فلا تصوف بدون فقه، ولا فقه دون تصوف، وهذا يدل على أن المدرسة الصوفية المغربية، ظلت محصنة بالفقه المدني، للحيلولة دون أي اختراق يسعى إليه الفكر الصوفي المتطرف، أو الفلسفي.

وفي هذا الصدد يقول الشيخ زروق الفاسي المغربي: ” الفقه والتصوف شقيقان في الدلالة على أحكام الله وحقوقه، فلهما حكم الأصل الواحد في الكمال والنقص، إذ ليس أحدهما بأولى من الآخر في مدلوله “.

وعلى العموم، فلقد ترسخت هذه الثوابت الدينية المشتركة الثلاثة، – اليوم – بأغلب بلدان قارتنا الأفريقية الكبرى، عن حب فيها وطواعية واختيار، وأصبحت أنموذجا في التعايش السلمي بين أفراد المجتمع الواحد، وساهمت في غرس مبدأ الوسطية والاعتدال، ومد جسور التعاون بين بلداننا الأفريقية، ومكنت من زرع بذور التسامح، والحوار بدون جدال أو مراء، وشكلت صمام آمنان، من كل الآفات أو الانفلات. والحمد لله الذي بفضله ونعمته تتم الصالحات.

الدكتور حميد لحمر أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس


الهوامش

[1] – انظر كتاب الإسلام والمجتمع السوداني، امبراطورية مالي صفحة 57. طبع المجمع الثقافي أبو ظبي الإمارات العربية 1990م

[2] – وهي التي تضم اليوم كل من: إيريتريا، وأثيوبيا والصومال وكينيا وتنزانيا وأوغندا وجيبوتي  وموزمبيق ومدغشقر وملاوي وزامبيا وزيمبابوي وبوروندي ورواندا وجزر القمر وموريشيوس

[3] – انظره تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار لأبي عبد الله بن محمد البكري صفحة: 123-124.

[4] – انظر موسوعة التاريخ الإسلامي للدكتور أحمد شلبي صفحة 204 مكتبة النهضة المصرية 1973م . وانظر أيضا انتشار الإسلام في القارة الأفريقية للدكتور حسن إبراهيم حسن صفحة 73 مكتبة النهضة  المصرية 1964م .

[5] – منسا موسى هو ملك مملكة مالي تـ 737هـ /1337م اكتسب شهرة عظيمة، وقد وصلت مالي في عهده إلى قمة مجدها وقوتها واتساعها، وامتدت حدودها من بلاد التكرور غربا عند شاطئ المحيط الأطلسي إلى منطقة مناجم النحاس في تكده مركز القوافل شرقي النيجر، كما انتعشت التجارة في عهد منسا موسى وأصبحت أسواق مالي من أهم أسواق السودان الغربي كله، وقد كتب عنه ابن بطوطة ومحده كثيرا  “انظر كتاب تاريخ الدول الإسلامية السودانية صفحة: 106.

[6] – انظره في تاريخ السودان للسعدي صفحة 58 .وكذلك في فتح الشكور للوتلي واللولاتي صفحة 158-159.

[7] – انظره في تاريخ السودان صفحة 57.

[8] – انظر: رحلة ابن بطوطة: صفحة 647-677 مسالك الاستبصار للعمري صفحة 59.، وكذا تاريخ السعدي: صفحة 27

[9] – انظره في تاريخ السودان للسعدي صفحة 58

[10] -انظر محاضرات في تاريخ المذهب المالكي بالغرب الإسلامي للدكتور عمر الجيدي المقدمة: 15

[11] – انظر ترجمته في ترتيب المدارك للقاضي عياض:1/104 وكذا كتاب الانتقاء لابن عبد البر القرطبي: صفحة 10

[12] – انظره في كتاب التمهيد لما في اتلموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر:1/76 وكتاب ترتيب المدارك: 2/70

[13] – انظره  في عارضة الأحودي بشرح الترميذي لأبي بكر بن العربي: 1/5

[14] -انظر المذهب المالكي في السودان الغربي، مجلة الوقائع التاريخية مركز البحوث و الدراسات التاريخية، جامعة القاهرة صفحة 53 السنة 2006

[15] – ترتيب المدارك: 3/54.

[16] – انظره في ترتيب المدارك: 2/565 و الديباج المذهب لابن فرحون صفحة 242

[17] – انظر ترجمته في: ترتيب المدارك: 3/228 و الديباج المذهب: 132، و الانتقاء لابن عبد البر: 92، و طبقات الفقهاء: 150، ووفيات الأعيان:2/18.

[18] – ترتيب المدارك:3/52 و الديباج المذهب:187

[19] – انظر ترتيب المدراك: 4/17.

[20] – انظر: ترتيب المدارك: 4/17و الديباج المذهب: 97، و شجرة النور الزكية:1/66

[21] – طبقات علماء إفريقية و تونس لأبي العرب التميمي تحقيق علي الشامي  و نعيم حسن صفحة 112   طبع الدار التونسية 1985م  و انظر أيضا

[22] – انظر البيان المغرب في أخبار الأندلس و المغرب لابن عذارى المراكشي صفحة 105 و الإدريسي في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق  صفحة: 120-121 مطبعة بريل مدينة ليدن هولندا 1863م

[23] – انظره في محاضرات في تاريخ المذهب المالكي للدكتور عمر الجيدي  صفحة 24-26 طبع عكاظ مطبعة النجاح البيضاء 1987م

[24] – انظر فيام الدولة المرابطية  لحسن أحمد محمود  3/371-402 النهضة المصرية ، القاهرة  1957م

[25] – انظر كتاب درر الفوائد المنظمة في أخبار الحاج و طرق مكة المعظمة  لعبد القادر بن محمد الجزيري  صفحة 667 الطبعة السلفية القاهرة عام 1384ه  و كتاب الحركة العلمية و الثقافية و الإصلاحية في السودان الغربي  لأبي بكر إسماعيل صفحة 33 مكتبة التوبة الرياض 1977م .

[26] – انظر التفاصيل في رحلة ابن بطوطة صفحة: 661-665-667-677

[27] -انظر رحلة ابن بطوطة صفحة: 679. و تاريخ السودان للسعدي: صفحة: 50-51

[28] – انظر كتاب تاريخ السودان للسعدي صفحة: 28  و فتح الشكور للبرتلي صفحة: 88.

[29] – انظره في تاريخ السودان للسعدي صفحة: 51.

[30] – انظره في نيل الابتهاج بتطريز الديباج  صفحة 601. و كذا تاريخ السودان: صفحة:38-45-49-

[31] -انظره في تاريخ السودان صفحة 57 وكذا في كتاب الإسلام والمجتمع السوداني لأحمد شكري صفحة 221.

[32] – انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 15/86

[33] – انظر تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى أبي الحسن الأشعري لابن عساكر الدمشقي   صفحة 123 دار الكتاب العربي  بيروت 1984م.

[34] – انظر كتاب العبر: 6/226-229

[35] – في تقديم المحقق بترتيب المدارك الجزء الأول

[36] -انظر مقدمة المحقق

[37] – انظر طبقات ابن السبكي:3/368

[38] – انظره في المدارك: 6/216-217

[39] -انظره في المنتقى شرح الموطأ  لأبي الوليد الباجي 7/204 باب النهي عن القول بالقدر  .

[40] – انظره المصدر السابق

[41] – انظره في كتاب الإبانة:10

[42] – انظره في: 86

[43] – انظره في الرسالة الفقهية صفحة:21

[44] ) سورة النساء: الآية 115 .

[45] – انظره في الإبانة صفحة:12

[46] – انظره في الرسالة صفحة:21

[47] – انظر الرسالة الفقهية الصفحة رقم: 21

[48] – انظره في فتح الشكور للولاتي صفحة 177