كلمة الأستاذ أحمد التوفيق خلال افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة

كلمة الأستاذ أحمد التوفيق خلال افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة

الأستاذ أحمد التوفيق الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية
الأستاذ أحمد التوفيق الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة

 

كلمة الأستاذ أحمد التوفيق خلال افتتاح الدورة العادية الثالثة للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة الذي انعقد بفاس يومي الثلاثاء والأربعاء 20 -21 ربيع الثاني 1441هـ، الموافق لـ 17 – 18 دجنبر 2019م.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى آله وصحابته الأكرمين.

أيها السادة الأفاضل والسيدات الفضليات، رؤساء مكاتب فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة وأعضاؤها في اثنين وثلاثين بلدا من البلدان الإفريقية.

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

بإذن من أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله، تجتمعون في هذه الدورة العادية الثالثة، حول جدول أعمال اقترحتموه، وافق عليه جلالته، وإذ أرحب بكم أعبر أمامكم عن عظيم الشكر لله تعالى على ما وفق وبارك من سير هذه المؤسسة قُدُما نحو الأهداف المرسومة في النصوص المحدثة لها، والتي على أساسها انخرطتم فيها، وهي على الإجمال التعاون بينكم وبين إخوانكم من علماء المملكة المغربية على البر والتقوى في ما ينفع أهل البلدان الإفريقية من جهة، وما ورثتموه، أنتم العلماء والعالمات، عن الرسول الأكرم، عليه أفضل الصلوات وأزكى السلام، ألا وهو تبليغ أحكام هذا الدين الحنيف ومكارمه وقيمه، في ما يدفع عن البلدان الفتن، وعلى رأسها فتنة الدين المتمثلة في الغلو والتطرف، ومنطلقنا في العمل ما هو مشترك بيننا من الثوابت ولاسيما في العقيدة والسلوك.

واسمحوا لي في افتتاح هذا الاجتماع للمجلس العام لرؤساء مكاتب الفروع وأعضائها أن أبدي إشارات استوحيتها من الاجتماع في الرباط مع السادة الرؤساء، يتعلق بعضها بمبادئ لا نمل من إعادة التذكير بها، ويتعلق بعضها بمنهج تمكين المؤسسة على أرض البلدان الإفريقية، وبعضها الآخر يتعلق بعمليات بعينها، وردت كمقترحات في برنامج عمل اللجان برسم العام القادم، سينظر فيها اجتماعكم خلال يومين فيزيد عنها وينقص بحسب المطلوب والممكن والمأمول. إنها إشارات مقتضبة عشر هي كالآتي:

  1. وجوب الاشتغال على بينة من وضوح الأهداف وتزايد اليقين بضرورة قيام المؤسسة والحاجة إليها والانتظارات التي خلقها قيامها وما يمكن أن تحققه بعزمها وإرادتها أكثر من وسائلها، فرصيد المؤسسة هو القيمة البشرية والروحية لأعضائها، بما يبلغونه ويحملونه للناس من الكلمة الطيبة والتعاون مع الفضلاء في جميع الخيرات.
  2. العزم على المرور في الإنجاز إلى ما بعد مرحلة التأسيس، وذلك بعمليات على صعيد المؤسسة عامة، منها ما هو مسجل في جدول أعمال هذه الجلسة، ومنها ما هو خاص بكل بلد، حسب ما يتفق عليه مجلس رؤساء الفروع وأعضائها؛
  3. مراعاة تفاوت الوضع في البلدان، حيث ينبغي أن يكون الالتزام بالأهداف عاما والتمسك بخصوصيات كل بلد من البلدان، ولاسيما في ما يتعلق باحترام المؤسسات المحلية والقواعد الجارية؛
  4. تسجيل بما ورد في ملاحظات بعض الرؤساء من ترحيب مختلف الأطياف بالمؤسسة؛ فإذا كنا قد أكدنا غير ما مرة على وجوب الاحتياط في التعامل والتفاهم مع جميع الفرقاء والفعاليات على صعيد كل بلد حتى يفهم الناس أهداف المؤسسة على حقيقتها من إرادة جلب النفع للجميع، فإننا قد سعدنا بما عبر عنه بعض رؤساء الفروع من الحماس للمؤسسة في بلدانهم وهو كسب أساسي أول، كسب واعد بما سيتحقق على أساسه من العمل القاصد والتعاون النافذ، وتتوقف إدامة مثل هذا الاستعداد على النموذجية الأخلاقية للمنتمين للمؤسسة وعلى حسن التواصل وإعطاء البراهين العملية على الصدق من جهة والمصداقية من جهة أخرى، إلى غير ذلك من الشروط والسمات التي ينبغي أن تلازم المؤسسة في كل مراحلها؛
  5. ترحيب عدد من الجهات الرسمية بالمؤسسة، وحيث إن الجهات الرسمية في كل بلد تهمها السكينة ونفع الناس فإن ترحيبها بالمؤسسة أمر منطقي إذا زالت الريب والشكوك، وتتوقف إزالتها على الإقناع بالقول والفعل والسلوك، وما يعني الجهات الرسمية بهذا الصدد يعني الطوائف المختلفة وأتباع الديانات والمعتقدات والثقافات المختلفة، وهذا يتطلب من رؤساء الفروع وأعضائها بذل المجهود الضروري في الاتجاه الذي أشرنا إليه أعلاه؛
  6. ضرورة التزام نهج مندمج في العمل، بمعنى أن يكون أعضاء المؤسسة جسدا واحدا، يتعاملون أفقيا بين الفروع إلى جانب التعامل العمودي مع المركز بالمغرب، فالتعامل العمودي له ضرورته في أمور التدبير والتنسيق على الخصوص، والذي ينبغي أن يسود هو الاقتناع بأن كل واحد من العلماء في بلده قد صار قويا بإخوانه الأعضاء في البلدان الأخرى، يفيدهم ويستفيد منهم في العلم والمشورة، فالمؤسسة هي لكل العلماء والبلدان ولكنها مدعوة إلى الانصهار في بوتقة نظر وعمل واحدة؛
  7. ضرورة تحقيق درجة عالية من التواصل المستمر باستخدام التكنولوجيا، وهذا أمر سيتم تدبيره قريبا من جهة الوسائل التقنية، ويعد فتح موقع المؤسسة على شبكة التواصل باكورته الأولى، وينبغي أن يكون إنتاج المضامين وتحريرها أمرا يشاركه فيه الجميع، ولاشك أنكم تعلمون أن الوسائل المتاحة يمكن أن تتيح وثيرة للتواصل التدبيري والعلمي والتشاوري في كل الأوقات؛
  8. اليقظة التامة والنموذجية التي يحتاج إليها الناس في العلماء، فالمسلمون في كل مكان في هذا العصر أكثر من ذي قبل بحاجة إلى علماء أوفياء لأهلهم ولبلدانهم، احتياجهم إلى السلم والطمأنينة والتخفيف من تبعات الحياة؛
  9. ضرورة الاطلاع على الوثائق المتعلقة بالجوانب العميقة والمؤسسات المتعددة التي يقوم عليها النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، لعلها أن تفيد في بعض الجوانب الحيوية القابلة للاستيحاء بالنسبة لبلدان أخرى، ولكن هذا اطلاع لا يعفي من شيئ ألتمس من جمعكم التفكير في إنجازه، ألا وهو وضع وثيقة مذهبية تعريفية وتوجيهية لعمل المؤسسة على الصعيد الإفريقي، تشخص الأحوال وتشرح المقاصد ومنهج العمل، ويمكن الاستئناس في وضعها بالكتاب الذي وضعه بعض علماء المغرب ونشره المجلس العلمي الأعلى بعنوان ” سبيل العلماء”، أتمنى أن يتم وضع هذه الوثيقة قبل الدورة المقبلة إن شاء الله، وإذا وضعت بأي لغة كانت فسيتعين ترجمتها إلى عدد آخر  من اللغات؛
  10. وأخيرا آتي إلى ما أثير في اجتماع الرؤساء مما يتعلق بتكوين الأئمة، وبهذا الصدد أؤكد لكم أن المطالب في هذا الباب من البلدان التي لم يأت طلبتها بعد إلى معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات سترفع إلى حضرة أمير المؤمنين، وكل طلب صادر عن فرع من فروع المؤسسة يفترض فيه أن يكون مزكى أو على الأقل مقبولا من الجهات الرسمية في البلدان مع تحمل المسئولية كاملة في هذا الشرط، والأفق الذي ينبغي أن يتجه إليه العمل هو أن يبعث بعدد ولو محدود من الطلبة من كل بلد وأن يستفاد منهم بعد التكوين في تأهيل الأئمة العاملين في المساجد في كل بلد، مع التحضير لذلك بدروس بيداغوجية والتزويد بوثائق برامج التكوين التي ينبغي أن تتضمن جذعا مشتركا وجانبا يتناول خصوصيات البلدان.

أيها السادة، أيتها السيدات

لقد وفق الله أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله إلى أن يوفر لنا بابتكار هذه المؤسسة فرصة الانخراط في عمل جماعي لفائدة الناس في البلدان الإفريقية يقوم على قيم الدين والمشترك بين بلداننا من ثوابت الفلاح والاعتدال والمسارعة في الخيرات، وإننا مسئولون عن اغتنام الوقت والقصد في السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التسجيل الكامل لكلمة الأستاذ أحمد التوفيق

 

 

كلمات مفتاحية :