العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة الغرب الإفريقي (الطريقة التجانية نموذجا)*

العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة الغرب الإفريقي (الطريقة التجانية نموذجا)*

العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة الغرب الإفريقي (الطريقة التجانية نموذجا) - الدكتور محمد الحنفي بن دهاه.
العلاقات الروحية بين المملكة المغربية ومنطقة الغرب الإفريقي (الطريقة التجانية نموذجا) – الدكتور محمد الحنفي بن دهاه.

إذا كان من المفترض أن تكون الصحراء الكبرى عائقا طبيعيا كبيرا أمام حركة البشر والفكر والثروة فإنها على عكس ذلك ظلت معبرا مسلوكا وقنطرة معينة على التواصل بين الشمال والجنوب. وكان شيوخ الصوفية من أنشط الدعاة إلى الإسلام بين ضفتي الصحراء فقد دأبوا على السفر من المغرب إلى بلاد السودان لينشروا دين الله ويهتدي بهم خلقه.

وكانت مدينة فاس وهي العاصمة العلمية والروحية التي تركز فيها علم المغرب وإفريقيا وورثت كل ما أنتجته البلاد الأندلسية من معارف ومسلكيات منطلقا منذ الفتح الإسلامي لموجات متلاحقة من الدعاة والمتصوفة والزهاد وأهل العلم يمموا جميعهم شطر بلاد السودان وبذلوا أنفسهم وأعمارهم في تذكير من بها من المسلمين وإدخال غيرهم في هذا الدين.

ولقد نجم عن هذه الظاهرة ردة فعل معاكسة إذ سرعان ما استمرأ أرباب العلم والدين من الأفارقة طعم رسوخ القدم في العلم والتأله والزهد فانطلقوا بدورهم إلى مدينة فاس للنهل من معارف جوامعها ومدارسها وشيوخها والدربة على تزكية النفس في زواياها وأربطتها، وفِي خضم هذا التواصل تم تعرف بعض أعلام جنوب الصحراء على التعاليم التجانية سواء في أيام الشيخ المؤسس سيدي أحمد التجاني أو في أيام حفدته وخلفائه سواء في مدينة فاس أو في المدن الأخرى.

وقد وجد الشيخ التجاني أمامه بعد وصوله إلى مدينة فاس العالم العلامة أبا زيد سيدي عبد الرحمن الشنقيطي الذي كانت له اليد الطولى في علوم المعقول والمنقول وكانت حلقات دروسه يسير إليها الناس من فاس الإدريسية إلى فاس العليا كما ذكر ذلك سيدي العربي بن السائح في كتابه بغية المستفيد من شرح منية المريد، وقد أخذ عبد الرحمن هذا عن الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه وتوفي في حياته سنة 1224هـ ودفن بفاس العليا[1]، وخرج في جنازته الآمر والمأمور، وبهذا يكون هو أول من أخذ عن الشيخ التجاني من منطقة الغرب الإفريقي.

وكانت الطريقة التجانية وهي المتأخرة زمنيا أشد هذه الطرق تغلغلا في شعوب جنوب الصحراء كما كانت أكثرها تأثيرا في حياتهم ونمط تدينهم.[2]

وللحديث عن العلاقات الروحية بين المغرب وجنوب الصحراء سنستهل الحديث بتوطئة نخصصها لتقديم نبذة مختصرة عن حياة مؤسس هذه الطريقة وظروف إقامته في فاس، ثم نتوقف بعد ذلك عند خمس محطات كبرى كان لكل واحدة منها دورها البارز في ترسيخ هذه العلاقات وشد خيوط ربطها:

وتمثل المحطتان الأخيرتان مرحلة التعميق وتوسيع القاعدة.

وسنحاول التعرض لهذه الشخصيات العلمية والروحية من أصحاب الطريقة التجانية من خلال أربعة مباحث.

  1. الأول: حياتهم وتكوينهم.
  2. الثاني: إسهامهم في نشر الطريقة التجانية برافدها المغربي بالدعوة والارشاد والتذكير.
  3. الثالث: أبرز مقدميهم ومريديهم وأهم الآثار الاجتماعية التي نجمت عن حضورهم في الساحة الروحية.
  4. الرابع: مؤلفاتهم وإنتاجهم الادبي.

ولكون هذه المحطات هي الركائز التي تدور عليها رحى الحياة الصوفية على طريقة الشيخ التجاني في منطقة الغرب الإفريقي سنعتمدها مفاصل منهجية لهذه المحاضرة.

نبذة مختصرة عن حياة مؤسس الطريقة التجانية

ولد الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه بقرية عين ماضي 1150 هـ / 1737م وتوفي بمدينة فاس عام 1230 للهجرة (14 – 1815 للميلاد) وقد ترجم له كل من تأخر عنه سواء في طبقات الفقهاء أو في الموسوعات أو في تراجم الأعلام أو في رواد التصوف.

وفي عام 1213هـ. وبعد أن تعرض الشيخ لمضايقات شديدة من حكام الجزائر الأتراك[3] ارتحل بصفة نهائية بأهله وعياله إلى مدينة فاس. واتخذها دارا وقرارا إلى أن وافاه الأجل المحتوم.

والملاحظ في حياة الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه مسألتان أساسيتان:

الأولى: أن حياته وعطاءه وشخصيته تميزت بمرحلتين مختلفتين تماما: مرحلة ما قبل 1196هـ، ومرحلة ما بعدها.

فمرحلة ما قبل 1196ه، كان الشيخ فيها طالبا بحاثا عن العلم والمعرفة والشيوخ كثير الأسفار والرحلات، آخذا عن جمع من شيوخ الطرق. ولم يتصدر خلال هذه المرحلة لمشيخة.

وفي مرحلة ما بعد 1196. تفرد بطريقته الخاصة به، وتصدر للمشيخة وإعطاء الطريقة، ووضع منهجا سلوكيا تربويا بقواعد مضبوطة وشروط معتبرة.

الثانية: أن دخوله فاسا واستيطانه بها، كان مرحلة هامة حيث لم يغادرها إلى غيرها على سبيل الإقامة، وبها تعرف عليه السلطان مولاي سليمان[4] العلوي رضي الله عنه. وهو الإمام العدل العالم فأكرم مثواه وأنزله منزلة رفيعة، وأسكنه دارا من دوره المعتبرة، لما رأى من غزارة علمه، وجلالة قدره.

وعهد سليمان الخليفة بينها *** فلست لذاك العهد ما عشت ناسيا

مليك فقيه صالح متبتل *** فأكرم به ملكا وشيخا وقاضيا

وأكرم بمن منه رأى الشيخ صاحبا *** معينا على ريب الزمان مواتيا[5]

وبفاس بنى زاويته، فكانت منطلق طريقته، وبها موطنه ومدفنه. ومنها خرجت هذه الطريقة المباركة وانتشرت في الآفاق.

وقد وثق أعلام من أهل الطريقة تعلقهم بفاس؛ فقال العلامة محمدي بن سيدي عبد الله المعروف ببدي في قصيدة طويلة له يمدح بها الشيخ سيدي أحمد التيجاني قال:

سار عنها إذا ويمم فاسا فأضاءت له دياجي الدجون

حق في أهل فاس إذ ذاك بيت وقليل له سواد العيون

يا لفاس وحبذا أرض فاس ولفاس تشوقي وحنيني

قام فيها أزكى المقام ليهدي بهدى المصطفى الرسول الأمين

نفث الدر واليواقيت فيه من فيوضات بحره المشحون

غبط القلبُ تربةً ضمنتهُ يا لشيخ بأرض فاس دفين[6]

المحطة الأولى: الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب

من خلال استقراء المصادر التاريخية للطريقة التجانية يتبين لنا أن بلاد شنقيط هي الجسر الذي عبرت عليه هذه الطريقة إلى منطقة غرب إفريقيا بعد أن استقبلها كثير من الشناقطة بالقبول والتزموا أورادها بينما انقسم من لم يأخذها من أجلاء العلماء قسمين: قسم أثنى عليها بالخير ومدح أهلها[7]، وقسم اكتفى بالسكوت وعدم الإنكار[8]، ورغم وجود من أنكر على الطريقة وجاهر بذلك[9] إلا أن أغلب المتصفين بالعلم كانوا على الحال الذي ذكرنا آنفا.

ولم يكن الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه هو الوحيد الذي اتصل بالشيخ التجاني من الشناقطة بل اتصل به آخرون؛ نذكر منهم بالإضافة إلى عبد الرحمن الشنقيطي السابق الذكر:

الطالب جدو العلوي: ترجم له سكيرج في كشف الحجاب[10] وقال عنه التجاني في المنية:

والعلوي حبر شنقيط العلم الطالب العلامة البحر الخضم[11].

لم أعثر على ذكر لتاريخ وفاته عند جميع من ترجم له لكنه مدفون في شنقيط وقبره معروف وقد زرته مرارا ولله الحمد.

السالك بن الإمام الوداني: العالم العامل السالك الناسك، قال عنه التيجاني بن بابه في منية المريد:

وكم إمام عالم علامه *** نقادة دراكة فهامه

من ورد شيخنا الإمام قد ورد *** حتى تضلع وفاز بالمدد

كترجمان العلم والقرآن *** السالك العلامة الوداني[12]

توفي رحمه الله سنة 1245هـ ودفن بودان. وما زال سنده قائما لحد الساعة فقد أخذ عنه أحمد طهرا (سوفه) وهذا أخذ عنه الشريف محمد مختار (خاي) وعن هذا أخذ جماعة من بينهم تيرنو هامي بابا (تيلون) وعن هذا أخذ جماعة من بينهم تيرنو ممد بوكر كان في كيهيدي.

أحمد سالم بن الإمام الوداني: قال عنه سيدي أحمد سكيرج ومنهم العالم العامل والعارف الواصل أبو العباس أحمد سالم الوداني: “أخذ عن الشيخ صحبة أخيه السالك الآنف الذكر وترافقا إلى الحج وتوفي صاحب الترجمة بالحرم الشريف ورجع أخوه إلى ودان.[13]

وهو صاحب الأبيات التي مطلعها:

إلى أحمد التجاني وجهت رغبتي *** وما ضاق من أمري وما قل من صبري.

هؤلاء السادة الأعلام كلهم أخذوا الطريقة التجانية عن مؤسسها سيدي أحمد التجاني مباشرة ولكن الانتشار الفعلي للطريقة في الغرب الإفريقي تم على يد الشيخ محمد الحافظ.

ترجمة الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب

هو العالم العامل والولي الكامل والعارف الواصل ذو المعرفة والتمكين والرسوخ فى مقامات اليقين. المربى بحاله وهمته الموصل إلى الله تعالى بلحظته الجامع بين الشريعة والحقيقة الشيخ محمد الحافظ بن المختار بن حبيب العلوي.

مولده ونشأته

لم تحدد لنا المصادر تاريخ ميلاده، لكن النقش الموجود عند ضريحه ذكر فيه أنه عاش 73 سنة. وقد أجمعت المصادر أنه توفي سنة 1247ه. وعليه يكون تاريخ ميلاده سنة 1174ه. كما لم تذكر المصادر كذالك مكان ميلاده والأرجح عندنا أن يكون في معاقل قبيلة تاشدبيت جنوب ولاية اترارزة. فجدته التاشدبيتية هي التي تولت تربيته. وقد ذكر العلامة محمدى بن سيدي عبد الله الملقب بدى فى نزهة المستمع واللآفظ فى مناقب الشيخ محمد الحافظ أنه قام لهذه الجدة مقام الأبناء والآباء. كما ذكر أن الأرض التى حبس فيها الشيخ محمد الحافظ نفسه على جدته كانت وخيمة كثيرة الأمراض وهي أرض الكبلة[14] ووالده وإخوته بالساحل وفيه ما شئت من دين ودنيا.

مساره العلمي

حفظ الشيخ محمد الحافظ القرآن وهو دون السابعة من العمر. وأخذ عن جدته الجزء الأول من مختصر خليل وألفية بن مالك وحكم ابن عطاء الله. وكان يلقب في صغره بالمتطهر لملازمته الطهارة. توفيت جدته وقد شب. ثم ارتحل بعد وفاتها إلى عشيرته واشتغل بالعلم. فوجد أقرانه قد سبقوه بمدة مديدة وسنين عديدة فزاحمهم بهمة تفلق الصخر وتسرب البحر. والجواد ذو السبق يلحق. فقرأ النحو على سيدي عبد الله بن احمدان فى مدة يسيرة. كما قرأ على كل من العلامة حرمة بن عبد الجليل والعلامة سيدي عبد الله بن الفغ سيد أحمد. فحوى علمهم وشمر عن ساق الجد متوجها إلى خاتمة المجتهدين وأحد المجددين سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، وكان من أجلّ أشياخه عنده ومن أعظمهم منة عليه. خدمه خدمة جليلة ونال عنده حظوة عظيمة، أخذ عنه علم الحديث رواية ودراية، وعلم البيان والأصول وغير ذالك من العلوم النافعة.

وقد ذكر بدي بن سيدينا في كتابه الآنف الذكر أن سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم نظم منظومته في الأصول (مراقي السعود) في لوح الشيخ محمد الحافظ،[15] ولعل هذا من الأسباب التي كتب الله بها القبول لهذه المنظومة إضافة إلى إخلاص نية صاحبها وصلاحه. فما اختار لوح الشيخ محمد الحافظ إلا لأمر. ‏

رحلته إلى الشيخ أحمد التجاني

بعد عشر سنوات قضاها الشيخ محمد الحافظ مع شيخه سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم بتكانت ارتحل بنية الحج والبحث عن شيخ تربية فقادته العناية الربانية والقسمة الأزلية إلى قطب الأولياء وختم الأصفياء صاحب السر المصون والعلم المكنون سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه فصاحبه ثلاث سنين حضر خلالها الإملاءات الأخيرة لجواهر المعاني. ونال مكانة سامية وعناية فائقة من شيخه، فقد أمه في الصلاة، وشهد له بأنه من أهل المقامات.

وبعد أن أروى ظمأه وملأ أوعيته وجرابه مما حبا الله به شيخه من علوم وأسرار وأنوار وفيوضات أذن له في الرجوع إلى بلاده وأجازه، لكن المريد طلب من شيخه أن يوصيه. فقال له: لا تظهر حتى يظهرك الله. وعندما غادره قال الشيخ سيدي أحمد التجاني للحضور: وما محمد الحافظ إلا مزنة أرسلها الله إلى أهل المغرب.

رجوع الشيخ محمد الحافظ إلى بلاده

بعد رجوع الشيخ محمد الحافظ إلى عشيرته اجتهد في تطبيق وصية شيخه فبالغ في التكتم على أمره ولم يظهر للناس إلا ما هو فيه من التبحر في العلم الظاهر، ولذا انكب عليه طلبة العلم من أبناء عشيرته ينهلون من معينه.

وقد استمر على تلك الحال حتى قدم عليه أحد الشيوخ الأجلاء، والأرجح أنه محمذن بن ببانا[16] وقيل هو يوسف بن المختار، فأجله الشيخ محمد الحافظ وقام له عن فراشه ولكن الشيخ القادم رفض الجلوس على الفراش وقال للشيخ محمد الحافظ: أتدرى الذي جاء بي إليك؟ قال له الشيخ محمد الحافظ لا. فقال محمذن بن ببانا جئتك أريد أن تعطيني من الأمانة التى قدمت بها من الشمال. فأجابه الشيخ محمد الحافظ لقد قدمت ببعض الكتب وبشيء من ماء زمزم وكل ما تريد من ذالك فهو لك. فقال له محمذن دعنى من كل ذالك إنما جئتك أريد ورد سيدي أحمد التجاني. فعلم الشيخ محمد الحافظ أن الله عز وجل قد أذن للطريقة التجانية في الظهور على يده في هذه البلاد، فلقنه وردالشيخ سيدي أحمد التجاني، ومباشرة بعد هذه الحادثة بدأ ورد التجانية ينتشر فلم يبت أهل بيت من ذلك الحي تلك الليلة إلا وفيهم من يتلو صلاة الفاتح. وبهذا الشكل شاع خبر الطريقة الجديدة وانتشرت أورادها في أسرع ما يكون كانتشار النار في الهشيم.

أبرز تلامذة الشيخ محمد الحافظ

كان من أوائل من أخذ عن الشيخ محمد الحافظ خليفته وصهره العلامة الأوحد، الفاضل الأمجد، حسان الطريقة محمدي بن سيدي عبد الله الملقب “بدي”[17].

وممن أخذ عنه الولي الصالح صاحب الكرامات والخوارق العابد الناسك سيدي محمد الحنفي بن العباس[18] حرازمي السند الحافظي الذي قال عنه الشيخ محمد الحافظ إنه لاتصل منفعة منه لأحد إلا بواسطته كما ذكر أحمد بن محم في كتابه روض شمائل أهل الحقيقة في التعريف بأكابر الطريقة.

ومن أبرز من أخذ عن الشيخ محمد الحافظ الولي الصالح الذي تضرب بولايته الأمثال الناسك الفاضل سيدي مولود فال اليعقوبى[19] الذي سنتناول ترجمته في المحطة الثانية من هذا البحث.

وقد ترجم أحمد بن محم في كتابه روض شمائل أهل الحقيقة[20] في التعريف بأكابر أهل الطريقة لعدد من كبار تلامذة الشيخ محمد الحافظ فليرجع إليه من أراد التوسع في ذلك.

المؤلفات

لم يشتغل الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه بالتأليف رغم غزارة علمه وسعة اطلاعه وحيازته قصب السبق في مختلف علوم الشريعة والحقيقة ولكنه ترك رجالا سلوا سيوفهم دون الطريقة التجانية ودافعوا عنها بالنفس والنفيس وقد تكونت من شروحهم لتعاليم الطريقة ومن ردودهم على المنكرين عليها مادة علمية غزيرة سنستعرض منها في هذا المبحث نماذج نرجو أن تكون ذات مغزى ووافية بالغرض إن شاء الله.

ومما ينسب للشيخ محمد الحافظ نفسه من المؤلفات التي كتبها أو كتبت بأمر منه:

الأجوبة التيشيتية[21]: وهي عبارة عن أجوبة على أسئلة طرحها تجانيو تيشيت على الشيخ محمد الحافظ وشرع في الإجابة عليها ثم توفي فأكملها خليفته محمدي بن سيدي عبد الله الملقب “بدي”

تحفة المنان في تأييد اعتقاد الإخوان[22]: وهي عبارة عن رسالة كتبها بدي بن سيدينا خليفة الشيخ محمد الحافظ المذكور آنفا بأمر منه إلى تجانيي تيشيت وودان تتضمن تقديم الشيخ محمد الحافظ للأعلام الثلاثة الذين كان في طلعيتهم عالم تيشيت وقاضيها وشاعرها سيدي محمد بن محمد الصغير بن امبوجة العلوي التيشيتي المتوفى سنة 1275 ه وأخوه العالم الجليل الشاعر المؤلف سيدي عبيدة بن محمد الصغير المتوفى سنة 1284 ؛ إضافة إلى أحمد بن حمى الله المسلمي المتوفى 1272 ه وهو من أشهر علماء تيشيت وأكثرهم تآليفا في مختلف العلوم الإسلامية.

‏وقد كان دخول هؤلاء في الطريقة بداية الأمر على يد بانمو بن حم ختار عن سيدي مولود فال عن الشيخ محمد الحافظ، لكنهم سرعان ما أقاموا صلات مباشرة عن طريق المراسلة مع سيدي مولود فال ومع الشيخ محمد الحافظ، وتم كل ذلك مع وفائهم المطلق لشيخهم الأصلي بانمو بن حم ختار.

وكان لهؤلاء الأعلام موقع الريادة والتميز في مجال الجدال العقدي الحاد الذي دار بين أتباع الطريقة التيجانية الجديدة وبين خصومهم وهو موقع نالوا به التقدير والإجلال من جميع المنتسبين إلى الطريقة التجانية إذ ذاك سواء كانوا في المغرب الأقصى أو بلاد شنقيط أو بلاد السودان.

ومن أبرز هذه الردود:

الجيش الكفيل بأخذ الثار، ممن سل على الشيخ التجاني سيف الإنكار[23]؛ الذي ألفه محمد بن محمد الصغير بن امبوجة في الرد على أبرز خصوم الطريقة التيجانية في عصره ايديجة الكمليلي المتوفى سنة 1280 هجرية؛ فقد برز ابن امبوجه في هذه الحلبة غير مدافع، واعتبر التجانيون ” جيشه” و”السرية”[24] التي ألحقها به مرجعيهما الرئيسين في رد حملات خصومهم فكانا مصدر شهرة مؤلفهما وتقديره.

ويصف ابن المؤلف سيدي عبد الله بن امبوجه شهرة الكتاب بقوله في ضالة الأديب: ” وقد تلقاه بحمد الله الناس بالقبول وأنجح الله لمصنفه فيه المأمول، وتفرقت نسخه في نواحي البلاد التكرورية وفي مدن المغرب الفاسية والمراكشية والمكناسية” اهـ.

وقد راسل صاحب الجيش أعلاما ومشاهير في المغرب من بينهم السلطان العلوي مولاي عبد الرحمن بن هشام المتوفى سنة 1276 والوزير الفقيه محمد بن أحمد أكنسوس المراكشي المتوفى سنة 1294 الذي عثرنا على رسالة منه إلى صاحبنا تتضمن استجازة وثناء عطرا كثيرا.

ميزاب الرحمة الربانية في التربية بالطريقة التجانية[25]: وقد نال مؤلف هذا الكتاب سيدي عبيدة بن امبوجة حظا من الشهرة والإجلال عظيما؛ وكانت لسيدي عبيدة المذكور مساهمة في المعركة الشعرية التي دارت بين التجانيين وادييجة الكمليلي والتي كان نجمها محمدي بن سيدي عبد الله الملقب بدي السابق الذكر.

توفي الشيخ محمد الحافظ سنة 1247ه ودفن بصحراء آمشتيل بمكان يعرف بـ “انفني” وقد قيض الله لهذا المكان الشيخ محمد مختار ول دهاه الذي أسس فيه قرية تتوفر على كل الوسائل الضرورية للبقاء

‏المحطة الثانية: سيدي مولود فال

هو الشيخ الكامل والعارف الواصل أبو السعود سيدي مولود فال مربي الرجال وموصلهم إلى أعلى درجات الكمال ابن العلم الأشهر محمذ فال من اشتهر علمه في سائرالأقطار

ولد الشيخ سيدي مولود فال عام 1187هـ؛ حسب ما ذكره حفيده عبد الله السيد[26] وكان مولده بنواحي تنيفيل الواقعة شمال شرق بقليل.

درس سيدي مولود فال القرآن العظيم حتى حفظه رسما وتجويدا ثم درس العلوم على أخيه أحمد فال وكذا على عمه العالم الفاضل عبد الله بن ألمين فدرس الفقه وعلوم القرآن واللغة بفروعها حتى تبحر في كل ذلك.

أما علوم العربية فقد كان تبحره فيها مشهورا، ويكفي للاستدلال على ذلك ما يروى عن العارف بالله المختار ولد ببان أن شيخه سيدي مولود فال كان أعلم أهل زمانه في اللغة حتى إن المختار وهو ثبت ثقة ساوى بينه وبين الفيروز أبادي صاحب القاموس.

وإلى تمكنه في العلوم يشير الشاعر محمدو ولد محمدي العلوي بقوله:

وإذا سد باب علم عويص *** كان مفتاح بابه المسدود

علم الأصل والفروع إلى أن *** ليس في العلم يبتغي من مزيد[27]

تصوفه

اشتهر عن سيدي مولود فال منذ صغره اعتناؤه بالتصوف ودرس منه ما هو في مقدمات كتب الفقه والعقيدة

ولم يثبت لدينا أنه أخذ إحدى الطرق التي كانت منتشرة في زمنه كالقادرية والشاذلية اللتين أخذ أورادهما كبار العلماء من معاصريه وأهل بيته..

رحلته إلى الشيخ محمد الحافظ

توجه سيدي مولود فال من تينشكل في غربي ايكيدي إلى الشيخ محمد الحافظ في أرض آمشتيل وآوكار بتوجيه من الشيخ الصوفي الولي صلاحي ولد محمذن ولد آبن صاحب الكشوفات الذي التقاه بتينشيكل وخاطبه دون سابق معرفة قائلا:

ذاك ابن النويجمة! ما ذا تنتظر اذهب إلى الشيخ الحافظ فقد أتى بطريقة لم تأت قبله، اذهب إليه لتأخذ نصيبا من لبئه (اللبأ في اللغة أول اللبن).

وبعد حصول هذا الأمر الغريب عزم سيدي مولود فال على الرحيل بحثا عن الشيخ محمد الحافظ فقيل له أنه يوجد في أرض تندغة المعروفين بحلة أربعين جوادا وكان الشيخ محمد الحافظ يراوح المقام في العقل والمقام في ناحية تندغة.

وتابع سيدي مولود فال رضي الله عنه السير دون كلل حتى أنعم الله عليه بلقاء سيدنا الشيخ محمد الحافظ قدس سره في حي قرب بئر تسمى انتوطفين.

وفي ليلة اللقاء أو في صبيحتها أخذ الشيخ سيدي مولود فال الطريقة التجانية ووجد فيها ما يثلج صدره ويملأ فراغا طالما شعر به في قلبه.

أسفاره

سافر الشيخ سيدي مولود فال رضي الله عنه أربعة أسفار مهمة منها حجه إلى بيت الله الحرام عام 1250هـ.

ومنها سفران قام بهما إلى فاس الأول قام به آخر عام 1230هـ أو بداية عام 1231هـ للالتقاء بالشيخ رضي الله عنه والثاني قام به أواخر عام 1233هـ لأخذ أسرار الطريقة أما سفره الرابع فهو إلى إدويره وقد قام به عام 1261هـ وكان غرضه الالتقاء بالقطب الفوتي الشيخ عمر رضي الله عنه[28] وهو إذا ذاك في بدايات جهاده لنشر الإسلام والطريقة في غرب إفريقيا.

أسانيده في الطريقة

إضافة إلى سنده الحافظي فقد أخذ سيدي مولود فال عن عدد من الشيوخ أخذوا الطريقة التجانية مباشرة عن الشيخ التجاني رضي الله عنه، وقد عدد مؤلف كتاب روض شمائل أهل الحقيقة في التعريف بأكابر رجال الطريقة في ترجمته لسيدي مولود فال الشيوخ الذين أخذ عنهم فكتب ما نصه:

“سافر سيدي مولود فال إلى الشيخ فوجده قد توفي قبل قدومه بمدة يسيرة، واجتمع بأكابر أصحابه كسيدنا محمد الغالي وسيدنا عبد الواحد وغيرهما من أكابر أصحابه، وتلقى منهم أسراره وأنواره ثم رجع إلينا، ومكث ما مكث، ثم سافر ثانيا لزيارة الشيخ فوجد سيدنا محمد الغالي هناك أيضا مع أكابر أصحاب الشيخ، ولازمهم حتى تفقه في أحوال الشيخ وطريقته، وحصل ما بقي في خاطره، من علومه وسيرته، وكنوه بأبي السعود، وقالوا لم يرد علينا مثل أبي السعود سيدنا مولود” انتهى الاستشهاد.[29]

تلامذته

يعتبر سيدي مولود فال رضي الله عنه هو الناشر الفعلي للطريقة التجانية في غرب إفريقيا وإليه يرجع جل الأسانيد المعروفة في إفريقيا جنوب الصحراء بل إن عطاءه تجاوز حدود غرب إفريقيا إلى المغرب وإلى السودان والحجاز.

وقد تخرج من مدرسة سيدي مولود فال مجموعة من كبار المشايخ الذين برزوا بالدعوة إلى الله والذين لا زالت أمدادهم الربانية سارية في الخلق إلى اليوم.

فالشيخ عمر الفوتي رضي الله عنه صرح في كتابه الرماح[30] بأنه أخذ عن السيد عبد الكريم الناقل والسيد عبد الكريم أخذ عن سيدي مولود فال وذك قبل اتصاله رضي الله عنه بالسيد محمد الغالي.

وعن الشيخ عمر أخذ ألفا هاشم مايرو خال السيد الحاج مالك سه وشيخه في الطريقة ولدى السيد الحاج مالك سه المذكور سند آخر متصل بالشيخ سيدي مولود فال بواسطة الشيح محمد عالي بن محنض.

كما أن السيد العالم الحاج عبد الله انياس يتصل بسند سيدي مولود فال عن طريق الشيخ معاذ كاه عن

الشيخ شيرنو عمر جالو عن أبيه شيرنو مودبو جالو عن الشيخ عمر عن السيد عبد الكريم.

وما يزال سند السيد مودوبو أحمد راجي قائما في نواحي آدوماه بنيجيريا، كما أن سند المقدّم المبجّل الشيخ سيّدي أحمد الحبو رضي الله عنه قائم منتشر في اتشاد والكاميرون والنيجر.

ويرتبط بسند السيد عبد الكريم عن سيدي مولود فال الشيخ أحمد انداك سك خليفة حاضرة تينابا في السنغال الذي أخذ الطريقة من شيخه الشيخ أحمد به عن شيخه وأبيه محمد همي به (المهدي) عن شيخه عبد الكريم جلو عن الشيخ سيدي مولود فال.

ومن تلامذة سيدي مولود فال الكبار المقدمين السيد الخليفة ود دوليب السوداني ومنهم السيد أحمد الحبو التشادي.

وقد أخذ عنه من الشناقطة رجال كمل تعلقوا به ونهلوا من علمه ومعرفته واعترفوا له بالفضل في تربيتهم وترقيتهم ولولا خوف التطويل لسردنا أسماءهم مع ترجمة موجزة لكل واحد منهم ولعلنا نتعرض لذلك في بحث آخر.

ومن أبرز من تتلمذ عليه من الشناقطة خليفته السيد المختار ولد محمذن ولد بابان والذي عهد إليه سيدي مولود فال بالخلافة وكلفه بالقيام بأعباء التربية من بعده.

المحطة الثالثة: الشيخ عمر بن سعيد الفوتي

قال عنه مؤلف كتاب روض شمائل أهل الحقيقة ما نصه:”ومنهم شيخنا أمير المؤمنين عمر بن سعيد الفوتي فتح الأقاليم والبلدان، وكسر الأصنام والأوثان، وأنار القلوب والأبدان، وطهر السرائر والإعلان، له سيوف ورماح حسيتان، يجاهد بهما المارقين عن الشريعة المحمدية، وسيوف ورماح معنويتان في علوم الحقيقة وأسرار الطريقة التيجانية، اتفق علماء عصره وأولياء قطره، على أن الزمان لم يسمح بمثله، وأنه ممن يقدر إذا تعطلت الكتب من الدنيا أن يمليها على الناس من حفظه ولفظه” اه الاستشهاد

مولده ومساره العلمي

ولد الشيخ الحاج عمر بن سعيد الفوتي أواخر شهر شعبان عام 1213 ه‍ الموافق لـ 28 شباط 1797م على أرجح الأقوال في قرية (هلوَارْ) جنبَ بُدورpodoor) ) في منطقة فوتا تورُو شمالي السنغال في عهد الإمام عبد القادر كان رحمه الله تعالى.

حفظ الشيخ عمر رضي الله عنه القرآن الكريم عن والدهِ في باكورة عُمره، ثم اجتهد في تحصيل العلوم الشرعية حتى أشير إليه بالبنان، وتبحر في العلوم قبل الثلاثين من عمره كما تشهد بذلك مؤلفاته ودروسه للطلبة وإن كان جانبا التصوف والسياسة الشرعية أخذا من شهرته النصيب الأوفر.

ومما يشهد على تبحره في الفنون أنه كان يحفظ الصحيحين: (البُخاري ومسلم ) قبل بلوغه سن الثلاثين، وكذلك جواهر المعاني المرجع الرَّئيسي للطريقة التجانية.

سنده في الطريقة التيجانية

أخذ الشيخ عمر الفوتي الطريقة التجانية أول ما أخذها كما ذكر عن نفسه في كتابه الرماح عن شيخه عبد الكريم الناقل عن شيخه سيدي مولود فال عن شيخه الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب العلوي، ثم جدد في الحجاز على أحد أساطين الطريقة التجانية، وأبرز تلامذة الشيخ التجاني رضي الله عنه وهو محمد الغالي، الذي بعد فترة قضاها معه الشيخ عمر صدره خليفة عاما للطريقة التجانية في غرب إفريقيا.

 تأثيره في منطقة غرب إفريقيا وجهاده

أثرت تعاليم الشيخ عمر الروحية في سكان المنطقة عموما شماليها وجنوبيها، فقد أرسى دعائم الإسلام والإيمان والإحسان حتى ضرب الدين الإسلامي بجرانه على طول منطقة السودان الغربي والولايات المحاذية له شمالا، فكانت رماح سلوكه ودروع حروبه المظفرة في الجهاد ومغافرها وجواهر خطبه الملأى حكما وإرشادا، ومعاني إشاراته وإخباراته نعم المعين على ترسيخ البعد الروحي وعمق التدين بين السكان بالرغم من قوة الوافد الأوربي المتربص بالمسلمين الدوائر، وبالرغم من شوكة أهل الفساد والحرابة الذين لا يرقبون في مومن إلا ولا ذمة في غرة يجدونها من أهل الحق والتحقيق، وبالرغم من كثافة جيوش أهل الشرك الوثنيين الذين لا يريدون للإسلام أن يتقدم نحو الغابة ليستمروا في ظلمهم وسلطانهم.

لقد مثلت دولة الشيخ عمر الفوتي وجها ناصعا للإسلام في غرب القارة الإفريقية لهجت به مقالات الباحثين، وتقريرات الاستعماريين، وكتب التاريخ بشتى اللغات. وكان هذا الإسلام عميقا في نفوس الناس فربط بين مختلف الأعراق السودانية بأخوة عضوية وبينهم وبين القبائل الشمالية فتشكلت من ذلك ملحمة ما زالت روايتها مدوية على مر الأجيال.

وتمثل علاقة الشيخ عمر مع قبائل الشمال[31] دليلا واضحا على ما قلناه، فقد ألف في الدفاع عنه كل من العلامة أحمد بن بدي كتابا أسماه الدرع والمغفر في الذب عن الشيخ عمر[32]، والشيخ محمد المامي بن البخاري وابن انبوجه، كما راسله ودعمه في جهاده ابن حناني القلاوي وانبوي المحجوبي، ونظم الشيخ أحمدو بن الشيخ محمد الحافظ أرجوزة في مناقبه افتتحها بقوله:

قد سقيت ذات الولي الشيخ عمر محبة النبي سيد البشر[33]

وترجم له العلامة أحمد بن محم العلوي في كتابه روض شمائل أهل الحقيقة ترجمة حافلة[34]، وسافر إليه المختار بن محمذن بن ببانا على رسم إعانته في الجهاد، كما أهدى إليه محمدي بن أنحوي مائة فرس لمساعدته في النفير[35]. وكان لهذا كله صداه ووقعه في زوايا التجانية بالمغرب

تلامذة الحاج عمر

قال أحمد بن محم في كتابه روض شمائل أهل الحقيقة في ترجمته للحاج عمر ما نصه: “نشر الطريقة وبثها، ورفع سقفها وسمكها، وأخبرني أنه ربما لقن الورد لألوف في وقت واحد” اهـ

ومن أبرز تلامذة الحاج عمر الأمير محمد بلو بن عثمان فوديو الذي نص مؤلف كتاب الجواهر والدرر في حياة الشيح الحاج عمر الشيخ منتقى تال على أخذه للطريقة التيجانية عن الحاج عمر وأورد قصيدة نونية تتألف من ثمانية وستين بيتا يصرح فيها الأمير محمد بلو بأخذه الورد التجاني[36].

ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: مؤلف روض الشمائل أحمد بن محم العلوي؛ والحاج الفا مايرو، والمختار بن وديعة الله الماسني، وسيدي عبد الله بن امبوجة التيشيتي.

علاقته بالمغرب

لم يتمكن الحاج عمر من زيارة المغرب مع تلهفه لزيارة الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه، كما صرح بذلك في كتابه تذكرة الغافلين حيث كتب ما نصه: “خرجنا من أوطاننا قاصدين حج بيت الله عازمين على سلوك طريق فاس لأنه طريقنا وأقرب إلى بلوغ مرادنا من غيره، وما يسر الله لنا ذلك الطريق لموانع حصلت لنا فيه” اهـ [37]

ولكن رغم ذلك فقد ربطته صلات وثيقة بعلماء المغرب وصلحائه وخاصة من منتسبي الطريقة التجانية وذلك عن طريق تلميذه ورفيقه أحمد بن محم العلوي الذي كان يشارك مع الحاج عمر في العمليات الجهادية بسيفه، وكان ينقل أخبار مسرح العمليات العسكرية للرأي العام في حواضر المغرب التي زارها والتقى بأبرز مشايخها[38]؛ ومن أهم إسهامات أحمد بن محم الموثقة في حشد الدعم للحاج عمر الرسائل الأربعة التي وجهها إلى كل من الفقيه محمد أكنسوس بمراكش؛ والشيخ بلقاسم بصري في مكناس؛ والسيد محمد العربي بن السايح في الرباط، ثم رسالته التي وجهها إلى عموم التجانيين في المغرب. وقد ضمن هذه الرسائل الكثير من أخبار الحاج عمر وبين فيها علو كعبه في العلم والمعرفة وشفوف رتبته في الصلاح والولاية؛ كما ضمنها لائحة بأهم المؤلفات التي كتبها. وطلب منهم تبليغ هذه المعلومات إلى السلطان.

كما وثق أحمد بن محم في هذه الرسائل أهم أحداث المعارك التي خاضها الحاج عمر ضد أمير سيغو وملك ماسينا. كما أتحفنا الأستاذ أحمد الأزمي في كتابه الطريقة التجانية في المغرب والسودان الغربي[39] بثلاث رسائل من الفقيه محمد أكنسوس إلى الحاج عمر يمدحه فيها ويهنئه على ما فتح الله على يده من بلدان بالسودان الغربي وما دخلت بفضله من أمم مشركة في الإسلام.

مؤلفاته

ترك الشيخ الحاج عمر الفوتي تال – رحمه الله – مؤلفات نثرية عديدة وشعرية جمّة ومنها ما يلي: كتاب ” رماح حزب الرحيم على نحُور حزب الرجيم ” (قد ألفه في غُضون رِحلته إلى الحجِّ) وهو من أشهر كتبه ذبَّ فيه عن الطريقة التجانية ودافع عنها دفاعا مستميتا و” تذكرة المسترشدين وفلاح الطالبين”،  و” المقاصد السُّنية “، و” بيان ما وقَع ” وهي عبارة عن رسائله، و” ديوان سفينة السعادة لأهل الضعف والنجادة ” ويمدح فيه النبيّ – صلى الله عليه وسلم -، و“النُّصح المبين “، و” هِداية المذنبين إلى كيفية الخلاص من حقوق الله والعباد أجمعين ”،           و” تذكرة الغافلين على قبح اختلاف المؤمنين”، وسيوف السعيد المعتقد في أهل الله كالتجاني على رقبة الشَّقي الطريد المنتقد الجاني “، و” نظم أسماء أولياء الله المذكورين في طبقات الشّعراني ”،  “ولامية الطلاب ”،  و” دعاء الاستسقاء “، هذه وغيرها من شتات القصائد الفائقة والأدعية المباركة.

المحطة الرابعة: الحاج مالك بن عثمان سي

مولده: اتفق جميع من ترجم للحاج مالك على أنه ولد بـ “غايا” قرب دكانا واختلفوا في تاريخ ولادته فمنهم من ذكر بأنها كانت سنة 1842 م ومنهم من قال إنها 1852م ومنهم من جعلها 1853م وقد رجح الحاج روحان امباي[40] في كتابه القيم: “الحاج مالك سي، حياته وآثاره” بأنه ولد سنة 1853 وذكر بأن والده عثمان سي أخذ العلم في بلاد شنقيط عن العلامة محنض باب بن اعبيد الديماني، وعن العلامة المصطفى بن أحمد فال العلوي

مساره العلمي وسنده في الطريقة التجانية

نشأ الحاج مالك سي نشأة علمية في بيئة مناسبة لتكوين العلماء العاملين من أمثاله، وبدأ درس القرآن الكريم على خاله العلامة الجليل الحاج ألفا مايرو؛ ثم سافر إلى قرية والده سينوجولف بطلب من عمه الشيخ أحمد سي فأتم دراسة القرآن هنالك؛ وحصل بعضا من العلوم الشرعية ؛ ثم أمره عمه[41] بالرحلة في طلب العلم فرجع إلى غايا وأخذ عن خاله ألفا مايرو مدة من الزمن ثم سافر إلى مناطق شتى أخذ عن علمائها حتى جمع علوم أهل بلده، ثم رجع مرة أخرى إلى مسقط رأسه في غايا حيث التقى بالعلامة والشيخ الجليل محمد عالي بن محنض الذي كان لتعرف الحاج مالك عليه أثرا بالغا في تكوينه العلمي حيث التحق به في بلاد شنقيط وأخذ عن أجلاء علمائها مدة من الزمن حصل فيها منهم على إجازات في العلوم الشرعية والتصوف

وقد أخذ الحاج مالك الطريقة التيجانية أول ما أخذها عن خاله وشيخه ألفا مايرو الذي أجازه في نفس يوم تلقينه له إجازة عامة مطلقة شاملة مع تبليغ وصايا المجاهد الشيخ الحاج عمر بن سعيد الفوتي

كما أجازه كذلك محمد عالي بن محنض عن سيدي مولود فال اليعقوبي عن الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب عن الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله.

كما كانت للحاج مالك مكاتبة مع الحاج أحمد بن سكيرج العياشي الذي أجازه بإجازة قمة في الروعة وصفه بما يتناسب مع حاله رضي الله عنه من الإجلال والتعظيم والثناء الحسن.

التأثير الروحي للحاج مالك في غرب إفريقيا

كان الحاج مالك سي قمة في العلم والتقوى يتجلى ذلك في آثاره الكتابية، ومن آثاره في تربية النفوس، فكان للطريقة التجانية بفضل جهوده انتشار واسع في شعوب لم تكن من حملتها في مراحل تأسيسها.

ويعد الحاج مالك سي من أبرز خلفاء الشيخ عمر الفوتي الذين حاولوا برؤية مستشرفة أن يحافظوا على الهوية الثقافية للسكان في ظل سيل جارف وغلبة مطلقة للإدارة الاستعمارية التي بذلت قصارى جهدها في مسخ الهوية الحضارية وتشويه سمعة أعلامها، فكان مشروعه الثقافي عندما فشلت كل المحاولات العسكرية لمقارعة الاستعمار ومنابذته حدثا جللا في تاريخ المقاومة في منطقة حوض نهر السنغال.

وكان الحاج مالك سي مستجمعا لجميع شروط الشيخ المربي علما وديانة وخبرة في النفوس وأدوائها، وكان يربي بحاله قبل مقاله حتى أصبح مضرب مثل في هذا الشأن، فيقول المثل الحساني: “اتق الله تر عجبا مثل الحاج مالك”.[42]

ومع كل ما سبق فقد كان للحاج مالك سي منهجه المستقل في التربية الذي بناه على أربعة أركان جعلها كالأساس[43] وهذه الأركان هي:

  • التعليم

فقد أسس الحاج مالك مجموعة كبيرة من المحاظر لتدريس العلوم الشرعية واللغة العربية استقدم لبعضها أساتذة من بلاد شنقيط، خاصة في مدينة تيواون التي كان هؤلاء الأساتذة يشرفون فيها على تعليم أبنائه، وكان يتابع بنفسه دروس هذه المحاظر ويقوم أداء أساتذتها، وكان منهجه العلمي مبني على الفقه المالكي مذهبا والعقيدة الأشعرية وعلى الطريقة التجانية مسلكا صوفيا؛ كما شيد زوايا كبيرة في كل من سينلوي ودكار وكيرياسين وجارد وتيواون ومن هذه الزوايا قاد حملته للمقاومة الثقافية للمستعمر التي يرجع لها الفضل في حفظ الهوية الثقافية الإسلامية لسكان السنغال بل ولعموم سكان منطقة غرب إفريقيا.

  • التربية

كان للحاج مالك منهجه التربوي الخاص وكان صارما فيما يتعلق بأخلاق الأتباع فلا يقبل منهم إلا الامتثال التام للمأمورات واجتناب المنهيات والمحافظة على الآداب الشرعية التي هي روح السلوك في الطريقة التيجانية؛ كما أسهم منهجه التربوي في التخفيف من الفوارق الطبقية بين السكان ويحسب له كذلك تصديه للمبتدعين وبعض المخالفين للمذهب للمالكي الذين كانت له معهم صولات وجولات ردتهم إلى الالتزام به.

  • العمل

عرف عن الشيخ الحاج مالك حثه لأصحابه على العمل والانتاج واهتمامه بتحصيل مريديه لقوتهم اليومي من كسب أيديهم. وكان هو نفسه قدوة لهم في العمل فكان يعمل بيده ويشرف على مزارعه بنفسه؛ وقد آتى هذا المنهج المنتج أكله، وانعكس على حياة سكان المنطقة بل على غيرهم من سكان القطر السنغالي الذين تعتبر الزراعة وخاصة زراعة الفستق عصب حياة اقتصادهم الوطني.

  • المؤاخاة

كان الحاج مالك كثير الحث على المؤاخاة ونبذ الخلافات البينية ووحدة الصف في سبيل مقارعة العدو المشترك الذي هو المستعمر الفرنسي.

تلامذته

يعد تلامذة الحاج مالك سي في السنغال وحدها بمئات الآلاف وله أتباع كثر في عموم الغرب الإفريقي، وقد بعث خلال حياته عددا من كبار تلامذته في مهمات تعليمية وتربوية لأتباعه خارج السنغال منهم على سبيل المثال لا الحصر الحاج اندي امبي الذي بعثه إلى الغابون، والحاج أحمد بوي كي في ساحل العاج، وبابكر انيانغ في وسط إفريقيا وكوركي عبدو انجاي في مالي؛ والحاج واكي في غامبيا، والحاج عبد الحميد كان الذي أسس مسجدا في العاصمة الفرنسية باريس بعد الحرب العالمية الثانية.

مؤلفاته

خلف الحاج مالك سي مجموعة كبيرة من المؤلفات العلمية تناهز الثلاثين عنوانا تناولت مختلف العلوم الشرعية واللغوية كالفقه والسيرة النبوية والتصوف.

وفاته

توفي الحاج مالك سنة 1922م ودفن بمدينة تيووان على بعد حوالي مائة كليومتر من العاصمة السنغالية دكار وضريحه هنالك مَزُور مشهور يتوافد عليه المريدون من جميع أنحاء العالم لزيارته والتبرك به.

المحطة الخامسة: الشيخ إبراهيم بن الحاج عبد الله انياس

مولده ونشأته [44]

ولد الشيخ الحاج إبراهيم عبد الله نياس يوم الخميس 15 رجب 1318هـ في طيبة، وهي قرية صغيرة قرب مدينة كولخ في السنغال. ونشأ في حجر والده، وقرأ عليه القرآن حتى حفظ حفظاً جيداً برواية ورش عن نافع. وقد ظهرت عليه النجابة في صغره، وبعد أن حفظ القرآن شمر عن ساعد الجد والاجتهاد في تحصيل العلوم، المنطوق منها والمفهوم، وبلغ فيها المنى والمراد، وتبحر فيها وتفنن بجميع فنونها.

مساره العلمي

درس الشيخ إبراهيم انياس العلوم الشرعية واللغوية على والده العالم المجاهد الحاج عبد الله بن محمد انياس، وازداد من العلوم والتضلع فيها بهمته العالية وانهماكه المستمر في طلب العلم، ولم يقرأ رضي الله عنه على أحدٍ غير والده.

وبعد أن نبغ رحمه الله في سنٍ مبكرة في التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، واللغة وفنونها، والتصوف، فكان مرجعاً في ذلك كله,تصدر لإفادة الخلق قبل بلوغ الثلاثين سنة، وأقبل عليه الناس من أقطار شتى، عرباً وعجماً ينهلون من علومه، وجاء العلماء قبل العوام يثنون الركب عنده، يستقون درر العلوم ويتشوقون لعلوم الرجال وتربية النفوس وتزكيتها، فكان لهم بحراً لا ساحل له ومنهلاً عذباً لا يمل ومركز فهوم تتصاغر دونها الفحول.

سنده في الطريقة التجانية

حصل الشيخ إبراهيم رضي الله خلال حياته على عدد من الإجازات عن جماعة من أكابر شيوخ التجانيين في عصره وصرح رضي الله عنه في أكثر من منلسبة أن السند العالي والغالي عنده هو السند الحافظي المحفوظ بالعناية وكتب بخط يده في إحدى رسائله ما نصه: “وأما السؤال عن سندي فإنه ولله الحمد تحصل عندي من الأسانيد ما لو جمعت لكانت تأليفا وحدها؛ وجل اعتمادي على السند الحافظي فهو العالي الغالي عندي وإن كانت كلها عالية غالية وأتصل به بواسطة سيدي ومولاي حامل الراية التيجانية والمعارف الحقانية سيدي ومولاي الحاج عبد الله بن الحاج رضي الله عنه ولاشك ولا ريب ولا وهم، وأتصل به من طريق العلم الأشهر والشيخ الأغر والكبريت الأحمر والبدر المنير الأزهر الشيخ محمد سعيد متعنا الله بطول بقائه آمين، وكلاهما أطلق لي وأنا أتيقن أن عنده الإذن المطلق” اه الاستشهاد

ومن جملة أسانيده سنده عن والده الحاج عبد الله بن محمد انياس وكذلك سنده عن العلامة الشيخ سيدي أحمد بن سكيرج العياشي عن سيدي أحمد العبدلاوي عن الخليفة الأجل والشيخ المبجل الحاج علي بن عيسى التماسيني عن الشيخ سيدي أحمد التجاني.

وله أسانيد أخرى كثيرة في الطريقة التجانية يرجع فيها إلى كتابه كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس وكتاب ماذا عن الشيخ إبراهيم؟ لمؤلفه الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله[45] أطال الله بقاءه آمين.

تأثيره الروحي والاجتماعي

يعتبر شيخ الإسلام الحاج إبراهيم انياس ظاهرة من فرادات الدهر التي قلما يتكرر مثلها فهو العالم المتبحر والداعية غير الهياب ولا الخائف والمربي الدافق المدد والمحب المحترق الحشا، وقد كان لهذا الرجل جولات وصولات في الدعوة إلى الله طالت شعوبا لم يمسها الإسلام، وأحيت معالم الدين في ربوع كاد يندثر فيها، فأصبح الذكر والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يدوي في مناكب الأرض وبين شعوب مختلف القارات.

ولا شك أن هذه الصحوة في الوعي الديني وفي المسار الروحي التي كان هذا الشيخ رائدها ومددها قد جمعت شعوبا لم تكن تجتمع من قبل، وبددت كثيرا من الأحكام القيمية التي كثيرا ما يتصورها شعب عن غيره من الشعوب.

ولا شك أن الشيخ إبراهيم مثل بعثا وتجديدا في الدين بالرجوع إلى أصوله القطعية وبجمع شتات المسلمين على كلمة سواء.

ومن هنا لا بد من الإشارة إلى أنه كان ناشطا في إنشاء رابطة العالم الإسلامي، وعضوا مؤسسا من أعضائها.

ونظرة إلى مريدي هذا الشيخ في موريتانيا والسنغال ونيجيريا والسودان وغانا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها تكفي لوصف هذه الشخصية العظيمة في تاريخ الإسلام وفي تاريخ المنطقة.

مؤلفاته

ألف الشيخ عدة كتب نافعة في التصوف والسلوك والفقه واللغة منها:

  •  كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس.
  • روح الأدب.
  • سبيل السلام في إبقاء المقام.
  • تحفة الحاضرة في مناسك الحج لا سيما في الطائرة.
  • نجوم الهدى في كون نبينا أفضل من دعا إلى الله وهدى.
  • الحجة البالغة في كون إذاعة القرآن في الراديو سائغة.
  • رفع الملام عمن رفع وقبض إقتداء بسيد الأنام.
  • تحفة الأطفال في حقائق الأفعال.

إضافةً إلى عدة دواوين شعرية معظمها في مديح النبي صلى الله عليه وسلم.

تلامذته: يقدر عدد أتباع الشيخ إبراهيم انياس بعشرات الملايين يتوزعون في القارات الخمس وقد جمع الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله في مجموعة التعريف بالشيخ إبراهيم رضي الله عنه وفيضته ومقدميه ثلاثة مجلدات تحت عنوان: رجال وأدوار في ظل صاحب الفيضة خصص مجلدا منه لأهل الغرب الإفريقي ومجلدا لموريتانيا وآخر للسنغال. ولا شك أن مجهوده سيتواصل ليعم أتباع هذا الشيخ في العالم أجمع، وقد أجاد المؤلف في أسلوبه وتنسيق معلوماته وأتى بالكثير من المعلومات المهمة التي تفيد الباحثين في تتبع أخبار الشيخ إبراهيم انياس وآثاره العلمية وتأثيره الروحي ومنهجه التربوي.

ويتضح مما سبق من تراجم أعلام الطريقة التيجانية في غرب إفريقيا أن العلاقات الروحية بين المغرب وإفريقيا ضاربة الجذور في القدم، وأن الحرص على رعايتها واستمراها كان متبادلا بين شعوب القارة ممثلين في مشايخهم وبين علماء المغرب وصلحائه وحكامه؛ ولا يسعني إلا أن أشيد هنا بدور العرش العلوي المجيد في رعاية هذه الطريقة وحمايتها والسعي في محافظتها على نقائها كما جاء بها صاحبها وذلك منذ عهد المولى سليمان إلى الآن.

وقد عرفت هذه الطريقة رعاية خاصة مع جلالة الملك محمد السادس أيده الله بنصره الذي أمر بإقامة مؤتمرات دولية لتدارس شأن هذه الطريقة وصلت الآن إلى ثلاثة مؤتمرات كما أمر بترميم وتحديث “دار لمرايا” (مكان سكن الشيخ رضي الله عنه) وقد تم ذلك بالفعل، كما تكرم بإصدار ظهير ملكي أسند بموجبه تسيير شؤون الزوايا التيجانية في المغرب إلى حفيد الشيخ سيدي أحمد التجاني رضي الله عنه السيد محمد الكبير بن سيدي أحمد التيجاني.

كما يولي جلالته عناية خاصة لمشايخ الطريقة التجانية في عموم القارة الإفريقية فتتم دعوة الكثير منهم إلى الدروس الحسنية بانتظام.

*محاضرة ألقاها الأستاذ الدكتور محمد الحنفي بن دهاه منسق وحدة التصوف بقسم الفلسفة وعلم الاجتماع/كلية الآداب/جامعة نواكشوط العصرية؛ عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بموريتانيا خلال لقاء نظمه المركز الثقافي المغربي بأنواكشوط بتاريخ 07 أكتوبر 2020 م.

الهوامش

[1]  محمد العربي بن السايح، بغية المستفيد من شرح منية المريد ص 265-266 الناشر الكتبة التجارية 1356هـ ، وانظر في ترجمته كذلك كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب لأحمد بن سكيرج العياشي، رقم الترجمة 73 ، رفع النقاب بعد كشف الحجاب للمؤلف نفسه رقم الترجمة 405 وفتح الملك العلام بتراجم بعض علماء الطريقة التجانية الأعلام لسيدي محمد الحجوجي ص 85

[2]  La Tijaniyya une confrérie musulmane a la conquête de l’Afrique page 69

[3]  محمد بن محمد مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات السادة المالكية، الترجمة رقم 1514 الناشر: المطبعة السلفية ومكتبتها 1930ـ 1932 القاهرة

 [4] السلطان مولاي سليمان العلوي: ولد سنة 1180 وبويع له بالخلافة سنة 1206 بعد وفاة أخيه المولى اليزيد توفي يوم 13 ربيع الأول سنة 1238 ودفن بمراكش

[5]  من قصيدة طويلة للعلامة محمد الحافظ بن السالك أنشأها في المؤتمر الدولي للطريقة التجانية سنة 1985 بفاس.

[6]  ديوان محمد بن سيدي عبد الله الملقب بدي، تحقيق محمد بن بتار بن الطلبة ط1 فرع مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث في موريتانيا

[7]  كابن أحمد دامو البوحسني ومحمد سالم بن آلما

[8]  مثل حرمة بن عبد الجليل ومولود بن أحمد الجواد، وأحمد بن العاقل

[9]  ادييج الكمليلي

[10]  مصدر سابق رقم الترجمة 70

[11]  بغية المستفيد، مصدر سابق ص 264

[12]  بغية المستفيد، مصدر سابق ص 263 وانظر كذلك فتح الملك العلام بتراجم بعض علماء الطريقة التجانية الأعلام ، مصدر سابق ص 93

[13]  كشف الحجاب، مصدر سابق رقم الترجمة 71

[14]  محمدي بن سيدي عبد الله الملقب بدي ، نزهة المستمع واللافظ في مناقب الشيخ محمد الحافظ ص 119 تحقيق محمد ولد بتار ولد الطلبة ط1  2012 الناشر: فرع مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث في موريتانيا

وانظر كذلك DEDDOUD ABDELLAHI LE PASSAGE AU SUD MOHAMED ELHAFEDH ET SON HERITAGE- LA TIJANIYYA UNE CONFRERI MUSULMANE A LA CONQUETE DE L’AFRIQUE PAGE 70-71

 [15] نزهة المستمع واللافظ مصدر سابق ص 142

[16]  في رسالة بعث بها العلامة القاضي النوازلي محمد عبد الرحمن بن السالك إلى الشيخ محمد مختار بن دهاه ذكر له فيها أن جمهور من أدرك من العلويين يقول إن صاحب الكشف في هذه القضية هو محمذن بن ببانا

[17]  راجع ترجمته في فتح الملك العلام مصدر سابق رقم الترجمة 47 ص 215

[18]  راجع ترجمته في فتح الملك العلام ص 248 الترجمة رقم 55

[19]  ستأتي ترجمته

[20]  روض شمائل أهل الحقيقة في التعريف بأكابر أهل الطريقة لأحمد بن محم تحقيق فرزانة محمد الحنفي دهاه/ رسالة ماستر بقسم التاريخ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة نواكشوط العصرية سنة 2017

[21]  مخطوط بحوزتي

[22]  مخطوط بحوزتي

[23]  طبع على الحجر في فاس سنة 1319 هـ وطبع بالقاهرة على هامش بغية المستفيد لسيدي العربي بن السايح بدون تاريخ، طبع بالقاهرة مستقلا سنة 1938م

[24]  منظومة تدعى سرية الحق والانتصار في الذب عن أولياء الله الأخيار طبعت في نهاية الطبعة المصرية من الجيش على هامش البغية

[25]  طبع بالقاهرة بداية القرن العشرين

[26]  عبد الله الهادي سيدي مولود فال،  طوالع السعود في حياة ومناقب غلام التجاني أبي السعود ، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية 1429 هـ ـ 2008 م

[27]  طوالع السعود مصدر سابق

[28]  طوالع السعود مصدر سابق

[29]  روض شمائل أهل الحقيقة في التعريف بأكابر رجال الطريقة تحقيق فرزانة محمد الحنفي دهاه قسم التاريخ بجامع نواكشوط العصرية 2017

[30]  الشيخ عمر الفوتي رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم الطبعة الثانية ، الناشر: المطبعة الأزهرية بمصر، 1348هـ ــــ 1929م بهامش كتاب جواهر المعاني وبلوغ الأماني من فيض أبي العباس أحمد التجاني للحاج علي حرازم المغربي الفاسي

[31]  الندوة الدولية بمناسبة ذكرى مرور مائتي سنة على ميلاد الشيخ الحاج عمر تال، 14 ـ 19 دجمبر 1998 دكار، السنغال مداخلة الدكتور أحمد جمال ولد الحسن: الحاج عمر الفوتي والمدرسة التيجانية في تيشيت ص 85 منشورات معهد الدراسات الإفريقية بالرباط سنة 2001 م

[32]  الدرع والمغفر في الذب عن الشيخ عمر للعلامة أحمد بن بدي المتوفى سنة 1323 حقق في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية

[33]  محمد المنتقى أحمد تال الجواهر والدرر في سيرة الشيخ الحاج عمر، دار البراق للنشر والتوثيق بيروت 2005

[34]  روض الشمائل مصدر سابق ص 71

[35]  الخليل النحوي، بلاد شنقيط المنارة والرباط ، الناشر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تونس 1987 م

[36]  الجواهر والدرر مصدر سابق ص 112 ـ 115 وانظر كذلك بحث الأستاذة بهجت الشاذلي : الحاج عمر وخلفاء صكت ضمن الندوة الدولية السابقة الذكر

[37]  الحاج عمر تذكرة الغافلين على قبح اختلاف المؤمنين

Tathkiratou al khafiline, introduction historique edition critique du texte arabe et traduction annotee par Clardine Gerasch Dakar bulletin de Lifan serie B n 4-1977 P 898.

[38]  أحمد الأزمي، الطريقة التيجانية في المغرب والسودان الغربي خلال القرن 19 الميلادي ج 3 ص 368 ـ 369 منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 2000

[39]  المصدر السابق ج 3 ص 357

[40]  El Hadji Ravane MBAYE / LE GRAND SAVANT ELHADJI MALICK SY PENSEE ET ACTION TOME 1

 [41]   سرنج امباي باه، قطاف السالك في حياة وعمل الشيخ الحاج مالك عليه رضى العزيز المالك ص4 الناشر: إحياء تراث الحضرة المالكية التيووانية، بدون تاريخ

[42]  محمد الحنفي دهاه، أصول الفقه في ولاية اترارزة، أطروحة دكتوراه السلك الثالث من قسم اللغة والحضارة العربية والإسلامية، جامعة الشيخ أنتا جوب، عمل مرقون، ص 25

[43]  قطاف السالك مصدر سابق ص 3، وانظر كذلك مجلة الفاتح لما أغلق العدد 7 نوفمبر 2019، مجلة علمية ودينية تصدر عن معهد الشيخ الحاج مالك سي للدراسات الإسلامية والبحوث العلمية بتيواون

[44]  ترجمته موجودة في أكثر من مصدر بلغات متعددة ومن أبرزها مجموعة التعريف بالشيخ إبراهيم رضي الله عنه وفيضته ومقدميه خصص المجلد الأول من هذه المجموعة لترجمته وهوبعنوان: ما ذا عن الشيخ إبراهيم؟ ، للشيخ محمد بن الشيخ عبد الله الإيجيجبي، طبع بمطابع مجمع اليمامة للنشر والتوزيع بتونس مايو 2012 م 455 صفحة

[45]  ماذا عن الشيخ إبراهيم مصدر سابق ص 48 ـ 50

قائمة المصادر والمراجع

  1. محمد العربي بن السايح، بغية المستفيد من شرح منية المريد، الناشر: المكتبة التجارية 1356هـ.
  2. كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب لأحمد بن سكيرج العياشي، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان بدون تاريخ.
  3. رفع النقاب بعد كشف الحجاب لأحمد بن سكيرج العياشي، طبع بالمطبعة المهدية بتطوان بدون تاريخ.
  4. فتح الملك العلام بتراجم بعض علماء الطريقة التجانية الأعلام لسيدي محمد الحجوجي، دراسة وتجقيق: ذ. محمد الراضي كنون، مكتبة دار الأمان، الرباط.
  5. La Tijaniyya une confrérie musulmane a la conquête de l’Afrique
  6. محمد بن محمد مخلوف، شجرة النور الزكية في طبقات السادة المالكية، الناشر: المطبعة السلفية ومكتبتها 1930ـ 1932 القاهرة
  7. ديوان محمد بن سيدي عبد الله الملقب بدي، تحقيق محمد بن بتار بن الطلبة ط1 فرع مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث في موريتانيا
  8. محمدي بن سيدي عبد الله الملقب بدي، نزهة المستمع واللافظ في مناقب الشيخ محمد الحافظ ص 119 تحقيق محمد ولد بتار ولد الطلبة ط1 2012 الناشر: فرع مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث في موريتانيا.
  9. DEDDOUD ABDELLAHI LE PASSAGE AU SUD MOHAMED ELHAFEDH ET SON HERITAGE- LA TIJANIYYA UNE CONFRERIE MUSULMANE A LA CONQUETE DE L’AFRIQUE.
  10. روض شمائل أهل الحقيقة في التعريف بأكابر أهل الطريقة لأحمد بن محم تحقيق فرزانة محمد الحنفي دهاه/ رسالة ماستر بقسم التاريخ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية / جامعة نواكشوط العصرية سنة 2017.
  11. سرية الحق والانتصار في الذب عن أولياء الله الأخيار طبعت في نهاية الطبعة المصرية من الجيش على هامش البغية.
  12. عبد الله الهادي سيدي مولود فال، طوالع السعود في حياة ومناقب غلام التجاني أبي السعود، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية 1429 هـ ـ 2008 م.
  13. الشيخ عمر الفوتي رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم الطبعة الثانية، الناشر: المطبعة الأزهرية بمصر، 1348هـ ــــ 1929م بهامش كتاب جواهر المعاني وبلوغ الأماني من فيض أبي العباس أحمد التجاني للحاج علي حرازم المغربي الفاسي.
  14. الندوة الدولية بمناسبة ذكرى مرور مائتي سنة على ميلاد الشيخ الحاج عمر تال، 14 ـ 19 دجمبر 1998 دكار، السنغال مداخلة الدكتور أحمد جمال ولد الحسن: الحاج عمر الفوتي والمدرسة التيجانية في تيشيت ص 85 منشورات معهد الدراسات الإفريقية بالرباط سنة 2001 م.
  15. الدرع والمغفر في الذب عن الشيخ عمر للعلامة أحمد بن بدي المتوفى سنة 1323 حقق في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
  16. محمد المنتقى أحمد تال الجواهر والدرر في سيرة الشيخ الحاج عمر، دار البراق للنشر والتوثيق بيروت 2005.
  17. الخليل النحوي، بلاد شنقيط المنارة والرباط، الناشر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم تونس 1987 م.
  18. بحث الأستاذة بهجت الشاذلي: الحاج عمر وخلفاء صكت ضمن الندوة الدولية السابقة الذكر.
  19. الحاج عمر تذكرة الغافلين على قبح اختلاف المؤمنين Tathkiratou al khafiline, introduction historique edition critique du texte arabe et traduction annotee par Clardine Gerasch Dakar bulletin de Lifan serie B n 4-1977 P 898..
  20. أحمد الأزمي، الطريقة التيجانية في المغرب والسودان الغربي خلال القرن 19 الميلادي ج 3 ص 368 ـ 369 منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 2000.
  21. El Hadji Ravane MBAYE / LE GRAND SAVANT ELHADJI MALICK SY PENSEE ET ACTION ; Dar Albouraq, Beyrouth 2003.
  22. سرنج امباي باه، قطاف السالك في حياة وعمل الشيخ الحاج مالك عليه رضى العزيز المالك الناشر: إحياء تراث الحضرة المالكية التيووانية، بدون تاريخ.
  23. محمد الحنفي دهاه، أصول الفقه في ولاية اترارزة، أطروحة دكتوراه السلك الثالث من قسم اللغة والحضارة العربية والإسلامية، جامعة الشيخ أنتا جوب، عمل مرقون.
  24. مجلة الفاتح لما أغلق العدد 7 نوفمبر 2019، مجلة علمية ودينية تصدر عن معهد الشيخ الحاج مالك سي للدراسات الإسلامية والبحوث العلمية بتيواون.
  25. ما ذا عن الشيخ إبراهيم؟، الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله الإيجيجبي، طبع بمطابع مجمع اليمامة للنشر والتوزيع بتونس مايو 2012 م 455 صفحة.

 

كلمات مفتاحية : , ,