المدارس الصوفية في المغرب وإفريقيا – معالم وأعلام

المدارس الصوفية في المغرب وإفريقيا – معالم وأعلام

المدارس الصوفية في المغرب وإفريقيا - معالم وأعلام الأستاذ محمد التمسماني عميد كلية أصول الدين، تطوان - المملكة المغربية.
المدارس الصوفية في المغرب وإفريقيا – معالم وأعلام الأستاذ محمد التمسماني*

يطيب لي أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى السيد الأميـن العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة على الدعوة الكريمة معربيـن للمؤسسة عن إعجابنا بحسن اختيار موضوع هذه الدورة العلمية التواصلية التي تعنى بالتعريف بالنموذج المغربي في تدبيـر الشأن الديـني، ومعبـريـن عن اعتـزازنا وافتخارنا بالمشاركة فيها بموضوع اختـرنا له عنوان «المدارس[1] الصوفية في المغرب وإفريقيا: معالم وأعلام».

وهذا البحث في الحقيقة: محاولة لكشف اللثام عن جوانب مهمة ومحطات مشرقة من تاريخ التصوف المغربي والتعرف على نشاط مدارسه، وما لرجال التصوف المغربي من أفضال في حراسة وحدة الأمة المغربية والدفاع عن بيضتها، ونشر ثوابتها في دول إفريقيا.

وحسبما أعلم فإن الكتابة في هذا الموضوع بالذات لا تكاد تذكر، بل إني لا أعلم من كتب في الموضوع على النحو الذي اصطفيته وقدمته. والمقصود: تكويـن فكرة مجملة عن الموضوع مما يستشف من إشارات ويستفاد من نصوص وعبارات. مع ما يكتنف الموضوع من صعوبات، أذكر منها:

  • غياب كبيـر للمصادر التي فصلت الحديث عن الموضوع.
  • كون التصوف تغلغل تأثيـره في المجتمعات المغربية والإفريقية بحيث تصعب الإحاطة بكل جوانبه.
  • ضيق الوقت.

أهمية الموضوع

لا يخفى عليـنا جميعا: أن احتفاء أي أمة بتـراثها وصلحائها هو من البـر الواجب، وهو دليل على وفائها وصحوتها ويقظتها وتقدمها. والعكس صحيح؛ لذا فإن أية أمة تجهل تاريخها، وتهمل تـراثها، وتفرط في حقوق رجالاتها هي أمة عاقة دعية، تنقصها الدوافع النفسية العميقة القوية للانطلاق.

وإن الموضوع الذي أشرف بعرضه ليكتسي أهمية بالغة، يتجلى ذلك في أمور:

أولاً: نعلم أن التـراث الصوفي (استمداد وامتداد) استمداد من الحضرة النبوية، وامتداد عبـر الأجيال باعتباره معارف وشعائر، وبالنظر إلى كونه مدارس جليلة لها مميزاتها وحضورها. وباعتباره فكرا قيما عظيما له خصائصه وحقائقه ومصادره وأعلامه.

هذا التـراث العريق العظيم، ظُلم في كثيـر من قراءات الناس له، ربما بسبب الجهل كما هو الغالب. وربما بسبب انحراف بعض المنتسبيـن إليه، وربما بسبب حرب بعض الاتجاهات الفكرية له. حتى حاول كثيـرون أن يشيعوا بيـن العامة: أنه وافد دخيل، فضلا عن أنه مبتدَع، تسبب في إبعاد ذويه عن الإسهام الحضاري وعن الارتباط بالأصول الشرعية حسب زعمهم، وهذه الأسباب وغيـرها – تقرر حقيقة أن هذا الجزء من تـراث المسلميـن أصابه قسط كبيـر من الظلم، لا نغالي إذا قلنا لم يُصب بمثله جزء آخر من تـراث حضارتنا.

ثانيا: إن دورتنا هذه بمحاورها وفصولها سيكون لها أثر طيب في رد الاعتبار والتذكيـر بهذا التـراث العظيم، خاصة إذا علمنا: أن التصوف أضحى اليوم حاجة ماسة، ومنهاجا محتما للحياة، وطريقا ضروريا لتسديد القيم والسلوك، فالتصوف بهذا الاعتبار والتقديـر، سفيـنة النجاة التي تمخر عباب الأمواج العاتية للحياة المضطربة المعاصرة.

ثالثا: إن أثر التصوف المغربي في إفريقيا لا يكاد يضاهى، إذ كان له كبيـر الأثر في مجالات الحياة المختلفة. وإذا رجعنا إلى كتب التاريخ والتـراجم والفهارس والمشيخات نجد عدداً وافرًاً من رجالات المدرسة الصوفية المغربية الذيـن كان لهم حضور قوي في إفريقيا.

والباحث المطلع يدرك أن هذا التأثيـر شمل مناحي الحياة المختلفة. نقتصر على هذه الأمثلة:

 التصوف ثابت من الثوابت

إن المتمرس على قراءة كتب هذا الشأن يدرك أن أئمة المغرب درجوا ومنذ زمن على تقسيم الشعائر من حيث مضمونها وطبيعتها ومادتها إلى ثلاث مجموعات وهي:

  • الأحكام: (الحلال والحرام).
  • الفضائل: (الآداب والرقائق).
  • القراءة.

نقل الإمام المِنتوري رحمه الله عن شيخه الإمام القيجاطي أنه كان يقول: «أما الأحكام، الحلال والحرام فنحن على صميم المذهب. وأما الآداب، والقراءة فنحن على مذهب أئمة هذا الشأن [2]».

وحكى الإمام ابن سِراج عن شيخه المفتي القدوة أبي عبد الله الحفار أنه كان يقول: «نحن مالكيو المذهب في الأحكام: الحلال والحرام. وعلى مذهب المحدثيـن في الرقائق والآداب كما كان سادات المسلميـن الصوفية، هذا سيد الطريقة» وإمام الحقيقة:

«الإمام الجنيد حجة في التخلق والسلوك وبالنسبة للحلال والحرام هو مقلد لأبي ثور، وهذا الشبلي قال عياض هو شيخ الصوفية وإمام أهل علم الباطن وكان في الأحكام مقلداً لمالك، وهذا رويم قال في الرسالة (للإمام القشيـري): إنه من جلة مشائخ الصوفية، وكان في الأحكام مقلداً لداوود. وهذا أبو القاسم القشيـري شافعي المذهب»[3].

رابعا: كعرف رجال التصوف في المغرب وإفريقيا بإسهامهم الكبيـر في إنارة الحقول المعرفية في سائر الفنون والعلوم بفهمهم لأسرار الشريعة، وفقه مقاصدها وأحكامها، والعمل على نشر ثقافة التعايش والسلم والتسامح بكتابات ورسائل وأعمال تـركت بصمتها. وهكذا أصبح لهذا التواصل دور هام في اتصال الأسانيد المغربية الإفريقية في مجال التصوف كما هو حاصل في سائر العلوم الأخرى.

المدارس الصوفية المغربية – معالم وأعلام

من المعلوم: أن المغاربة عرفوا التصوف منذ وقت مبكر وكانت لناحية الشمال الغربي والأندلس الحظ الأوفر، ثم انتشر في المناطق الأخرى.

وإن المتتبع للمراحل التي مر بها تاريخ التصوف في المغرب يجده كغيـره من العلوم والمعارف الأخرى قطع عدة مراحل وتقلب في عدة أطوار، ولم يخرج في الغالب عن ثلاث اتجاهاتـ:

  1. تصوف العباد الزهاد.
  2. تصوف أهل الحقائق والأذواق.
  3. تصوف العلماء الفقهاء.

إلا أن تاريخ التصوف في صورته الحركية عرف اتجاهات مختلفة، وهكذا مر الفكر الصوفي بالمغرب بيـن مد وجزر، وانكسار وانتعاش. وصارت بلاد الغرب الإسلامي فضاء خصباً لكثيـر من الاتجاهات الصوفية، التي تكاثرت في العصور المتأخرة.

وإن المنهج الصوفي الذي اختاره المغاربة واستمروا عليه واشتهر بيـنهم هو: منهج وطريق الإمام الجنيد (تـ ـ: 297ه) لكونه يعد أول من صاغ المعاني الصوفية وهذبها حتى نسب التصوف إليه. فقيل «طريق الجنيد» يقول الإمام ابن عاشر رحمه الله تعالى «وفي طريقة الجنيد السالك».

ولا شك أن التصوف في المغرب عرف تحولا بعد مرحلة تمايز العلوم، حيث أصبح التصوف علما قائما بذاته له رجاله، ومصنفاته، وخصائصه، وكثر الإقبال عليه. ثم أخذ مرحلة مميزة هي مرحلة انتشار الطرق والزوايا، لكن الاتجاه الذي ساد، وبقي ممثلا لطريقة الجنيد هو: تصوف الإرشاد والعمل والسلوك[4]ويسمى أيضا: التصوف العملي. وإن أشهر الطرق التي تنتسب إليه على الإطلاق، والتي تعد مدارس مستقلة قائمة بذاتها لها أعلامها ومعالمها، وتمثل في نفس الأمر طريق الإمام الجنيد هي:

  1. المدرسة القادرية.
  2.  المدرسة الشاذلية.
  3.  المدرسة التيجانية.[5]

أولا – المدرسة القادرية

هي مدرسة وطريقة تنسب إلى الإمام أبي صالح محي الديـن عبد القادر الحسني الجيلاني، ولد رحمه الله عام 470هـ على رأي معظم الذيـن أرخوا لحياته ومنهم الشيخ عبد الوهاب الشعراني. وكانت ولادته في قصبة من بلاد جيلان أوكيلان فعرف بالجيلاني أو الكيلاني أو الجيلي. وجيلان إقليم فارسي يقع في الجنوب الغربي لبحر قزويـن. حسني من جهة الأب حسيـني من جهة الأم[6]، وتـرجمته رحمه الله تعالى معروفة أفردها غيـر واحد بالتأليف والتصنيف. انتهت إليه رئاسة العلم والتـربية والإصلاح والإرشاد والدعوة إلى الله بالعراق.

توفي الشيخ رحمه الله في بغد في رمضان سنة 561هـ[7].

وتنفرد هذه المدرسة والطريقة بكونها أول مدرسة صوفية ظهرت. حيث دخلت القادرية إلى المغرب: «في وقت مبكر، فنحن نعلم أن من الأئمة الصوفية المغاربة الذيـن أخذوا عن الشيخ مباشرة ولبس الخرقة هو: الصوفي الكبيـر الأندلسي الأصل المغربي النشأة والدراسة، الجزائري المدفن الشيخ أبو مديـن الغوث، وقيل إن أول من أدخلها: الشيخ أحمد اليمني، من أهل السودان وهو مدفون في باب الفتوح بفاس. ومن عوامل دخولها:

أحفاد الشيخ الذيـن استوطنوا مديـنة فاس حيث عملوا على نشر طريقة جدهم.

وعن طريق سبتة أيضا حيث إن الموريسكوس لما نزلوا بمديـنة سبتة نشروا الطريقة القادرية بشمال إفريقيا وفي الصحراء المغربية وإفريقيا الغربية والسودان، وذلك في القرن الخامس عشر الميلادي[8].

ثانيا – المدرسة الشاذلية

تنسب الشاذلية إلى مؤسسها الإمام أبي الحسن الشاذلي، ولد رحمه الله تعالى بقبيلة لخماس من شمال المغرب سنة 571هـ. كان للإمام عبد السلام ابن مشيش فضل كبيـر عليه حيث ساعده على اجتياز عقبات الطريق وما فيها من مقامات وأحوال بسهولة ويسر، كما زوده بالعديد من الوصايا التي بهرته وجعلته يقبل على التمسك بالشريعة والفناء في محبة الله سبحانه، وقد ظل الشيخ في جهاده ودعوته يدرس ويعظ ويتعهد مؤيديه بالتـربية والتوجيه إلى أن توفي رحمه الله سنة 656هـ [9].

وتتميز هذه المدرسة بانتشارها الواسع، فهي الطريقة التي تفرعت عنها عدة طرق في المغرب والمشرق، مثل الجزولية، والزروقية، والوفائية، والناصرية وغيـرها من الطرق.[10]ونص غيـر واحد من الباحثيـن، على أن ظهور الشاذلية بالمغرب كطريق ومدرسة كان متأخرا عن عصر الإمام الشاذلي صاحبها بما لا يقل عن قرنيـن بعد موته، حيث كانت نشأة زواياها الرئيسية ما بعد منتصف القرن التاسع. ولعل السر في ذلك: كونه رحمه الله تعالى لم يؤسس طريقة، نعم كانت الطريقة المشيشية – وهي أصلها – موجودة، لكن المغرب عرف الفكر الشاذلي في عصره [11].

ثالثا – المدرسة التيجانية

تنتسب إلى الإمام أبي العباس أحمد بن محمد (فتحا) بن المختار بن أحمد بن محمد (فتحا) ابن سالم الشريف الحسن الكاملي التيجاني يـرفع نسبه إلى الإمام محمد النفس الزكية ابن عبد الله الكامل بن سالم[12]. ولد عام 1150ه بقرية عيـن ماضي، ونشأ بها في عفاف وأمانة، وحفظ وصيانة، مقبلا على الجد والاجتهاد، حفظ القرآن وهو ابن سبعة أعوام ثم اشتغل بطلب العلوم حتى رأس فيها، تلقى تعليمه في مديـنة فاس المغربية وبها توفي سنة 1230هـ.[13]

وتعد هذه المدرسة ذات صيت عالمي، ولها امتداد قوي في إفريقيا، وأتباع هذه الطريقة يسمون بالتيجانييـن. وأما عن اشتهارها بالمغرب فيقول الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله:

«وقد ذكر الأميـر شكيب… ذلك أن الشيخ سيدي أحمد التيجاني كان يتظاهر بالتسامح مع غيـر المسلميـن قبل تكالب الآباء البيض في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث استعملت التيجانية القوة في نشر العقيدة، وهذه السنية والجدية في طريق أهل الله هي التي دفعت كثيـرا من أبناء شيوخ الصوفية بالمغرب إلى الانخراط في سلك الطريقة التيجانية علاوة على عشرات من أشراف العائلات الفاسية من عراقييـن وصقلييـن وكتانييـن وغيـرهم، ومن ذلك: الشاهد الوازاني أخذ الطريقة عن الشيخ التيجاني مباشرة بعد أن تشبث بطريقة أجداده أهل وزان[14]».

معالم المدارس الصوفية المغربية

إن لكل مدرسة صوفية أسسا وأصولا فكرية تـرجع إليها، وضوابط وشروطا للسلوك تستند عليها، وتتحدد من خلالها معالمها وخصائصها، وما نحن بصدد تقديمهما ما هو إلا محاولة أولية للكشف عن أهم الخصائص والمعالم. وهي في الحقيقة معالم المدرسة الأم.

ومن أهم تلكم المعالم:

أولا – الأصالة في الفكر والوضوح في الطريق

من خصوصية المدرسة الصوفية المغربية عموما أنها تميزت بسيادة فكر إسلامي أصيل وطريق واضح مبسط، بحيث لم تعرف في أغلب الأحيان ذلك الإغراق في الفلسفات، والذي عرفته مناطق أخرى من العالم الإسلامي. وبوضوح في الممارسة، لذلك ناصرها العلماء على مر العصور، وألفوا في تأييدها وتدعيمها مؤلفات كثيـرة.

وتتجلى أصالتها في:

  • التوفيق بيـن الظاهر والباطن، والشريعة والحقيقة.
  • اعتمادها مادة صوفية مغربية أصيلة، فهذا كتاب «دلائل الخيـرات وشوارق الأنوار في الصلاة على النبي المختار ﷺ للإمام الجزولي»؛ فهو وإن لم يكن تأليفا في علم السلوك والتصوف إلا أن غالب الطرق الصوفية بالغرب الإسلامي تتخذ ما ورد فيه من الصلوات على النبي صلى الله عليه وسلم أورادا.
  • الجمع المتفرد بيـن العلم الشرعي والممارسة الصوفية، ولم يخرج عن هذه القاعدة إلا يسيـر منهم. وقد تنبه الأستاذ علال الفاسي لهذه الخاصية؛ حيث قال: «مما امتاز به التصوف المغربي أن معظم رجاله ودعاته من أهل العلم بأصول الديـن وفروعه[15]»[16].
  • الانسجام الكبيـر بيـن المتصوفة وغيـرهم، من مختلف مجالات العلم والمعرفة. حتى إنه تصعب التفرقة بيـن العلماء الفقهاء والمتصوفة في معرض الحديث عن علماء الغرب الإسلامي وخاصة علماء العدوتيـن؛ لأن الصفة المشتـركة بيـنهم تتمثل في شمولية معارفهم وموسوعيتها.
  • تميزهم بإبداع ووضع قوانيـن ضمنوها أبحاثا ورسائل طار صيتها في الأفاق، وتشهد كتب التاريخ: أن للمغاربة القدح المعلى في العناية بالتأصيل الشرعي الأصيل للتصوف وتقنيـنه وتطويـره، ومن أشهر المصنفات التي يمكن عدها مؤلفات في التنظيم الصوفي.
    •        كتاب سنن الصالحيـن للإمام الباجي.
    •          كتاب المقنع في المذهب المالكي للإمام ابن الطلاع.
    •         كتاب سنن المهتديـن للإمام المواق.
    •        كتاب سراج المريديـن للإمام ابن العربي.
    •       كتاب قواعد التصوف للإمام زروق.
    •       شرح الحكم العطائية لابن عباد الرندي.

ولقد أسهمت هذه الكتب وغيـرها في تقديم تصور وسطي ناصع وفكر مشرق مستنيـر، كما أسهمت في المحافظة على وحدة الأمة المغربية.

ومن الأصالة: العناية بالمديح النبوي[17]، وكذا في مجال الأذكار والأوراد:

  • دلائل الخيـرات.
  • الصلاة المشيشية.
  • البحور العديدة.

وتمتاز الطريقة التيجاني على وجه الخصوص بالإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتعظيم حرمة آل البيت.

وتميزوا أيضا باهتمامهم البالغ بتوثيق النسبة بالإسناد، والنسبة عندهم تعتبـر بأخذ الطريق بالسند المتسلسل بالشيوخ شيخا عن شيخ إلى أن يـنتهوا به إلى الحسن البصري فعلي بن أبي طالب فرسول الله ﷺ.[18] وكتب الفهارس طافحة بما يعرف بالأسانيد الصوفية [19].

ثانيا – القدوة

إن أساس التصوف عموما – ومنه المغربي – هو الشيخ؛ إذ حقيقة الطريق تعني: صحبة الشيخ وملازمته، وقد أجمع الصوفية على ضرورة التلقي عن الشيوخ وكون الأخذ من الشيخ هو الركن الأساسي في طريقهم، وأنه لا سبيل إلى الوصول إلى مقاماتهم، وإلى المعرفة بالله على اصطلاحهم إلا على يد شيخ عارف كامل، وأن من لا شيخ له، لا عبـرة به عندهم، بل هو دعي في الطريق، لا يثمر ثمرا. وإلى ذلك أشار ابن عاشر في منظومته «المرشد المعيـن» بقوله:

يصحب شيخا عارف المسالك *** يقيـه فـي طريقـه المهالـك

يـذكـره اللـه إذا رآه  *** ويوصـل العبـد إلـى مـولاه

قالوا: «والفائدة من الشيخ أن يحمي المريد من كل ما يمنعه من الوصول إلى الله، من دواعي النفس والهوى والشيطان والشهوة الموقعة في ظلمة القلب، والتي كثيـرا ما تقهر صاحبها وتغلبه على نفسه، أو تخفى عليه، فلا يهتدى إليها، حسن ظن منه بنفسه، واندفاعا نحو غريزة حب الذات واستعلائها، فيكون الشيخ بمثابة عالم[20]». ولقد اشتهر رجال التصوف في المغرب بحرصهم الشديد على التأسي والتمسك بالسنن والآثار، ومتابعتهم لما عليه السلف في الأصول والفروع والتحاكم إلى الشرع. إيثار الوضوح. اقتداء بشيخ المدرسة الأول الإمام الجنيد رحمه الله تعالى الذي وصف طريق القوم، فقال: «طريقنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به»، وقبله قال إمام المذهب الإمام مالك رحمه الله في رده على من سأله عن شيء من علم الباطن؟ حيث غضب رحمه الله تعالى وقال: «إن علم الباطن لا يعرفه إلا من عرف علم الظاهر، فإنه متى عرفه وعمل به فتح الله له علم الباطن ولا يكون ذلك إلا مع فتح القلب وتنوره. ثم قال للرجل: عليك بالديـن المحض وإياك وبنيات الطرق، وعليك بما تعرف، واتـرك ما لا تعرف».

فقد أشار رحمه الله إلى: أن علم الحقيقة مواهب من الله، وإنما تحصل في الغالب بعد مجاهدات ورياضات، ولا تنتج تلك المجاهدات إلا بعد موافقتها لعلم الشريعة، وإلا كانت عبثا واتباع هوى، فصار تحصيل علم الشريعة مقدما. وعلى هذا مشى السلف.

وقال الشيخ العلامة زروق رحمه الله تعالى في القاعدة الرابعة: «صدق التوجه مشروط بكونه من حيث يـرضاه الحق تعالى ولا يصح مشروط بدون شرطه ﴿وَلَا يَرْض۪يٰ لِعِبَادِهِ اِ۬لْكُفْرَۖ﴾[21]، فلزم تحقيق الإيمان ﴿وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْۖ﴾[22] فلزم العمل بالإسلام. فلا تصوف إلا بفقه، إذ لا تعرف أحكام الله الظاهرُةُ إلا منه، ولا فقه إلا بتصوف، إذ لا عمل إلا بصدق وتوجه. ولا هما إلا بإيمان، إذ لا يصح واحد منهما بدونه، فلزم الجميع لتلازمها في الحكم، كتلازم الأرواح للأجساد، إذ لا وجود لها إلا فيها، كما لا كمال له إلا بها، فافهم». ومنه قول مالك رحمه الله: «من تصوف ولم يتفقه فقد تـزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بيـنهما فقد تحقق».

قلتـ: «تـزندق الأول: لأنه قال بالجبـر الموجب لنفي الحكمة والأحكام. وتفسق الثاني لخلو عمله عن صدق التوجه الحاجز عن معصية الله تعالى وعن الإخلاص المشتـرط في العمل لله. وتحقق الثالث: لقيامه بالحقيقة في عيـن التمسك بالحق [23]».

ثالثا – الوحدة

إن الوحدة الموضوعية الجامعة على مستوى الفكر والممارسة تعد من أهم سمات المدرسة الصوفية المغربية، فصوفية المغرب إنما عنوا ببيان الآداب والأحوال الواجبة على العبد حال العبادة ومعها وهو مقام الإحسان وفق نسق خاص، حيث نهجوا في عرضها انتقاء مصنفات يطبعها طابع الوحدة الجامعة، وهو أمر لها أهمية قصوى وأثر بالغ في التوجيه والإرشاد. حيث تقدم من خلالها مهمات العلوم الثلاثة: العقائد والفقه والتصوف المتعلقة بأقسام الديـن الثلاثة: الإيمان والإسلام والإحسان. على أن من اقتصر على هذا النوع من المصنفات الجامعة اكتسب ما وجب عليه تعلمه من العلم الواجب على الأعيان.

وهي طريقة مفيدة في تعليم الناشئة حيث يجمع لهم بيـن العقيدة التي هي الأساس الأول وعليها قام كيان الديـن كله، وكيفية تأدية أركان الديـن والتي بموجبها يدخل الإنسان في الإسلام أو يفارقه. وذلك لما بيـن هذه العلوم من علاقة تكامل طبيعية؛ إذ العقيدة لها أهمية بالغة في توجيه سلوك الناس وممارساتهم الديـنية. والإنسان خلقة الله في أرضه هو مزيج من مادة ومعنى، وأعماله كلها من عبادة وعادة مزيج من هذيـن الأصليـن.

وإن الأمور الاعتقادية متى غدت ثابتة في النفوس واطمأنت إليها القلوب. وأصبحت العواطف تتأثر بها كانت العقيدة راسخة. ومن هنا كان الإيمان هو الركن الأساس الذي بدأ به الإسلام في تكويـن شخصية المسلم؛ لأنه هو الجذر الأول في بناء شخصيته، وهو العنصر الأساس المحرك لعواطفه، والموجه لإرادته، ومتى صحت عناصر الإيمان في الإنسان استقامت الأساسيات الكبـرى لديه. وقد أدرك الفقهاء المالكية قديما قيمة العقيدة في توجيه سلوك الإنسان، حتى إنهم اعتبـروها بمنزلة الدورة الدموية بالنسبة للوحدة الجسدية؛ فكما أن الدورة الدموية تتسع لتشمله وتجري فيه لتليـن شراييـنه وتليـن مفاصله، فكذلك العقيدة التي هي قوام الشعور الموحد بيـن أجزاء الجسم الإسلامي العربي، وما المفاصل التي تليـن بالعقيدة إلا الأحكام الشرعية العملية المستمدة من روح العقيدة، باعتبار إدراك المعنى الذي أقيمت عليه وهو خطاب الله تعالى الذي يتضمن التكليف[24].

ومن أبـرز تجلياتها: توحيد الأمة على ثوابتها ومقدساتها وحماية وحدتها التـرابية، وأكبـر مثال على ذلك: ما قدمته المدرسة المشيشية الشاذلية في الصحراء المغربية، والحديث عن تأثيـر المدرسة المشيشية الشاذلية غنية بدلالاته وأبعاده، فأبناء الصحراء هم أحفاد هذا القطب الرباني، الذي ذاع صيته وتفرق نسله بالمغرب وبالخارج، وهو ما يؤكد وجود علاقات قوية بيـن شمال المغرب وجنوبه، تمتد إلى علاقات القرابة، والنسبة، والزاوية والطريقة، والفكر والسلوك والممارسة.

رابعا – الوسطية

إن المدرسة الصوفية المغربية عرفت بانتهاج نهج الوسطية والاعتدال تأثرا بإمام المذهب الإمام مالك بن أنس الذي رحمه الله تعالى إمام الوسطية في فكره وفقهه وسلوكه وعمله ودعوته وتعامله مع الناس. حتى عد ذلك من مرجحات مذهبه. ومن الشواهد:

أن عبد الله العمري العابد كتب إلى الإمام مالك يحضه على التعبد فكتب إليه الإمام مالك: «إن الله تعالى قسم بيـن عباده الأعمال كما قسم بيـنهم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة و لم يفتح له في الصوم، و آخر فتح له في الجهاد و لم يفتح له في الصلاة، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصيام، و قد علمت أن نشر العلم و تعليمه من أفضل أعمال البـر، وقد رضيت بما فتح الله لي و قسم لي منه و ما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه من العبادة. وكلانا على خيـر إن شاء الله».[25]

كما أن المدارس الصوفية المغربية عرفت في الغالب باختيار مسلك التوسط في التـربية والسلوك والإرشاد. «واتسمت التجربة الصوفية المغربية بسمة الجد في تحصيل السلوك والأخلاق الاجتماعية والتكيف مع المتطلبات الواقعية، وهي بهذه السمة أبعد ما تكون عن الاشتغال بخطاب الحقائق والإغراق في الإشارات وتطلُّب المكاشفات أو الانكفاء حول التجربة الروحية الخاصة».[26]

خامسا – السماحة

عرف المتصوفة المغاربة بنشرهم لثقافة السلم والتعايش والتعاون والحوار واحتـرام الآخر في أنصع صورها، وأسمى تجلياتها. يـرفعون لواءها ويؤمنون بمبادئها، ويصطفون حولها، وذلك في أجلى دعوتها وتأصيلها، ولا شك أن السماحة علامة بارزة للفكر المغربي الذي صنع هنا في جامعة القروييـن بخصائصه ومعالمه البارزة الواضحة من أصالة وإبداع وتعايش وانفتاح.

سادسا – الدعوة

عني المتصوفة المغاربة بحرصهم الشديد على دعوة الناس إلى الخيـر ونشر الإسلام، إذ قاموا بجهود عظيمة في سبيل نشر الإسلام منذ القرون الأولى من عمر الإسلام إلى تاريخنا الحديث.

سابعا – الخدمة

أسهم رجال التصوف المغربي إساهما كبيـرا في تعميـر الأرض، وخدمة المجتمع والدولة والأمة، يقول فضيلة الأستاذ أحمد التوفيق مستعرضا آثار المدارس الصوفية المغربية:

«وهذا وشم موجز لأدوار التكويـنات الصوفية في المغرب عبـر القرون في سياق التفاعل الاجتماعي الذي اعتبـرناه الأساس الممكن لأي تحقيب:

  • أ- أولا الدور الديني

إذا تجاوزنا الجانب الروحي الذي هو الأصل في المنهاج الصوفي والتفتنا إلى الأدوار المحسوبة ذات الآثار التاريخية وجدناها تشمل جوانب كثيـرة منها:

  1. نشر الإسلام كعقيدة في شعوب وقبائل لم يصل إليها الفاتحون.
  2. بث تعاليم الإسلام في أقوام ظل إسلامهم لا يتعدى مظهر الانتماء.
  3. تنظيم مواسم ديـنية أرست العقيدة كالموسم الذي اشتهر في المغرب بـرباط شاكر.
  4. تنظيم الجهاد وتأطيـره في أوقات كانت فيها الامة في أخطار محققة تهددها من الخارج.
  5. تنظيم السفر إلى الحج وربط المغرب بالمشرق.
  • ب- الدور التعليمي والعلمي والثقافي

  1. نشر حفظ القران الكريم.
  2. بناء المدارس العلمية وتدبيـرها.
  3. إنشاء الخزائن وتعميـرها بالكتب العلمية.
  4. توفيـر إمكانات التأليف واحتضانه.
  5. نشر الثقافة العامة الشفوية عند غيـر القارئيـن عن طريق مجالس الذكر والمذاكرة.
  • ج- الدور الاجتماعي

  1. توفيـر الإيواء لعدد من أبناء السبيل.
  2. إطعام الطعام ولا سيما في أوقات المجاعات.
  3. تأميـن الطرق بالهيبة والرهبة التي عرف بها أصحاب الزوايا، وتدعيم ذلك بنشر أخبار الكرامات.
  4. حماية جماعات المحكوميـن من العمال الظالميـن والحكام المستبديـن.
  5. ضمان التوازن وتدبيـره بيـن الجماعات في مجتمع انقسامي.
  6. الإشراف على معاهدات التساكن بيـن جماعات متجاورة تنطوي وضعياتها على احتمالات عدوانية.
  7. كسر الحواجز القبلية والإثنية أو تلييـنها على الأقل
  8. تأطيـر الاستقرار في المجالات الجديدة التي تغزوها الجماعات بعد فراغ ناتج عن موتان
  9. تأطيـر الاندماج الاجتماعي للمهمشيـن والغرباء والطراء.
  10. تيسيـر التواصل الإخباري.
  • د.- الدور الاقتصادي

  1. إحياء مجالات من الأرض الموات وعمارة الأرض.
  2. غرس الأشجار.
  3. استنباط المياه.
  4. ضمان الأوقاف المتعلقة باستغلال المراعي.
  5. تأطيـر التنظيمات الحرفية والمهنية بالمدن.
  6. الإشراف على أمن الأسواق ورعايتها.
  7. الربط بيـن مناطق متكاملة في التبادل.
  • هـ.- الدور السياسي

  1. ضمان الولاء للإمامة، وهذا المبدأ المشهور عن الصوفية تاريخيا.
  2. التوسط بيـن الحاكميـن والمحكوميـن في سياق علاقات متوتـرة؛ وذلك بأساليب

«الشفاعة ومنح فرصة الملجأ إلى الحرم، ومراجعة الحكام في موضوع تصرفات أعوانهم».

  1. استعمال الهيبة للتخفيف من تعسف ذوي الجاه، وتقوية ذلك بأخبار الكرامات، وهو منزع كانت له فعالية تاريخية مشهود عليها. ولقد تلاحقت أمواج التغطية الصوفية منذ السعدييـن لتنال بتأثيـرها المتنوع جميع أطراف المغرب ولاسيما على أيدي تلاميذ الجزولي وتلاميذهم وعلى أيدي الناصرييـن في درعة والدرقاوييـن في الشمال والتيجانييـن الذيـن ظهروا في لحظة كان يتوقع أن تنتصر فيها فكرة الوهابية بالمغرب، بيد أن شيئا من ذلك لم يكن؛ إذ بالتيجانية ربطت المغرب من جديد بالآفاق الصحراوية والآفاق الإفريقية التي سبق أن اشتهر شيوخ منها في فاس في عهود سابقة كالشيخ البـرناوي.

فالتصوف من مقومات تاريخ المغرب الروحي والديـني والثقافي والاجتماعي والسياسي بل والاقتصادي، لم تقتصر آثاره على المدن بل أدمجت البوادي في الحياة الثقافية، ولم يقتصر على جماهيـر العامة بل صار السند العلمي والسند في الإذن الصوفي يكادان يقتـرنان في تـراجم معاجم الأعلام، وهو معطيات الإشعاع المغربي في اتجاه الشرق ولاسيما صعيد مصر والبلاد التي نالت الطريقة الإدريسية، وفي اتجاه الجنوب بل وفي اتجاه أوربا في هذا القرن العشريـن، وعلى الصعيد الداخلي، فما زال لتـراثه حضور في النسيج الاجتماعي وفي الضميـر الأخلاقي وتجدده من طبيعة الأمور. [27]»

من أعلام المدارس الصوفية المغربية

إن من مفاخر المغرب أنه كان أرضا خصبة أنجبت المربيـن الربانيـن والأئمة المصلحيـن الذيـن ذاع صيتهم في الآفاق وامتد تأثيـرهم إلى أنحاء شتى من العالم الإسلامي. يقول العلامة أبو العباس أحمد الخطيب الشهيـر بابن قنفذ في كتابه «أنس الفقيـر وعز الحقيـر» الذي تـرجم فيه للإمام أبي مديـن الغوث: «وقد سألت عن جملة الطوائف التي هي بالمغرب الأقصى في الأرض التي تنبت الصالحيـن كما تنبت الكلأ» [28].

والكلام على سيـر المتصوفة، واستعراض ما خلفوه من آثار تقوم مقام الإخبار عنهم، وذكر جلائل أعمالهم فيما تـركوه من آثار مكتوبة، وإسهامهم بفعالية في كثيـر من مجالات الحياة الفكرية والعلمية المختلفة، اعتـرافاً بفضلهم وتخليداً لأسمائهم، كل ذلك أثر وذكر، ولا تفي هذه الصفات بحقه، وسأكتفي هنا، بالتذكيـر ببعض الأسماء التي اشتهرت بتأثيـرها في المجال الصوفي داخل الوطن وخارجه، وهم:

  • الشيخ أبو مديـن الغوث(509-594هـ).
  • الإمام عبد السلام ابن مشيش( 559-626هـ).
  • الإمام سيدي محمد بن سليمان الجزولي صاحب دلائل الخيـرات المتوفى سنة( 870 هـ).
  • الإمام أحمد زروق (تـ 899هـ).
  • الإمام سيدي عبد الله الهبطي (تـ: 963هـ).
  • العلامة الشيخ محمد بن أبي بكر الدلائي (تـ: 1046هـ).
  • الإمام محمد بن ناصر الدرعي (تـ : 1085هـ).
  • العلامة الشيخ أبو المحاسن سيدي يوسف الفاسي (تـ: 1013هـ).
  • العلامة سيدي أحمد بن عجيبة (تـ: 1224هـ).       
  • العلامة الشيخ مولاي العربي الدرقاوي (تـ 239هـ.)

المدارس الصوفية بإفريقيا- معالم وأعلام

إن الاختيار الجنيدي للمغاربة قد امتد إفريقيا إن على مستوى المدارسة أو الممارسة، وهو ما تُزكيه كتب التاريخ والتـراجم والفهارس.

ومما هو معلوم: أن حلقات التواصل الصوفي انتظمت بيـن المغرب وإفريقيا في وقت مبكر، وتنص المصادر على أن بلاد شنقيط (موريتانيا( شكلت جسرا لعبور المدارس الصوفية المغربية من المغرب إلى إفريقيا مرورا بالسنغال. يقول الأستاذ الخليل النحوي في كتابه بلاد شنقيط المنارة والرباط: «وقد دخلت عدة طرق صوفية بلاد شنقيط، والتحم التصوف بالعلم في رحاب المحضرة، وكانت الزوايا بالبلاد سندا للمحاضر في تدريس علوم القرآن والحديث والفقه المالكي أصولا وقواعد وفروعا، والعقائد الأشعرية والتصوف والسيـرة النبوية، والتاريخ الإسلامي، وعلم اللغة العربية، وعلم أسرار الحروف».

وستناول فيما أبـرز الطرق الصوفية التي استقطبت الناس في بلاد شنقيط:

القادرية

تنسب الطريقة القادرية إلى سيدي عبد القادر الجيلاني دفيـن بغداد(تـ ـ561هـ/1177م)، وكانت من أوسع الطرق انتشارا، ومنها تفرعت طرق كثيـرة.

وقد انتقلت القادرية إلى المغرب عن طريق أبي مديـن شعيب الأنصاري الأندلسي (تـ : 594هـ/1198م)، فنشرها هناك، وجاء من بعده عبد السلام ابن مشيش، فزادت انتشارا على يده.

واتسعت خريطة انتشارها على يد الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي التلمساني التواتي(تـ 940هـ/1533م( الذي زار السودان والنيجر، وعنه أخذ الطريقة الشيخ سيدي اعمر بن الشيخ سيد أحمد البكاي بن سيدي محمد الكنتي الشنقيطي (تـ 959هـ/1552م)، وتفرعت الطريقة القادرية في بلاد شنقيط إلى شعبتيـن كبيـرتيـن: البكائية الكنتية والفاضلية.

البكائية

أسس الشعبة البكائية الشيخ سيدي أعمر بن الشيخ سيدي أحمد البكاي، في القرن العاشر، وكان قد سافر إلى الشمال مرارا ولقي الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي في توات وأخذ عنه. وبلغت هذه الطريقة أوج مجدها مع ظهور الشيخ سيدي المختار الكنتي (تـ 1226هـ/1821م.)

وإلى هذه الشعبة يـنتسب الشيخ سيديا الكبيـر الذي تلقى العلم والتـربية الصوفية في حضرة الشيخ سيدي المختار الكنتي، ثم في حضرة ابنه الشيخ سيدي محمد وعاد (تـ 1242هـ/1825م)، فنشر القادرية في مناطق تمتد من جنوب بلاد شنقيط إلى السنغال والسودان وغيـنيا. وعنه أخذ الشيخ أحمد بن سليمان من علماء أولاد ديمان، والشيخ أحمد بن حبيب الرحمن من تندغه. وعن الشيخ سيدي المختار أخذ الشيخ القاضي بن الحاج الأجيجي (تـ 1241هـ/1825م)، والشيخ المصطفى بن العربي الابييـري.

وإلى نفس الفرع يـنتسب العلامة الشيخ محمد المامي الشمشوي ومجموعة أهل بارك الله في الساحل ولمرابط بن عبد الفتاح التـركزي في لبـراكنة وأهل الشيخ بن امني في تكانت.

الفاضلية

أما الشعبة الفاضلية فقد أسسها الشيخ محمد فاضل بن ماميـن القلقمي (تـ 1281هـ/1879م). وكان يقيم في منطقة الحوض من بلاد شنقيط ثم توجه إلى الجريف شمالي مديـنة شنقيط فاتخذ منها مقرا له.

وقد انتهج الشيخ محمد فاضل سياسية حكيمة فوزع أبناءه في أرجاء البلاد، فكان لكل منهم منطقة نفوذ خاصة به: الشيخ سعدبوه في التـرارزه والشيخ ماء العيـنيـن في آدرار والصحراء بيـنما استقر سيدي الخيـر بالحوض وكان منه على صلة بالسودان. وكان لهذا التوزيع غايات علمية واضحة فقد سئل الشيخ محمد فاضل عن الحكمة في توجيه ماء العيـنيـن إلى الشمال الأقل علما وتوجيه الشيخ سعدبوه للقبلة المشهورة بالعلم، فقال:

ليعلم الأول أهل الشمال ويتعلم الثاني من أهل القبلة.

وقد بـرزت في العشيـرة ثلاث أسر التف حولها المريدون: أهل محمد فاضل بن الطالب، وأهل محمد فاضل بن عبيدي، وأهل الطالب المختار، وكان الشيخ ماء العيـنيـن والشيخ سعدبوه أبـرز شخصيات العشيـرة وقد أخذ عن الشيخ ماء العيـنيـن الشيخ المجتبي بن خطري البصادي. وأخذ عن الشيخ سعدبوه الشيخ أحمد أبو المعالي التقاطي والشيخ التـراد بن الشيخ العباس بن الحضرمي وعن الشيخ التـراد أخذ الشيخ محمد بن عبد الله بن اده البصادي(1404هـ/1784م).

الشاذلية

تنسب هذه الطريقة إلى سيدي أبي الحسن الشاذلي (تـ 939هـ/1532م)، وكان قد ظهر في مصر، وبـرز في مريديه في المغرب شيخ العلميـن أحمد زروق (تـ 963هـ/1493م)، ثم محمد ابن ناصر الدرعي (تـ 1036هـ/1626م)، وبهذيـن الشيخيـن الجليليـن تمر السلسلة الشنقيطية.

فقد أخذ عن محمد ابن ناصر الدرعي عدد من الشناقطة، منهم:

سيدي محمد بن سيدي عثمان بن سيدي عمر الولي المحجوبي وسيدي عبد الله التنواجيوي ونختار بن المصطفى، وكانوا قد اتصلوا به في زاوية تمكروت.

وذكر صاحب شجرة النور الزكية محمد الشنقيطي الآخذ عن الشيخ زروق مباشرة، وأخذ عنه أبو الرضى رضوان بن عبد الله الجنوي الفاسي (تـ 991هـ/1491م)، وعليه يحتمل أن تكون الطريقة الشاذلية قد دخلت البلاد قبل الطريقة القادرية أو تـزامن دخولهما، إلا أن يكون محمد الشنقيطي هذا أخذ عن زروق العلم الظاهر فقط.

ومن العلماء الشناقطة المنتسبيـن إلى الطريقة الشاذلية سيدي عبد الله بن الحاجإبـراهيم، تلقاها خلال إقامته بفاس، وكان لا يلقن أذكارها إلا لمن درس أحكام الشرع، وعنه تلقاها تلميذه الطالب أحمد بن طويـر الجنة، ويحتمل أن يكون قد أخذها هو الآخر خلال رحلته للحج عندما مرّ بالمغرب.

وقد أخذ الفقيه الخطاط عن سيدي أحمد التواني بزاوية تامكروت، وعن الخطاط تلقاها حمدي بن المختار بن الطالب أجود الحاجي، وكان لحفيده المرابط بابا بن محمد بن حمدي دور متميز في نشر هذه الطريقة بالسنغال. وعن حمدي أخذها زائد المسلميـن التاشدبيتي.

ومن أعيان الطريقة الشاذلية محمد فال بن متالي ويحظيه بن عبد الودود وكان منهم أيضا عبد الجليل بن الحاج والد حرمة بن عبد الجليل. ويذكر الأستاذ محمد الكبيـر العلوي أن الفغ الخطاط تلقى الشاذلية من عبد الجليل هذا، فلعله كان أحد شيخيـن له فيها.

التيجانية

هذه الطريقة هي أحدث الطرق السائدة في بلاد شنقيط نشأة وأوسعها انتشارا في إفريقيا الغربية، وهي تنتسب إلى سيدي أحمد بن محمد سالم التيجاني نزيل فاس، (تـ 1150هـ/1757م – 1230هـ/1815م)، تلقاها عدد من الشناقطة، منهم الأخوان الودانيان أحمد ومحمد الملقب السالك ابنا الإمام وسيدي عبد الرحمان الشنقيطي الذي كان يدرس العلم بفاس العليا، وكان دميع نجباء وقته، يأتون من فاس الإدريسية على أرجلهم لحضور مجلسه، وسيدي محمد الطالب جد الشيخ العلوي قاضي شنقيط وإمامها والشيخ محمد الحافظ بن المختار بن حبيب الذي لقي التيجاني في عودته من رحلة الحج فتعلم منه وتـربى لديه وعاد إلى بلاد شنقيط (تـ 1220هـ/1805م)، فنشر الطريقة فيها ونشرها أتباعه في إفريقيا، فإليه تـرتفع جل أسانيد الطريقة التيجانية إفريقيا.

وعن الشيخ محمد الحافظ أخذ سيدي مولود فاد وعنه أخذ سيدي بانم بن حم ختار وعن بانم هذا أخذ سيدي محمد الصغيـر التيشيتي صاحب الجيش الكبيـر.

ويـنتسب الشيخ عمر بن سعيد الفوتي والحاج مالك سي، وهما من أبـرز زعماء التيجانيةفي مناطق السنغال والسودان وإفريقيا الغربية إلى الطريقة التجانية، بواسطة سيدي مولود، ويتمسك الشيخ إبـراهيم الكولخي بالسند الحافظي (نسبة إلى الشيخ محمد الحافظ الشنكيطي (ويقول إنه السند العالي الغالي عندي.

وقد بلغت الطريقة التيجانية قمة انتشارها في إفريقيا على يد الشيخ إبـراهيم هذا ومريديه من الشناقطة، خصوصا الشيخ الهادي بن سيدي مولود فال الذي نشر الطريقة والمعارف في نيجيـريا.

وفي مطلع القرن العشريـن تشكلت في شرق بلاد شنقيط وغرب السودان شعبة جديدة من الطريقة التيجانية، هي الشعبة الحموية نسبة إلى الشيخ أحمد حماه الله التيشتي الشنقيطي.

وقد امتد نفوذ الشيخ حماه الله على مناطق واسعة من بلاد شنقيط إلى مالي وساحل العاج وغيـنيا وغيـرها.[29]»

وللأستاذ أبي بكر القادري كلام مفيد حول انتشار الطريقة القادرية ونشاطها بإفريقيا[30].

ولقد ساعد على انتقال التصوف المغربي:

  •  طريق رحلة الشيوخ الشاذلييـن إلى هذه البلاد.
  • وصول كتب شيوخ صوفية مغاربة أمثال الشيخ محمد بن سليمان الجزولي صاحب «دلائل الخيـرات»، وأحمد زروق صاحب «قواعد التصوف» و«شرح الحكم العطائية» و«الوظيفة الزروقية» و«النصيحة الزروقية». كما أن بعض الزوايا كان لها دور كبيـر في نقل التجربة المغربية وخاصة الزاوية الناصرية.[31]

معالم المدرسة الصوفية الإفريقية

يقف الباحث والدارس لتاريخ التصوف في إفريقيا على جملة من المؤشرات التي يمكن اعتبارها معالم عامة للمدارس الصوفية في إفريقيا، وهي:

أولا: أنها امتداد للمدارس الصوفية المغربية في الجملة: وهو أمر واقع مشهود تنطق به النصوص والشواهد الكثيـرة مما هو مسجل في كتب التاريخ والفهارس والبـرامج والتـراجم[32].

ثانيا: الأخذ والتلقي عن شيوخ التصوف المغاربة: تعتبـر المشيخة المغربية رافدا رئيسا في تشكيل أسانيد التلقيـن الصوفي في بلدان غرب إفريقيا، حيث يـنتشر التصوف بمدارسه وأوراده عبـر الشيوخ الذيـن يفدون على تلك البلاد، أو عبـر رحلات الأفارقة إلى المغرب والتي تتعدد دواعيها بيـن ما هو ديـني أو تجاري أو علمي، أو ما تفرضه الطبيعة الجغرافية للمنطقة من التـرحال والتنقل.

وهكذا أصبح لهذا التواصل دور هام في اتصال الأسانيد المغربية الإفريقية في مجال التصوف كما هو حاصل في سائر العلوم الأخرى، فانتشرت بذلك التيجانية والقادرية والشاذلية في تخوم هذه البلاد بأورادها وزواياها ومناهج التـربية فيها ونمط التصوف الذي يهيمن عليها عبـر الشيوخ والمريديـن المغاربة الذيـن حملوا لواء هذه المدارس.[33]»

ثالثا: الحضور القوي للكتاب الصوفي المغربي: تدريسا حيث كان الاعتماد في التدريس بالأساس على مصنفات المغاربة وشروحهم، وتلقيـنا حيث انتشرت كتب التصوف المغربي بأسانيدها في حواضر العلم بإفريقيا كَـ: توات وولاّتة وتنبكت.

ولعل أهم شخصية مثلت هذا التفاعل الكبيـر العالم الحافظ احمد بابا بن الحاج احمد اقيت التمبكتي( 1036هـ.)[34]

رابعا: الاعتماد الكبيـر على الأسانيد الصوفية المغربية:

يقول الباحث وديع أكونيـن: «ومن أهم الأسانيد التي يذكرها كتاب «الفتح»؛ سند الطريقة الناصرية الشاذلية التي تأسست بقرية تامكَروت على يد الشيخ الدرعي محمد بن ناصر، وازدادت إشعاعا على يد ابنه الشيخ أحمد بن ناصر الدرعي(تـ 1129ه(، وقد كان لهذه الأسرة الفضل في الجمع بيـن العلم والتصوف وتنقية موارده من الشوائب، فلاقت بهذا إقبالا كبيـرا واستحسانا واسعا في المغرب والبلاد الإفريقية.

ويذكر صاحب «فتح الشكور» سنده للناصرية حيث أخذها عن الشيخ عن مولاي عبد المالك – عن والده الشيخ عبد الله الركاني – عن سيدي محمد بن ابي زيان (أو ابن ابي ريان( – عن سيدي مبارك العنبـري (أو الغبـري(، عن شيخ الطريقة سيدي محمد بن ناصر الدرعي بسنده إلى الإمام الشاذلي مرورا بالشيخ زروق الفاسي المغربي؛ وهذا السند الإفريقي للورد الناصري يفيد انتشار الطريقة على يد هؤلاء الشيوخ الذيـن جمعوا بيـن الاشتغال بالتصوف والتلقي العلمي، وكان للشيخ مولاي زيدان (تـ  1202هـ).»7

خامسا: ارتباطها بالواقع العملي ودورها في معالجة قضايا المجتمع وهمومه.[35]

سادسا: عنايتها بنشر التعاليم السمحة للديـن الإسلامي:

أكد الكثيـر من الباحثيـن على أن الفضل في نجاح انتشار الدعوة الإسلامية في أقطار إفريقيا و غيـرها من الأقطار، يـرجع إلى المصلحيـن الصوفييـن، وهكذا كتب مسيو شاتليي يقول: ( إن الإسلام مديـن بكل فتوحاته السلمية، وانتشاره في الأقطار، لجماعة الصوفية، فمشايخ الطرق، هم في الحقيقة الذيـن يديـرون حركة الإسلام الحية، و لا يخفى ما في عملهم هذا من الخطر على المصالح الأوربية).

وهكذا كانت الطرق الصوفية في حقيقتها تدعو إلى الله، وإلى إعلاء كلمة الله، وإلى الرباط في سبيل الله، وهكذا كانت تجاهد وتحارب وتضم شتات المؤمنيـن، ليقفوا صفا واحدا أمام الأعداء والمستعمريـن، والطغاة والخائنيـن، جاعليـن دائما نصب أعيـنهم الآية الكريمة التي 1تناديهم: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪صْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.[36]

والجديـر بالذكر أن التيجانية كانت لها عناية شديدة بالدعوة إلى الإسلام، في غرب إفريقيا ووسطها، وكان مؤسس الزاوية السيد أحمد التيجاني رحمه الله، ومن جاء بعده لا يقتصرون في تعاليمهم على بث التصوف والزهادة والروحية، بل يجتازون إلى إفريقيا السوداء يبثون فيها الإسلام، ويـربونهم، كانوا يعلمون الزنوج الإسلام، و يـنشئون لهم معاهد تدرس الإسلام، ثم يـرجعونهم إلى أقوامهم، ومدرسيـن في المعاهد التي أنشئوها، وقد استمروا على ذلك حتى انتشر الإسلام في غرب إفريقيا ووسطها، حتى إنك تـرى الكثرة الكاثرة في ساحل الذهب وساحل العاج و غانا وغيـنيا، والسنغال والكونغو ونيجيـريا من المسلميـن الأقوياء في تديـنهم، و إن كان فيهم جهل يحتاجون معه إلى من يعرفهم بالأحكام الإسلامية بإجمالها وتفصيلها وفروعها وكلياتها[37].

سابعا- انطباع الممارسة الصوفية الإفريقية بالطابع المغربي.[38]

من أعلام المدرسة الصوفية بإفريقيا

تاريخ القطر الإفريقي يزخر بالأعلام الذيـن كان لهم حضور قوي وإشعاع كبيـر من المؤسسيـن والمنظريـن والمصلحيـن والمجدديـن. نذكر منهم:

  •  الشيخ سيدي أحمد البكاي (تـ ـ: 934هـ.)
  • الشيخ أحمد بابا التمبكتي(تـ ـ: 1036هـ.)
  • الشيخ سيدي عبد الرحمن الشنقيطي (تـ ـ: 1224هـ).
  • الشيخ محمد الحافظ( تـ: 1247هـ).
  • الشيخ محمد لغظف (تـ: 1803م).
  •  الشيخ سيدي المختار الكنتي (تـ: 1811م).
  • الشيخ محمد فاضل ولد ماميـن (تـ: 1869م).   
  • الشيخ عمر بن سعيد الفوتي (تـ ـ: 1281هـ.)           
  • الشيخ الحاج إبـراهيم انياس الكولخي (تـ ـ: 1395هـ).

والحمد لله رب العالميـن.

* عميد كلية أصول الدين في تطوان – المملكة المغربية

الهوامش

[1] المدرسة، مصطلح قديم لكنه لم يعرف بمعنى المذهب الفكر ي الواحد، إلا في العصر الحديث مع نشأة الاتجاهات الفلسفية المتعددة، والمدرسة بهذا المعنى الواسع هي المقصودة في العنوان. وهذا يستلزم بالضرورة سؤالا هو: هل يمكن اعتبار التصوف مدرسة؟

أطلق العلماء على التصوف عدة ألقاب، منها: المذهب / المنهج / الطريقة. لكن هذا اللقب غير مألوف لديهم، نعم درج غير واحد من الدارسين المعاصرين المهتمين بالتصوف على إطلاقه.

[2] سنن المهتدين: ص: 228.

[3] سنن المهتدين: ص: 229.

[4] التصور والتصديق للعلامة أحمد بن الصديق ص: 49 مكتبة الخانجي ومطبعتها سنة: 1366هـ.

[5] راعيت في تـرتيبها الأقدمية في الظهور.

[6] الشـيخ عبـد القـادر الجيلانـي أبـي بكـر القـادري ص: 60-63 ونسـبه محقـق صحيـح خلافـا لمـن طعـن فـي نسـبه وقـد ألـف فـي الموضـوع العلامـة محمـد المكـي بـن عـزوز المتوفـى سـنة 1334هـ ـموافق 1916م كتبـا فـي الموضـوع سـماه:» السـيف الربانـي فـي عنـق المعتـرض علـى الغـوث الجيلانـي «والكتـاب طبـع بتونـس عـام 1310هـ 1890م.

[7] انظر: كتاب «قلائد الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر «تأليف العلامة الشيخ محمد بن يحيى التادفي الحنبلي ص: 2-5الناشر عبد الحميد أحمد حنفي مصر، والكتاب حافل بالفوائد والمعلومات عن هذا الإمام. وكتاب الشيخ عبد القادر الجيلاني وأعلام القادرية لمحمد درنيقة ص: 17-37 بتصرف وكتاب «الشيخ عبد القادر الجيلاني ودوره في الدعوة الإسلامية في أنحاء العالمين: الأسيوي والإفريقي «ص: 59-76.

تـرك الشيخ رحمه الله عدة مؤلفات تمتاز بالدقة العلمية، والفهم السليم لمرامي الشريعة الإسلامية، والتحليل العميق لمشاكل المسلمين في عهده وأشهر هذه المؤلفات:

الغنية لطالبي طريق الحق عز وجل، وهو من أشهر كتب الشيخ في الأخلاق والآداب الإسلامية وهو جزءان طبع لأول مرة بالقاهرة عام 1288هـ/1871م.

الفتح الرباني والفيض الرحماني وهو المواعظ التي كان يلقي على تلاميذه في مدرسته في بغداد.

آداب السلوك والتواصل إلى منازل السلوك.

إغاثة العارفين وغاية منى الواصلين، أوراد الجيلاني.

تحفة المتقين وسبيل العارفين.

جلاء الخاطر في الباطن والظاهر.

فتوح الغيب وهو عبارة عن مقالات للشيخ في العقائد والإرشاد.

[8]الشيخ عبد القادر الجيلاني للأستاذ أبي بكر القادري: ص: 290.

[9] انظـر: الطريقـة الشـاذلية وأعلامهـا للدكتـور محمـد درنيقـة المؤسسـة الجامعيـة للدراسـات والنشـر والتوزيـع الطبعـة الأولـى: 1990م ص: 14/ 19بتصـرف. وموسـوعة أعـلام المغـرب جمـع وتنسـيق وتحقيـق الدكتـور محمـد حجـي الطبعـة الأولـى دار الغـرب الإسـلامي 1996م 1/419، مـن مجلـة دعـوة الحـق العـدد 59 الفكـر الصوفـي: ص 13-17.

[10] من مجلة دعوة الحق العدد 59 الفكر الصوفي: ص: 11.

[11] كتاب مدخل الى تاريخ العلوم بالمغرب المسلم حتى القرن 9/15م إبـراهيم حركات ص: 137.

[12] سلوة الأنفاس للعلامة محمد بن جعفر الكتاني 1/193-194.

[13] وللشيخ مؤلفات كثيرة تعتبـر العمود الفقري لمدرسته:

  • رسائل موجهة إلى بعض الفقراء والفقهاء.
  • ياقوتة الحقائق.
  • رسالة إلى عموم المسلمين نصيحة لهم وإرشادا.
  • شرح للنصف الأول من مختصر الشيخ الخليل.
  • وصية لجميع الإخوان بأداء الفروض وأعمال البـر.

والحاصل أنه جليل القدر.

[14] معلمـة التصـوف الإسـلامي: 2/175 بتصـرف. ويقـول العلامـة عبـد الحـي الكتانـي: «ودخـل فـي طريقـه جماعـة مـن علمـاء شـنقيط وسـوس قامـوا بتشـييد طريقتـه بالتأليـف نظمـا ونثـرا، وتبعهـم المغاربـة بعـد» انظـر كيـف نشـأ التصـوف فـي الإسـلام: ص: 158.

[15] التصوف الإسلامي بالمغرب للعلامة علال الفاسي: مؤسسة علال الفاسي مطبعة الرسالة/ 1998م. ص: 21.

[16] التصـوف السـني المغربـي وامتـداده الإفريقـي مـن خـلال كتـاب «فتـح الشـكور فـي معرفـة أعيـان علمـاء تكـرور الباحـث وديـع أكونيـن ص: 54 بحـث منشـور فـي مجلـة دعـوة الحـق، العـدد: 415.

[17] وأبـرز مثال على ذلك قصائد الإمام البوصيري المغربي إمام علم المديح في عصره وبعده وعناية الصوفية المغاربة بتـراثه.

[18] صحـح جماعـة مـن الحفـاظ سـماع الحسـن مـن علـي كالحافـظ ابـن حجـر والحافـظ السـيوطي وكتـب فيـه الحافـظ المحـدث العلامـة السـيد أحمـد بـن الصديـق كتابـا مفـردا سـماه: «البـرهان الواضـح الجلـي فـي انتسـاب الصوفيـة إلـى علـي» مطبـوع.

[19] راجع كتاب الفهارس للمرحوم الدكتور عبد الله المرابط التـرغي.

[20] انظـر: أثـر التصـوف فـي نشـر العلـم ومقاومـة الاسـتعمار فـي المغـرب العربـي وإفريقيـا للعلامـة الحسـن ابـن الصديـق رحمـه الله تعالـى ص: 25-26 سلسـلة دروس ومحاضـرات الجـزء الأول / الطبعـة الأولـى 2001م مطبوعـات الهـلال وجـدة.

[21] سورة الزمر، الآية: 7.

[22] سورة الزمر، الآية: 7.

[23] قواعد الإمام زروق، ق: 4 ص: 15/16.

[24] ومضات فكر للعلامة الفاضل ابن عاشور: ص: 300-301.

[25] سنن المهتدين 167-168.

[26] التصـوف السـني المغربـي وامتـداده الإفريقـي مـن خـلال كتـاب «فتـح الشـكور فـي معرفـة أعيـان علمـاء تكـرور» للباحـث وديـع أكونيـن ص: 55-56 بحـث منشـور فـي مجلـة دعـوة الحـق، العـدد: 415.

[27] معلمة المغرب /الجمعية المغربية للتأليف والتـرجمة والنشر / مطابع سلا: 1415هـ/1995م 7/ 2395-2396.

[28] أنس الفقير وعز الحقير: ص: 63.

[29] بـلاد شـنقيط المنـارة والربـاط للأسـتاذ الخليـل النحـوي، المنظمـة العربيـة للتـربية والثقافـة والعلـوم، تونـس 1987م، ص:.123-120

[30] انظـر كتابـه الشـيخ عبـد القـادر الجيلانـي ودوره فـي الدعـوة الإسـلامية ف أنحـاء العالميـن: الأسـيوي والإفريقـي ص: 264-.271

[31] جوانـب مـن تاريـخ انتشـار تعاليـم التصـوف الشـاذلي بإفريقيـا جنـوب الصحـراء ص 19 – 20 بحـث منشـور بمجلـة دعـوة الحـق – التصـوف المغربـي والامتـداد الإفريقـي العـدد: 415 ربيـع الثانـي 1437هـ/ 2016م.

[32] انظـر بحـث العلاقـات الروحيـة بيـن المغـرب وموريتانيـا التيجانيـة نموذجـا للدكتـور محمـد الحنفـي ولـد الـداه منشـور فـي المجلـة السـنغالية للدراسـات العربيـة السـنة الرابعـة / العـدد الرابـع / 2016م.

[33] التصـوف السـني المغربـي وامـداده الإفريقـي مـن خـلال كتـاب «فتـح الشـكور فـي معرفـة أعيـان علمـاء تكـرور «للباحـث وديـع أكونيـن بحـث منشـور فـي مجلـة دعـوة الحـق، العـدد: 415. ص: 50.

[34] وفي كتاب فتح الشكور نماذج كثيرة.

[35] التصـوف السـني المغربـي وامتـداده الإفريقـي مـن خـلال كتـاب «فتـح الشـكور فـي معرفـة أعيـان علمـاء تكـرور» للباحـث وديـع أكونيـن ص: 56 بحـث منشـور فـي مجلـة دعـوة الحـق، العـدد: 415.

[36] الشيخ عبد القادر الجيلاني ودوره في الدعوة الإسلامية ف أنحاء العالمين: الأسيوي والإفريقي ص: 260-262 بتصرف.

[37] الدعوة إلى الإسلام لأبي زهرة: ص: 80.

[38] انظر: بحث التصوف السني المغربي وامتداده الإفريقي من خلال كتاب «فتح الشكور في معرفة أعيان علماء تكرور.»

كلمات مفتاحية : ,