التراث العربي الإسلامي في شمال الكاميرون

التراث العربي الإسلامي في شمال الكاميرون

التراث العربي الإسلامي في شمال الكاميرون، أحمد محمود عضو فرع الكاميرون وأستاذ مادة الحضارة العربية بقسم اللغة العربية كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة مروا - الكاميرون
التراث العربي الإسلامي في شمال الكاميرون، أحمد محمود عضو فرع الكاميرون وأستاذ مادة الحضارة العربية بقسم اللغة العربية كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة مروا – الكاميرون

ألقيت المداخلة في الندوة العلمية الدولية التي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في موضوع “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ” أيام 22-23-24 ربيع الأول 1443 هـ الموافق لـ 29-30-31 أكتوبر 2021 م في العاصمة النيجيرية أبوجا.

ملخص البحث

تهدف هذه الورقة إلى إبراز جوانب التميز والإبداع في التراث الإسلامي الإفريقي، وقد ارتأيت تفريغ الورقة إلى مبحثين مختومين بما ظهر لي من مقترحات.

المبحث الأول: يتناول دخول الإسلام في شمال الكاميرون، وما أعقيه من بروز حركة علمية شكلت المجالس العلمية بمستوياتها المختلفة إحدى أبرز معالمها.

وأما المبحث الثاني فسيتناول عرض الإنتاج الفكري بأنواعه المختلفة، وتخصيص نماذج منه للتقييم، وذلك بالإشارة إلى بعض جوانب الإبداع ثم الخاتمة التي تسجل فيها المقترحات.

وأخيرا أكرر شكري لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة عرفانا بالجهود التي تقوم بها خدمة لثوابت الأمة، وإن انعقاد هذه الندوة المباركة في ربوع إفريقيا تجسيدا لتلك الخدمة.

نص المداخلة

تمهيد

يشكل التراث قاعدة انطلاق لأي أمة من الأمم في بناء نهضتها، ذلك أن النهضة لا تنطلق من فراغ بل لا بد من الارتكاز على ما أنتجه الأمة في مجال الفكر والمعرفة تحقيقا لمبدإ إن الأمم لا تحقق نهضتها بالانتظام في تراث غيرها وإنما بالانتظام في تراثها.

ومما يزيد موضوع التراث أهمية أن التواصل بين أجيال الأمة المتعاقبة عبر تاريخها الحضاري رهين بضرورة المحافظة على هذا التراث، ومن هنا تأتي أهمية انعقاد هذه الندوة التي تهدف إلى إحياء هذا التراث الذي ظل لفترة طويلة مغمورا، وإلى إبراز اسهامات علماء إفريقيا في الثقافة العربية الإسلامية.

والتراث نتاج جهد بشري حتى ولو كان هذا النتاج مبنيا على ما ليس جهدا بشريا كالوحيين (الكتاب والسنة)، فيشمل بهذا الاعتبار ما منشأه فكر الإنسان وما هو متلقى من مصدر غير الفكر.

هذا التراث لا يتشكل دفعة واحدة وإنما عبر تدرج الأمة في مراحل حياتها الفكرية والعلمية إلى أن تصل مرحلة التدوين والتأليف، ومن هذا المنطلق فإن أي بحث ننجزه في موضوع التراث يقتضي منا أن نتطرق أولا إلى الأسباب التي وفرت بيئة معينة على إنتاج هذا التراث، ثم النظر إلى التراث المنتج نظرة تقييمية بإبداء جوانب التميز والإبداع، ومن هنا فإنه يمكن اعتبار الإسلام وانتشاره بمثابة أساس انبنى عليه سائر العوامل التي خلقت ظروفا مواتية لولادة هذا التراث.

العوامل التي مهدت لإنتاج التراث بإفريقيا جنوب الصحراء

إن دخول الإسلام في إفريقيا قد حصل في وقت مبكر من ظهوره في الجزيرة العربية، فقد نقل الشيخ آدم ألوري عن الشيخ عبد الله فودي في كتابه تزيين الورقات ما نصه: إن دخول الإسلام إلى الغرب يعني غرب إفريقيا كان بالقرن الأول الهجري على يد عقبة بن نافع….، هذا ما تواتر عندنا وأخذناه عن الثقات العلماء الذين يخرجون من بلاد فوتا.[1]

هذا الدخول المبكر للإسلام صاحبه انتشار متدرج بين شعوب المنطقة إلى أن بلغ أوجه في عهد المماليك الإسلامية، وقد مثَّل ذلك أول اتصال حضاري بين إفريقيا وبلاد المغرب بصفة خاصة، والشرق الإسلامي بصفة عامة.

ونتيجة لهذا الانتشار تحول الإسلام إلى مكون ثقافي برزت معالمه في مختلف أنماط الحياة الاجتماعية. وقد أصاب الكاتب الفرنسي جوى (Gouilly) حين قال: بالإسلام يبدأ العصر التاريخي لإفريقيا ” المساجد والقصور والدور، ونشأت المدن والأمصار ونشطت التجارة، ونهضت دور العلم والثقافة بفضله[2].

والإسلام دين علم وتعلم قائم على قاعدة أن العلم قبل العمل، وعناصر التحفيز على العلم والتعلم متوفرة فيه، فلا غرابة أن نرى شعوب القارة التي اعتنقت الإسلام يَجِد اهتمامها بالعلم وطلبه، و نتيجة لهذا الاهتمام برزت في الوجود مؤسسات تعليمية بمستوياتها المختلفة معبرة عن حركة علمية بدأت تزدهر، والتي ستبلغ أوجها في القرن العاشر الهجري ببروز علماء كبار أصحاب تصانيف علمية مثل أحمد بابا التمبكتي (ت1036هـ)، وقد شكل ذلك حدثا مهما في تاريخ إفريقيا جنوب الصحراء، ذلك “أن الكتابة تعتبر أساسا من أسس التحضر وشرطا من شروطه، ودليلا من الأدلة على انتقال المجتمع من مرحلة ما قبل التأريخ البدائية إلى مراحل التاريخ الحضارية، فهي علاوة على ذلك تصل بين أفراد المجتمع، وتربط المجتمع بسواه من المجتمعات…، وتحفظ التراث وتتيح انتقاله من جيل إلى جيل آخر وتراكمه عبر الأجيال”[3].

وهناك عامل آخر أسهم في تلك الحركة العلمية أشار إليه الدكتور حسن مكي وهو ارتباط الحركة العلمية في السودان الغربي بالحركة العلمية في المغرب منذ فترة مبكرة، وهجرة عدد من علماء المغاربة وإقامتهم في السودان الغربي[4].

هذه الحركة ستمتد آثارها إلى مؤسسي الخلافة الصكتية الأسرة الفودية، والتي قامت بجهاد كبير في المنطقة قضى على بقايا الشرك والوثنية، وأسست نهضة علمية كبيرة ما زلنا نقطف ثمارها إلى يومنا هذا.

والكاميرون التي ينتمي إليها مقدم هذه الورقة قد تقاسمت بعض أجزاءها الشمالية مماليكُ إسلامية متاخمة لحدودها من مملكة كانم برنو ومملكة عثمان طان فوديو، ونظرا لتلك الجوار والتداخل الإثني والثقافي فإنه يمكن القول بالدخول المبكر للإسلام في الكاميرون، ولكن ازدهاره حدث في القرن الثامن والتاسع عشر الميلادي بجهود العلماء والسلطنات المحلية التي تأسست إبان إقامة الخلافة الصكتية، وامتد نفوذها إلى جل أجزاء شمالية من دولة الكاميرون.

صاحَب هذا الازدهار نشوء حركة علمية نتيجة لرحلات علمية قام بها العلماء من شمال الكاميرون إلى يولا ( yola) الولاية الجنوبية لدولة صكتو [5]، كان من نتائج تلك الحركة بروز مؤسسات تعليمية تمثلت في الكتاتيب والحلقات العلمية، تعنى الأولى بتعليم القراءة والكتابة، والثانية بتدريس مختلف علوم اللغة والشريعة.

هذه الحلقات تمثل المؤسسة التعليمية العليا التي كونت علماء، وتخرج منها نخبة أناروا للناس الطريق بالإسلام وعلومه، وكان لها دور بارز في إثراء الحياة الثقافية والفكرية مما جعلها تحظى بمكانة مرموقة في المجتمع وتقدير كبير من الحكام.

ثم إن علماء هذه الحلقات الذين يتميزون بتبحرهم في مختلف الفروع العلمية كان لهم نشاط كبير في التدريس، لكن جهودهم في التأليف والإنتاج العلمي ظل متواضعا مقارنة ببعض الأجزاء من إفريقيا جنوب الصحراء، وهذا القليل في معظمه لا يعدو أن يكون نتفا شكل موضوع التصوف أكثرها، وهذا التقدير مبني على تنقيب محدود.

وهناك تطلع متزايد من الداخل والخارج إلى معرفة هذا القليل من الإنتاج، وتتجه جهود بعض المؤسسات الأكاديمية لاستجلاء هذا الإنتاج المتواضع واستكشافه من خلال بحثه في مظانه وجمعه، وإنجاز رسائل جامعية في موضوعاته لكشف جوانب مضيئة منه[6].

هذه الورقة التي أقدمها لهذه الندوة المباركة امتداد لتلك الجهود الرامية إلى التعريف به وتقديمه إلى الأمة، وخصوصا هذا الجيل حتى لا يحدث انفصام بينهم وبين التراث أملا أن يستنهض ذلك همم الأجيال الجديدة في مواصلة بناء الصرح العلمي الذي بدأ في تشييده علماؤنا السابقون.

المبحث الأول: دخول الإسلام في شمال الكاميرون وقيام حركة علمية

سبق القول بالوصول المبكر للإسلام في شمال الكاميرون، لكن انتشاره تم بشكل متدرج إلى أن تكامل في عهد الخلافة الصكتية التي نجحت في إقامة إمارات إسلامية حكمت معظم أرجاء الشمال، ونجحت في صبغ الثقافات المحلية بتعاليم الإسلام.

هذا المد الإسلامي رافقه حركة علمية قوية تمثلت في الحلقات العلمية التي أدت دورا مهما بفضل علمائها في نشر الإسلام وتعاليمه السمحة حتى غدا مكونا من مكونات الثقافة وجزءا من هوية المسلم.

ومن رحم هذه الحلقات نشأت حركة التدوين والتأليف، والتي لم تزل من وجهة نظري المتواضعة المبنية على تنقيب محدود طور التكوين، ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار حركة التدوين في مركز الخلافة وقارناها بنفس الحركة في الأطراف فإننا نلمس تفاوتا كبيرا في مستوى التأليف.

يقول الدكتور حسن مكي في بيان مستوى التأليف في مركز الخلافة: والكتب المرصودة للشيخ عثمان فودي تبلغ 131، والمرصودة لأخيه الشيخ عبد الله تبلغ 58، وأما المرصودة لابنه السلطان بلو فتبلغ 96، ومثلت هذه المصادر معلما مهما في تاريخ الفكر الإسلامي: فقهه، وسياسته، وإدارته واقتصاده، ودعوته وعلومه المختلفة، وهي بنفس القدر حركة ازدهار للثقافة العربية شعرها ونثرها…، ولم يزر واحد منهم شمال إفريقيا أو الحجاز على سلامة لغتهم العربية ونبوغهم فيها مما يدل على تجذر اللسان العربي والثقافة الاسلامية في دولتهم،[7].

وقد ذكر أمير المؤمنين سلطان سكوتو الحاج سعد محمد أبوبكر في تقديمه لكتاب” مختارات من مؤلفات الشيخ عثمان بن فودي ما نصه: أحمد الله سبحانه وتعالى على إتاحة هذه الفرصة لي للإشراف على جمع وتوثيق وتحرير وترجمة ونشر مائة كتاب من كتب أوائل حكام دولة سكوتو الذين هم الشيخ عثمان بن فوديو والشيخ عبد الله فوديو وسلطان محمد بللو وأخته أسماء بنت الشيخ عثمان، فهؤلاء تركوا لنا ما يزيد عن أربعمائة مؤلف ما بين كتاب ومقال[8].

وإذا كان هذا حال المركز في الإنتاج العلمي فإن الأطراف التابعة له لم تكن بنفس القدر من ازدهار التدوين والتأليف، وقد يكون قصر عمر الخلافة الصكتية التي لم تدم سوى قرن من الزمن نتيجة لدخول الاستعمار الانجليزي عاملا في انحسار التواصل العلمي بين المركز والأطراف مما حد من ازدهار حركة التدوين في تلك الأطراف، أضف إلى ذلك أن صلة المركز المبكرة بالمراكز العلمية المزدهرة في القرن العاشر الهجري كتمبكتو وجني ووجود رحلات لعلماء من كلا الجانبين، كل ذلك عوامل مهدت للنهضة العليمة التي شهدتها الخلافة الصكتية، وهي عوامل لم تتوفر لشمال الكاميرون مما جعل ازدهار الكتابة والتأليف لم يبلغ ذلك المبلغ الذي بلغه المركز.

نلقي الضوء قليلا على تلك الحلقات التي كانت مهدا لولادة تراث عربي إسلامي في شمال الكاميرون قبل عرض نماذج من هذا التراث.

 الحلقات العلمية

الحلقات عبارة عن مجالس تضم مجموعات من طلبة العلم مختلفي المستويات، يتلقون دروسهم المختلفة من الشيوخ في جلسة واحدة، ثم يقومون بعد هذه الجلسة العامة فيتجه من هم أدنى في المستوى إلى الذين هم أعلى منهم فيعيدون لهم الدروس حتى يتسنى لهم إتقانها جيدا، ويسمون ذلك بإعادة القول (ويتاغو)[9].

يتم تأسيس هذه الحلقات من أشخاص درسوا العلم ثم تفرغوا لنشره، ونظرا إلى أنه لا توجد جهة منظمة ومشرفة على هذه الحلقات تحدد لها الأماكن التي يتم فيها بث التعليم فقد اتخذ كل عالم متفرغ للتعليم دهليز بيته مكانا لانعقاد هذه الحلقات، ومن هنا اكتسبت اسمها الشائع بالمدارس الدهاليزية.

ويتكون من مخرجات هذه الحلقات حلقات أخرى تبدأ من إعادة القول لأولئك الذين هم أدنى مستوى، ثم يتم انفصال هذه الحلقات إما في حياة الشيخ المؤسس أو بعد وفاته.

وقد لعبت هذه الحلقات دورا هاما جدا في نشر الثقافة الإسلامية بمختلف مكوناتها، وبعض هذه الحلقات تمتع بشهرة واسعة مما جعل إشعاعها يمتد ليشمل المناطق الناطقة باللغة الفلاتية في شمال الكاميرون وشمال نيجيريا ومنطقة باقرمي بجمهورية تشاد، فقد توافدت جماعات من أبناء هذه الجهات على هذه الحلقات للاستفادة منها ثم العودة إلى مناطقهم.

علاقة هذه الحلقات بالسلطة

لا توجد علاقة منتظمة بين هذه الحلقات وبين السلطة لا من حيث التأسيس ولا من حيث الإشراف، ولكن نظرا لأن العلماء القائمين على هذه الحلقات هم النخبة المثقفة فقد احتاجت السلطة القائمة إلى الاستعانة بهم في إدارة البلاد في مجال القضاء وفي الاستشارات في شؤون العامة، وقد ساهموا في هذه المجالات مساهمة أدت إلى استقرار الأوضاع وسيادة النظام العام.

وفي عهد الاستعمار قبل انتشار التعليم الفرنسي كانوا يضطلعون بمهمة كتابة الرسائل التي كانت تجري بين السلطة الاستعمارية والسلاطين، وقد كان الجد[10] شغل فترة وظيفة الكاتب في الإدارة الفرنسية كما كانوا يقومون إلى جانب الكاتب باللغة الفرنسية بكتابة الاحصائيات العامة لعدد السكان ومختلف الحيوانات، هذه الاحصائيات كانت تجري بشكل دوري لمعرفة نمو عدد السكان والحيوانات.

المرتكزات الأساسية لهذه الحلقات

أولا: إن الدافع الأكبر لإنشاء هذه الحلقات والتفرغ لها وحبس النفس عليها وحمل الأعباء المختلفة من أجلها دون انتظار رصيد مادي ينتظرهم بعدها إنما هذا كله لأن فيها نشرا للإرث النبوي الذي يرجون وراءه عظيم أجره سبحانه وتعالى، ولو أنهم كانوا ينتظرون من أحد أن يكافئهم لتوقفت هذه الحلقات، وانقطعت عن الأداء منذ زمن بعيد، هذا بالنسبة للعمود الأول لهذه الحلقات وهم المؤسسون لها والقائمون عليها.

ثانيا: أما بالنسبة للعمود الثاني الذي يجسده الطلبة المنتظمون في هذه الحلقات الذين وفدوا من كل الجهات إليها، فالرحلة لطلب العلم الشرعي عادة توارثتها الأجيال المسلمة في كل أحقاب التاريخ الإسلامي وفي جميع الأصقاع، فقد اختار هؤلاء الغربة وتحملوا الجوع وتفرغوا لحفظ المتون في العلوم المختلفة في الفقه واللغة والنحو والصرف والتفسير، واعتنوا بجانب العبادة من قيام الليل وتلاوة القران الكريم.

والشعور العام الذي ينتظم هؤلاء الطلاب هو أنه بقدر ما يتفانى الطالب في خدمة أستاذه ومعلمه بقدر ما يتحصل على بركة العلم، ومن هنا يحترمون مشايخهم احتراما بالغا، ويقومون بكل ما يستطيعونه من خدمتهم وتنفيذ أعمالهم، فقد نشأت بينهم رابطة أساسها الحب والشفقة والاحترام والتقدير.

ثالثا: علاقة المجتمع بهذه الحلقات

وقد وعى المسلمون أن هؤلاء الطلاب لا يمكن لهم أن يستأجروا لأنفسهم أماكن إقامتهم ويتحملوا نفقاتهم الخاصة كما أنه لا يمكن أن يتحمل ذلك المشايخ الذين يقومون بالتعليم في هذه الحلقات، فلا بد من طرف ثالث يقدم مساهمة مستقلة تعين هؤلاء على الانتظام في دروسهم، ومن هنا فتح الكثير من المسلمين أبوابهم لاستضافة هؤلاء الطلاب الذين يأتون من الخارج، فذلك بتحمل السكن والنفقة لهم، وبهذا اكتمل لهذه المجالس عناصر البقاء والاستمرار في أداء رسالتها التعليمية.

ولا شك أن نشاط هذه الحلقات قد تقلص بشكل ملحوظ عند بداية فتح المعاهد من جانب الخريجين العائدين من العالم العربي، واستقطابها للطبقة الشابة لما امتازت به هذه المعاهد من تنظيم نسبي للتعليم بتحديد المستويات له، ثم ما تمتاز به من سرعة في التثقيف وانحصار فرص الالتحاق بالجامعات الاسلامية في العالم الاسلامي لحملة الشهادات لهذه المعاهد.

مقررات الحلقات التقليدية

تتميز هذه المقررات بشمولها لمختلف المواد الشرعية واللغوية، وقد نظمها مودبو أمين مال أحمد[11] في الأبيات الآتية:

ـ القرطبيّ ثم زهدٌ أخضرُ………… ابن دُرَيْدٍ شُعَرا التعليمُ

ـ داليةٌ عزيةٌ عشرينيـــَهْ عَشْرِية رسالة مقامـــَـــهْ

ـ آجروميةٌ مُلْحةٌ خلاصَهْ التحفةُ المختصرُ الموطَّئَهْ

ـ وهكذا تفسيرنا القرءانُهْ فاسمع وصيتي لها البرهانـُهْ[12].

وهذه أهمها، ويمكن إضافة بعض المتون إليها كمتن ابن عاشر ومتن العشماوي وقواعد الصلاة ومنظومة ابن رشد وإرشاد السالك لابن عسكر ومصباح السالك.

ويلاحظ غياب مقررات خاصة بالعقيدة، ولعله يكتفى في ذلك بما ورد في مقدمة ابن عاشر والرسالة لابن أبي زيد القيرواني، ونفس الملاحظة بالنسبة لأصول الفقه ومصطلح الحديث والبلاغة، والمشاهَد في بعض الحلقات بمدينة مروا تدريس عقود الجمان في علم البلاغة والبيان لجلال الدين السيوطي، أما أصول الفقه ومصطلح الحديث فلم نقف على أسماء متون مقررة لهما، وإن كان هناك تأكيد من الشيوخ الذين حاورناهم على أنهما يدرسان في السابق.

ويراعى في دراسة هذه المقررات مبدأ التدرج بحيث يبدأ الطالب بالمتون المختصرة ثم يرتقي إلى المتون الكبيرة، وذلك في كل فن، وهو المنهج الذي أشار إليه ابن خلدون وأشاد به: اعلم أنّ تلقين العلوم للمتعلّمين إنّما يكون مفيدا إذا كان على التّدريج شيئا فشيئا وقليلا قليلا يلقى عليه أوّلا مسائل من كلّ باب من الفنّ هي أصول ذلك الباب. ويقرّب له في شرحها على سبيل الإجمال، ويراعى في ذلك قوّة عقله واستعداده لقبول ما يرد عليه حتّى ينتهي إلى آخر الفنّ، وعند ذلك يحصل له ملكة في ذلك العلم[13].

المبحث الثاني: الإنتاج العلمي

يعتبر التراث العربي الإسلامي امتدادا لجهود علماء الدهاليز، وهذا التراث وإن لم يزل في طور التنقيب فإن مجرد وجوده يمثل أول إبداع حققه علماؤنا في مجال التأليف والكتابة، ويمكن تحصيله بالبحث عنه في إحدى الدوائر الآتية:

أولاها وأهمها: السلطنات التي لعبت دورا كبيرا في نشر الإسلام، واستعانت بالعلماء في تدبير شأن الأمة، وخاصة فيما يتعلق بالإمامة والقضاء وكتابة الرسائل الملوكية.

الثانية: الأسر العلمية التي توارثت العلم أو اشتهر فرد من أفرادها بالعلم.

الثالثة: مكتبات الجامعات.

الرابعة: المكتبة الوطنية التابعة لوزارة الثقافة، ومقرها ياوندي.

وبعد تنقيب محدود عن هذا التراث فإن القدر المحصَّل منه يمكن تصنيفه وفق الآتي:

1 ـ ما كان مخطوطا ثم حقق، وهذا قليل جدا، وقد عثرت على مخطوط واحد محقق من تأليف معلم عثمان أسماه: مخطوطة عربية عن مملكة كنش، تحقيق وترجمة وتعليق حمدو آدما وتيرنو مختار باه، والكتاب من منشورات معهد الدراسات الإفريقية 2001.

والكتاب مقسم إلى أبواب وفصول، وتناول مؤلفه تاريخ إمارة كنش والأحداث التي رافقت تأسيسها، والملوك الذين تعاقبوا على إمارتها والروابط السياسية والثقافية التي تربطها بيولا عاصمة الولاية الجنوبية لصكتو، وتحدث عن وصول المستعمر في الإمارة، والخلاف الذي حدث بسببه بين أمرائها في أي الخيارين أفضل؟ القتال أو الصلح.

وتشير المصطلحات الإسلامية الواردة في الكتاب إلى أن الشريعة الإسلامية هي مرجعية الحكم في الإمارة مما يوحي بأن الإمارة إسلامية.

وألفاظ الكتاب سهلة تخلو من الغريب، وورد نزر يسير من ألفاظ محلية وفرنسية كسوجي وكمند[14]، كما أنه لا يخلو من اقتباسات وإن كانت قليلة، فقد اقتبس المؤلف من القران الكريم واستشهد بشعر علي بن الحسين[15]، فالكتاب يعكس البيئة والمجتمع اللذين ينتمي إليهما المؤلف، وقد حاول المحققان تقويم عبارات المؤلف، ومع ذلك يظل أسلوبه في مجمل الكتاب بحاجة إلى تركيز أكثر لاستنتاج معطيات الأحداث بصورة جلية.

ورغم كل الملاحظات التي سجلناها على الكتاب فإنه يظل المخطوط الوحيد الذي عثرنا عليه محققا ومنشورا من معهد علمي مشهور.

وإذا استثنينا الكتاب المخطوط فإن الباقي وهو الأكثر يتوزع بين الر سائل والقصائد، وكلها مهم لنا في معرفة مستوى حركة التأليف والنضج الذي بلغته تلك الحركة، وقد كان ظهورها في وقت مبكر، وتبدو أهميتها في كونها تشكل المحاولة الأولى لعلماء المنطقة في الكتابة والتأليف، ويمكن القول بعد تنقيب محدود قمنا به أنها أكثر وفرة من الكتاب المخطوط كما أن القصائد تترجح على الرسائل من جهة الكم.

وتتنوع موضوعات الرسائل والقصائد وإن كان جانب التصوف والتزكية يستأثر بنصيب الأسد منها، ويدلنا تنوع موضوعاتها على الأهداف التي دعت أصحابها إلى التأليف والكتابة.

أولا: القصائد

وتتنوع اغراضها، فقد يتعلق موضوع القصيدة بالفقه، والهدف منها التعليم كما هو حال قصيدة مودبو بلو[16] في نظمه بيوع الآجال من مختصر خليل، فقد وضعها لتسهيل فهمها وتيسير حفظها، لأنه لاحظ رحمه الله تعالى استشكال الطلاب لها.

وقد يكون الغرض منها المدح كأن يكون الكاتب أو الأديب كتب المدح في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم أو في مدح علم من أعلام التصوف، و يبدو أن هذا الغرض قد استولى على مشاعر العلماء، فكان سببا في نطم كثير من القصائد إلا أنها متفاوتة في مستواها الفني، فمنها ما بلغت القمة في الجودة والإبداع، ومنها ما هو دون ذلك.

ومن النماذج التي ارتأينا إيرادها للتدليل على الإبداع رسالة الشيخ مودبو أحمد مغم[17]، وقد سماها ” تحقيق المسلك النفيس في حضرة الملك القدوس، ويليه روضة المشتاق إلى حضرة المبدع الخلاق لعبيد الله تعالى أحمد بن نصر التجاني الفلاتي مغم مندف مروا كمرون مسكنا عام 1388هـ”.

قسم الشيخ الجزء الأول من الرسالة إلى ثلاثة أقسام، خصص القسم الأول منها لمدح النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني لمدح مؤسس الطريقة التجانية الشيخ أحمد التجاني، والثالث لشيخ إبراهيم نياس المعروف بالفيضة التجانية، ثم ذكر في الجزء الثاني منها القصيدة اليائية مبرزا فيها أهمية الشيخ المربي ومداومة المريد على الأذكار لا سيما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ختم هذا الجزء بسرد توجيهات ونصائح للمريد السالك.

ومن عيون ما قاله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:

وقد صرح المولى بأنك رحمة….. على الخلق طرا نبتغي منك وصلة.

سموت عن الأكوان والكل خادم…… ويثني عليك الغيب في وسط حضرة.

فلست بمدح المادحين مفاخرا……. كفاك ثناء الحق رب البرية.

وتتميز القصيدة بسهولة ألفاظها والبعد عن الغرابة ووضوح أفكارها، وفد نجح الشيخ في التصوير الفني الذي صاغه في قصيدة روضة المشتاق إلى حضرة المبدع الخلاق بحيث صور وصول المريد إلى حضرة الله وشروط ذلك الوصول بخاطب امرأة أصيب بالهيام، فطلبت منه تحقيق شروط النكاح فيقول:

وأسال عن ليلى فقالت من الذي….. يريد لقائي مع إرادة غيريـا

فقلت لها والله مالـي إرادة……. سواك وأما الغير قد كنت ناسيا

إلى أن يقول:

فقلت لها ما الشرط في العقد إنني…. قتيل بطي الود فيـــــك فنائيــا

فقالت صداق والولي ونفقــة……. وما صح عقدي دون هذي الثلاثيا [18].

وهذه الشروط يقصد بها ملازمة المريد السالك للشيخ المربي والتأدب معه مع الالتزام التام بأذكار الطريقة، وهذا النوع من الرسائل كثير.

ـ وقد يتعلق غرض القصيدة بالرثاء، ومن بين القصائد التي ذاع صيتها في هذا الغرض، وحظيت باهتمام الأوساط العلمية مرثية في حق الإمام حمن سعيد[19]، رثاه بها تلميذه مودبو عبد الله الكالي يحيى[20]، وقد استوفت عناصر الجودة الفنية التي تتطلبها القصيدة العربية، يقول في مطلعها:

قوموا لنبك فوات عالم عصرنا حمن سعيد نور الزمان بوقتنا

الله قد زال المصابح جنبنا لغرب قرص الشمس في بلداتنا

قد نال من علم الفنون مع التقى وعدالة في الحكم كاشف غمنا

قاض بعلم والتقى من ربنا……. لا بالجهالة والهوى من نفسنا

هو ثالث الحكام ورث جنة……. واثنان في النار كما في ديننا[21].

اشتملت القصيدة على صور بيانية تكشف قدرة الناظم على تأدية المعنى بأساليب مختلفة مثل قوله “زال المصابح” وقوله: “لغرب قرص الشمس”، ففي كلا التعبيرين استعارة تصريحية من حذف المشبه به وإقامة المشبه مقامه، ثم يأتي الناظم بالاقتباس من الحديث: القضاة ثلاثة، والاقتباس فن من فنون البديع الذي يعنى بتزيين الألفاظ أو المعاني بألوان بديعة من الجمال اللفظي أو المعنوي، والاقتباس معدود ضمن المحسنات اللفظية.

ويمكن الإشارة إلى قصائد أخرى مطبوعة مثل كتاب زاد الطالب للشيخ محمود بن إبراهيم المشهور بمحمود غوني في نغودري وهو نظم ضمنه آداب وتوجيهات لطالب العلم.

ـ وقصيدة جلاء أصداء القلوب بمدح قطب الأقطاب الشيخ أحمد التجاني للشيخ إسحاق بن محمد بللو[22].

ومن القصائد الرائعة التي عثرنا عليها قصيدة الشيخ مودبو عثمان بن دليل عثمان كيديري[23] (koyderi) في مكفرات الذنوب، وذكر ما يزيد عن أربعين عبادة مكفرة للذنوب، يقول رحمه الله في مطلعها:

حمدا لمن يغفر كل ذنب…….. خلا وحاشا الشرك دون ريب

ثم صلاته على المختار………….محمد وآلــــه الأبرار

فهاك ما قد جاء في القران……..وفي حديث المصطفى عدنان

من المكفرات للأوزار…………..بمحض فضل الملك الغفار[24].

وله قصيدة طويلة ذكر فيها فوائد اسم اللطيف مطلعها:

الحمد للخالق ذي الأسماء ما جاء في القران لكي ندعوا.

ثم صلاة وسلام جُمعا……على محمد باب لمن قد طلبا

وآله وصحبه أهل الجهاد….. وأهل ذكر ديننا بهم قد رفعا

وبعدُ هاكم سر اسم اللطف…بيا اللطيف سمه كي تذكرا

أديتها الإخوان كي ينفوا بها…. مما يُشيننا هو الفقر بدا

ثانيا: الرسائل

(متون مختصرة صغيرة الحجم).

  • ومن بين الرسائل التي حصلنا عليها أثناء إعداد هذه الورقة: المحجة الواضحة في الرد على الفرقة المتمردة الجاهلة عن أهل الطريقة التجانية والصوفية للشيخ أحمد بن نصر مغم، تطرق فيها إلى بيان مشروعية أذكار الطريقة التجانية من الكتاب والسنة، وأخذ الورد عن المقدم ثم تصدى بعد ذلك للقضايا المثارة حول الطريقة التجانية والتصوف عموما.
  • ومن المتون التي عثرنا عليها أيضا كتاب شرح الرحبية الوجيز في علم المواريث للشيخ حسن علي أبو بكر المشهور بشريف حسن ملتم، والكتاب عبارة عن شرح مختصر لمتن الرحبية، ولم يستوعب جميع النظم بالشرح، وينبه على الفهم الخاطئ للمجتمع لبعض مسائل التركة كالقول بأن الأم تسوى مع أبنائها في الميراث[25]، كما أشار إلى أنه ليس في مسائل الميراث ما هو أصعب من باب الجد والإخوة[26].
  • وهناك نوع آخر من القصائد باللغات المحلية المكتوبة بالحرف العربي، وهذا النوع قد نما وتطور مع الفوديين، ثم قلدهم العلماء في شمال الكاميرون[27]، فحصل منه إنتاج قيم مما لا تسع هذه الورقة استيعابه.
  • وقد نشط في الآونة الأخيرة حركة ترجمة كتب التراث إلى اللغة المحلية، وخاصة الكتب التي تدرس في الحلقات التقليدية بغية تسهيل قراءتها وتقريب معانيها، ولعل الرائد في هذه الحركة مودبو حمدو بن مودبو طاهر، فقد قام مشكورا بترجمة ما يقارب ثلاثين كتابا بدءا بترجمة معاني القران الكريم ثم سائر متون اللغة والشريعة مما يجري الاهتمام به في مجالس الحلقات، وقد أكمل ترجمة الجزء الأول من مختصر خليل، ويأمل أن تمكنه ظروفه الصحية من إكمال الجزء الثاني [28].

الخلاصة أن حركة التأليف تعكس ازدهار حركة التعليم العربي الإسلامي في مختلف المجالات مما أثمر في وقت مبكر نظم القصائد وتأليف الرسائل، ولعل البحث المكثف قد يزودنا بكثير من هذا الإنتاج المكنون.

وجدير بالتنبيه على أن هناك جهودا تبذل في سبيل استكشاف هذا الكنز الثمين من حياة الأمة لكنها تظل جهودا فردية غالبا ما تكون حصيلتها محدودة، وقد آن الأوان لأن تتكاتف تلك الجهود للتنقيب عن هذا التراث وتجميعه.

النتائج

إن موضوع التراث العربي الإسلامي بشمال الكاميرون يحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب، وبناء على تنقيب محدود فإنني توصلت إلى نتائج، منها:

  • الانتشار الواسع للإسلام في شمال الكاميرون حصل في القرن الثامن والتاسع عشر الميلادي رغم وصوله المبكر في المناطق المحيطة ببحيرة تشاد، وتحول بفضل ذلك إلى مكون ثقافي مهم وأحد العناصر المشكلة للهوية.
  • رافق هذا الانتشار ازدهار الحركات العلمية الممثلة في مجالس الحلقات التي شهدت تطورا بفضل الرحلات العلمية لعلماء الشمال.
  • برز نشاط علماء الحلقات في التفرغ لمهمة التدريس بحيث شكَّل ذلك الجانب الأبرز من جهودهم.
  • محدودية التنقيب عن التراث العربي الإسلامي في شمال الكاميرون.
  • تُبرز محاولات التأليف التي تجسدت في شكل قصائد ورسائل مختصرة ومدونات التاريخ صورة من صور الإبداع.
  • توزع هذا الإنتاج بين عدة دوائر أهمها: السلطنات والأسر العتيقة التي اشتهر بعض أفرادها بالعلم، ومكتبات الجامعات وخصوصا المكتبة الوطنية التابعة لوزارة الثقافة، فهي تضم داخل أروقتها وثائق تاريخية ذات الأهمية.
  • تزداد الأهمية بتوجيه الجهود نحو تجميع هذا التراث، والجهود الفردية وإن كانت مرحبا بها لكنها غير كافية في تحقيق ما نتطلع إليه.

مقترحات

أقترح على المؤسسة باعتبارها الأم التي تحتضن جميع الفروع في بلدان إفريقيا هذه المقترحات:

  • إنشاء مراكز ثقافية في مختلف بلدان الفروع تعنى بجمع كل تراث علمي ينتمي للحضارة العربية الإسلامية، وتكون مرآة ثقافية تعكس ما لهذه الشعوب من إسهام متميز في مختلف المجالات، وهو يتقاطع مع هدف آخر تنوي المؤسسة إنجازه ضمن مخططاتها وهو إنشاء معلم الملك محمد السادس للعلماء الأفارقة يضم تراجم علماء المنطقة ويبرز منجزاتهم في الحضارة العربية الإسلامية.
  • ومن بين المنطلقات الثقافية التي ينبغي توظيفها لصالح أهداف المؤسسة فتح آفاق تعاونية مع المؤسسات التعليمية الموجودة في بلدان الفروع من جامعات ومراكز بحث في مجال الثقافة والتراث، وبناء على ذلك فإنني أقترح إنشاء الكراسي الخاصة بالتراث العربي الإسلامي في الجامعات العريقة في إفريقيا، ودعم أقسام عربية في جامعات تتوفر بها أقسام عربية.
  • أقترح هذا “ونفسي تجيش بالأمل” وبالرغبة في الحديث عن القسم العربي بكلية الآداب بجامعة مروا، مدينة تعتبر مركزا من المراكز العلمية في الماضي والحاضر، عرفت بحلقاتها العلمية، ذاع صيتها حتى شدت الرحال إليها، و من هذا المنطلق فإننا نلتمس من المؤسسة إنشاء كرسي التراث العربي الإسلامي بكلية الآداب وتوفير الدعم له، وهو مطلب هام يحقق لنا جميع الأهداف المسطرة في المحاور، والتي تتوخى هذه الندوة تحقيقها.

والله نسأل أن يحفظ أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بما حفظ به الذكر الحكيم، وأن يقر عينه بولي عهد الأمين، وأن يثيبه الجزاء الأوفى على رعايته الكريمة للمؤسسة إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وأخيرا أكرر شكري للمؤسسة وتقديري لمساعيها عرفانا بالجهود والترتيبات الرائعة التي قامت بها من أجل إنجاح هذه الندوة، وبالجهود التي تقوم بها في خدمة ثوابت الأمة، و يأتي انعقاد هذه الندوة في ربوع إفريقيا تجسيدا لتلك الخدمة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الهوامش

[1] ـ الإسلام في نيجيريا والشيخ عثمان بن فودي ص: 26

[2] ـ التعليم العربي الإسلامي في إفريقيا ص: 12

[3] ـ في معركة الحضارة ص: 99.

[4] ـ بحوث ندوة التعليم وتطوره في غرب إفريقيا ص: 39،

[5] ـ هي الآن تسمى أدَماوا إحدى ولايات شمال نيجيريا.

[6] ـ وقد نوقشت أطروحة بجامعة مروا بهذا الخصوص تقدم بها الدكتور يحيى بوبا بعنوان: الشعر والشعراء في إقليمي الشمال وأقصى شمال الكاميرون، وذلك عام 2017.

[7] ـ بحوث ندوة التعليم وتطوره بغرب إفريقيا ص: 51- 52.

[8] ـ مختارات من مؤلفات الشيخ عثمان بن فوديو الجزء الأول ص: 7،

[9] ـ وتعني مراجعة الدرس مع من هو أعلى مستوى.

[10] ـ هو مودبو يحيى بكري من علماء الحلقات، توفي 1984،

[11] ـ من علماء الحلقات بمدينة مروا، توفي 23 نوفمبر 1991، 15 جمادى الأولى 1411هـ،

[12] ـ نقلا عن تلميذه مودبو عرابو وهو الذي ورث حلقة شيخه

[13] ـ مقدمة ابن خلدون، الفصل السابع والثلاثون في وجه الصواب في تعليم العلوم وطريق إفادته

[14] ـ مخطوطة عربية عن مملكة كنش ص 47 ـ 48،

[15] ـ المصدر السابق ص: 81،

[16] ـ أحد علماء الحلقات بمدينة مروا توفي 12/ 09/ 1986،

[17] ـ من علماء الحلقات وزعيم الطريقة التجانية بمدينة مروا.

[18] ـ تحقيق المسلك النفيس ومعه روضة المشتاق إلى حضرة القدوس ص: 13 وما بعدها.

[19] ـ من علماء الحلقات بمدينة مروا، تولى إمامة الجامع الكبير ومنصب القضاء، توفي رحمه الله عام 1916،

[20] من علماء الحلقات، درس على يد الإمام حمن سعيد، تولى إمارة بلازا وقضاءها، وتعرف الآن ببلازا الكالي، ولم أقف على تاريخ وفاته

[21] ـ منقولة عن الشيخ محمود مال بكري، إمام الجامع الكبير بمدينة مروا ورئيس فرع المؤسسة بدولة الكاميرون.

[22] ـ من شيوخ الطريقة التجانية بمدينة مروا

[23] ـ من علماء الحلقات و شيخ كبير من شيوخ الطريقة التجانية، له إنتاج وافر في القصائد العربية والقصائد الإسلامية باللغة المحلية (الفلاتية) استوطن راي بوبا في قرية كيدري وأنشأ بها زاوية كبيرة للتربية الروحية وحلقة علمية لتدريس العلوم الشرعية بمختلف فروعها، توفي عام 2015،ترجمة منقولة عن تلميذه يحيى المقيم ببتوا.

[24] ـ قصيدة منقولة عن تلميذه بواسطة الدكتور يحيى بوب.

[25] ـ كتاب شرح الرحبية الوجيز ص: 7.

[26] ـ نفسه ص: 13.

[27] ـ ومن بين القصائد التي راجت قصيدة تنمو إيلل، وتعرف بسير التوبة (باللغة المحلية)، ومن أبرز منشديها مال بوب، توفي رحمه الله، وللشيخ عثمان كيديري إنتاج وافر من هذه القصائد.

[28] ـ قمت بزيارته في منزله وحاورته في مشروعه حول ترجمة كتب مجالس الحلقات إلى اللغة المحلية ( الفلاتية) بتاريخ 14/10/2021

المصادر

  1. الإسلام في نيجيريا وعثمان بن فوديو للشيخ أدم عبد الله الإلوري، دار الكتاب المصري.
  2. التعليم العربي والإسلامي في إفريقيا، مشكلات وحلول، مجموعة من المؤلفين.
  3. بحوث ندوة التعليم وتطوره في غرب إفريقيا التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي، 2- 3 جمادى الأولى1430هـ، الموافق 27 -28 أبريل 2009 م نيامي – النيجر.
  4. تحقيق المسلك النفيس للشيخ أحمد مغم.
  5. شرح الرحبية الوجيز في علم المواريث للشيخ حسن علي أبوبكر.
  6. في معركة الحضارة لمؤلفه قسطنطين زريق.
  7. مختارات من مؤلفات الشيخ عثمان بن فوديو، مؤسسة دار للطباعة والنشر.
  8. مقدمة ابن خلدون اعتنى به مصطفى شيخ مصطفى، مؤسسة الرسالة.
كلمات مفتاحية :