تراث الإمام أبي الحسن الأشعري

تراث الإمام أبي الحسن الأشعري

تراث الإمام أبي الحسن الأشعري – الدكتور عبد القادر بطار
تراث الإمام أبي الحسن الأشعري – الدكتور عبد القادر بطار

تراث الإمام أبي الحسن الأشعري [1]، الدكتور عبد القادر بطار.

تقديم

اهتم العلماء والباحثون قديما وحديثا، بآثار الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه، وكان طبيعيا ان يهتموا بتراثه، وأن يحتفلوا بآرائه، لكونه رائدا روحيا لأغلب المسلمين في المشرق والمغرب. صحيح أن آراء الإمام الأشعري لم تحرر بشكل نهائي إلا على يد المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة، من أمثال القاضي أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني (المتوفى سنة 403 هـ) وهو من المتقدمين؛ وإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني (المتوفى 478 هـ)، والإمام أبي حامد الغزالي حجة الإسلام (المتوفى سنة 505 هـ)، والإمام فخر الدين محمد بن عمر الخطيب الرازي (المتوفى سنة 606 هـ)، وهؤلاء من المتأخرين. ولذلك فإن المتأمل في مؤلفات الأشعري، المتفحص لمقالاته، يجد نفسه أمام صورتين مختلفتين نسبيا للمذهب الأشعري: صورة قريبة من منهج أهل الحديث، وهي التي يمكن أن نطلق عليها الصورة النقلية للعقائد الإيمانية، ويمثلها كتاب “الإبانة” وكتاب “مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين” و”رسالة إلى أهل الثغر”. وصورة ناضجة، تعنى بتصحيح مذهب المعتزلة، وتقرير مذهب أهل السنة والجماعة في صورته البرهانية، ويمكن أن نسميها بالصورة العقلية للعقائد الإيمانية، ويمثل هذه الصورة كتاب “اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع” وكتاب “مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري” من إملاء الإمام أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك (المتوفى سنة 406هـ)؛ وهذا الكتاب يعنى أساسا بعرض أصول المذهب الأشعري، والأدلة التي ينبني عليها، انطلاقا من مؤلفات ونصوص الإمام الأشعري نفسه، ثم “رسالة استحسان الخوض في علم الكلام” للإمام الأشعري، وهي رسالة في المنهج، تتخطى الصورة النقلية غير الناضجة قليلا.

لقد اعتاد كثير من الباحثين والدارسين الحديث عن تراث الإمام الأشعري اعتمادا على أثبات، منها ثبت الأستاذ أبي بكر بن فورك الذي أشار فيه إلى أسماء أكثر كتب الإمام الأشعري، التي ألفها إلى حدود سنة 320 هـ، حيث بلغت تسعة وستين مؤلفا، والتي ذكرها الإمام الأشعري نفسه في كتابه “العمد في الرؤية”، وعليه عول ابن عساكر الدمشقي في كتابه “تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري”، وقد أضاف ابن فورك إلى هذه القائمة بعض لمؤلفات، والتي بلغت ستة وعشرين كتابا، إلى حدود سنة 324 هـ وهي السنة التي توفي فيها الإمام الأشعري رحمه الله، كما أضاف ابن عساكر الدمشقي إلى قائمة ابن فورك ثلاث رسائل للإمام الأشعري، فيكون مجموع مؤلفات الإمام الأشعري التي تضمنتها الأثبات الثلاثة: ثبت الإمام الأشعري، وثبت ابن فورك، وثبت ابن عساكر الدمشقي، ثمانية وتسعين مؤلفا[2].

ويستنتج بعض الباحثين من هذه الأثبات الثلاثة، أن ما أورده الإمام الأشعري في كتابه “العمد” لا يرد فيه العنوان الأصلي، بل وصف موضوع الكتاب، وهذا لا يفيدنا في معرفة صحة الكتب التي نسبت إلى الإمام الأشعري، ولم ترد في هذه الأثبات، كما يلاحظ الباحث أيضا، أن تلك الأثبات خلت من ذكر ثلاثة كتب وصلت إلينا منسوبة إلى الإمام أبي الحسن الأشعري وهي:

  1. الإبانة عن أصول الديانة
  2. رسالة استحسان الخوض في علم الكلام
  3. رسالة كتب بها إلى أهل الثغر باب الأبواب[3]

إن معظم مؤلفات الإمام الأشعري -رحمه الله- التي عرضتها تلك الأثبات، وكما يظهر من عناوينها ووصفها المقتضب، يغلب عليها طابع الرد، أو نقض بعض الآراء المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة، وهذا الحكم يشمل حتى تلك التي ألفها الإمام الأشعري في السنوات الأخيرة من عمره، والتي رد فيها على شيوخ الاعتزال وغيرهم من الفلاسفة والملحدين، مما يعني أن الإمام العظيم ظل يدافع عن عقائد أهل الحق إلى أن توفي رضي الله عنه سنة 324هـ. أما المؤلفات الثلاث التي أشار إليها هذا الباحث فسوف نتحدث عنها بشيء من التفصيل ضمن حديثنا عن تراث أبي الحسن الأشعري الذي وصلنا وذلك على النحو الآتي:

مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين

طبع هذا الكتاب بتصحيح المستشرق الألماني هلموت ريتر. وهو يتناول في قسمه الأول جليل الكلام ومذاهب الفرق فيه، كما يتناول في قسمه الثاني مسائل في دقيق الكلام وآراء مختلف الفرق فيها. وقد أشار ابن عساكر الدمشقي إلى هذا المصنف باسم “مقالات المسلمين” وذكر أن الإمام الأشعري استوعب فيه جميع اختلافهم ومقالاتهم[4].

ولعل تسميته بمقالات المسلمين أقرب إلى عصر المؤلف من لفظ “الإسلاميين” لان استعمال هذا التعبير كما يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي غير مألوف، لا نعرف له نظيرا عند أحد، لا في عصر الأشعري ولا قبله، وماذا يحوج الأشعري إلى استعمال المنسوب: إسلامي وإسلاميين، وقد جرى العرف واستقر الاستعمال في القرآن والسنة على استعمال اسم الفاعل: مسلم ومسلمين. لهذا نرى أنه ينبغي أن يسمى الكتاب كما ورد في الاثبات هكذا: مقالات المسامين مهما جاء في عنوان المخطوطات[5].

ومهما يكن من شيء فإن كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين كان متداولا بهذا الاسم عند كثير من العلماء قديما، وليست هذه التسمية من وضع المتأخرين. فقد أشار ابن تيمية إلى هذا الكتاب في أكثر من موضع بهذا الاسم “مقالات الإسلاميين”[6].

وتأتي أهمية هذا الكتاب من كونه يتضمن مختلف آراء الفرق الإسلامية بعيدا عن التحيز والتعصب المذهبي، فضلا عن كونه من أقدم المصنفات في هذا الباب. فقد عرض الإمام الأشعري في هذا المصنف مذاهب خصومه بدقة وأمانة، ثم بعد ذلك رد عليهم ردا علميا هادئا.

وقد أثنى ابن تيمية على هذا الكتاب واعتبره من أجمع الكتب وأبسطها في عرض عقائد السلف، فيقول عنه: “وكتاب المقالات للأشعري أجمع هذه الكتب وأبسطها، وفيه الأقوال وتحريرها ما لا يوجد في غيره، وقد نقل مذهب أهل السنة والحديث بحسب ما فهمه وظنه قولهم وذكر أنه يقول بكل ما نقله عنهم”[7].

لقد التزم الإمام الأشعري الموضوعية في نقل مقالات الفرق الإسلامية مخالفا بذلك كثيرا من المؤلفين الذين اتسم منهجهم بالقصور بل كان هذا القصور المنهجي الذي لا حظه الإمام الأشعري سببا في إقدامه على صناعة كتبه “مقالات الإسلاميين” حيث صرح في مقدمته قائلا: “…. ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات، ويصنفون في النحل والديانات، من بين مقصر فيما يحكيه، وغالط فيما يذكره من قول مخالفه، ومن بين معتمد للكذب في الحكاية، إرادة التشنيع على من يخالفه، من بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه، من اختلاف المختلفين، ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به، وليس هذا سبيل الربانيين، ولا سبيل الفطناء المتميزين، فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من أمر المقالات، واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار…”[8].

وقد تحدث الأشعري في هذا الكتاب عن مقالات الفرق الإسلامية التي حصرها في عشرة أصناف وهي: الشيعة والخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية والضرارية والحسينية والعامة وأصحاب الحديث والكلابية. وقد كان متسامحا مع الجميع، حيث يعترف لهم بالانتماء إلى الإسلام، فيقول: “اختلف الناس بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم في أشياء كثيرة، ضلل فيها بعضهم بعضا، وبرئ بعضهم من بعض، فصاروا فرقا متباينين، وأحزاب متشتتين، إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم”[9].

ومن الأسباب التي جعلت كثيرا من متأخري الحنابلة يهتمون بهذا الكتاب ويحتفلون به ويثنون على صاحبه على غير عادتهم مع التراث الأشعري كما فعل ابن تيمية رجل المذهب الحنبلي المتأخر، هو ما حكاه الإمام الأشعري نفسه من مقالات أصحاب الحديث وأهل السنة والتي ختمها بعبارة جعلته يحظى بالقبول في الدوائر الحنبلية، وهي قوله: “فهذه جملة ما يأمرون به، ويستعملونه، وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب….”[10]

إن ما حكاه الإمام الأشعري في هذا المبحث الذي هو عبارة عن بيان لجملة من العقائد الإيمانية هو ما يعتقده عامة أهل السنة والجماعة بيد أم ما أضافه الشراح المتأخرون من جميع المدارس السنية من أشاعرة وماتريدية وأهل الحديث لتلك العقائد والأصول هو الذي وقع فيه الاختلاف والتفاوت، نظرا لاختلاف الأصول والقواعد المقررة عند كل مدرسة من تلك المدارس السنية.

وقد غاب عن هؤلاء الأعلام أن الإمام الأشعري الذي حظي بالقبول والثناء بفضل ما حكاه وتبناه من عقائد إيمانية في هذا المبحث السلفي انه بعده مباشرة أورد بعض مقالات أصحاب عبد الله بن سعيد القطان المشهور بابن كُلَّاب، وأثنى عليهم وقرر أنهم يقولون بأكثر ما ذكره عند أهل السنة[11].

وهذا الاستنتاج الذي خلص إليه الإمام الأشعري في سياق حكايته لبعض مقالات المدرسة الكلابية التي تأثر بها فيما بعد، لا أعتقد أن شيوخ المذهب الحنبلي المتأخر يقبلون به.

اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع

وهو مصنف مختصر عرض فيه الإمام الأشعري عقائد أهل السنة والجماعة عرضا دقيقا يعتمد النظر العقلي والنقلي معا، مع التوسل بأسلوب الجدل الكلامي المبني على الصيغ الآتية: “فإن قال قائل…. قيل له…”. ومعظم التساؤلات التي يجريها الإمام الأشعري على لسان معترض مفترض هو ما يورده المعتزلة من اعتراضات مشهورة على الأشاعرة.

ويعد كتاب “اللمع” من وجهة نظر أحد الدارسين المعاصرين أنضج من كتاب “الإبانة عن أصول الديانة” وأقرب أن يكون الأشعري الذي تصوره التاريخ، وتأثر به التلاميذ، واحتفل له علم الكلام، ولأنه عرض عقلي دقيق الحجة، وليس مجرد إعلان عقيدة PROFESSION DE FOI كما هي حالة الإبانة[12]

كما يستنتج باحث آخر أن الإمام الأشعري في هذا الكتاب “يبدو أعمق تفكيرا، وأسلم منهجا، وأشد عناية بالأدلة العقلية إلى درجة التعقيد أحيانا”.[13]

وهذا الكتاب على صغر حجمه فقد اشتمل على أساسيات المذهب الأشعري، بدأ بالتدليل على وجود الخالق عز وجل وتوحيده، وأنه سبحانه وتعالى “ليس كمثله شيء وهو السميع البصير” [الشورى:11].

ومرورا بالصفات والقدر والاستطاعة والتعديل والتجوير والإيمان والنبوات… وانتهاء بالكلام في الإمامة، وتحديدا إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

لقد ركز الإمام الأشعري في هذا المبحث الأخير على إثبات إمامة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، باعتماد أدلة نقلية وعقلية، فضلا عن إجماع المسلمين على مبايعتهم له خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم يظهر جليا فساد قول من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نص على إمامة غيره. كما يظهر فساد هذا القول من خلال تصرف أبي بكر الصديق مع عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، فقد قال أبو بكر لعمر يوم السقيفة: أبسط يدك أبايعك، فلو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على إمامة علي رضي الله عنه لم يجز أن يقول: أبسط يدك أبايعك.[14]

رسالة إلى أهل الثغر

أشار ابن عساكر الدمشقي إلى هذا الكتاب فيما أضافه الى قائمة ابن فورك التي تضمنت عددا وافرا من تصانيف الإمام الأشعري، قائلا: هذا آخر ما ذكره أبو بكر بن فورك من تصانيفه، وقد وقع إلي أشياء لم يذكرها في تسمية تواليفه… فمنها: جواب عن مسائل كتب بها إلى أهل الثغر في تبيين ما سألوه عنه من مذهب أهل الحق.[15]

وبهذا تكون هذه الرسالة صحيحة النسبة إلى الأمام الاشعري، وقد أشار إليها ابن تيمية واستشهد بها أحيانا[16].

وقد عرف فقهاء الغرب الإسلامي رسالة مماثلة تنسب إلى أبي عبد الله محمد بن مجاهد الطائي البصري، صاحب أبي الحسن الاشعري، فيما التمسه فقهاء الثغر بباب الأبواب من شرح أصول مذاهب التابعين للكتاب والسنة. فهل هذا الكتاب هو نفسه كتاب أبي الحسن الأشعري، الموسوم برسالة إلى أهل الثغر، أو هو كتاب آخر لابن مجاهد؟[17]

وقد حرص الإمام الأشعري في هذه الرسالة على إبانة معتقد أهل السنة والجماعة في نطاق ما أجمع عليه “السلف من الأصول التي نبهوا بالأدلة عليها، وأمروا في وقت النبي صلى الله عليه وسلم بها”، كما يقول الإمام الأشعري.[18]

و ” رسالة أهل الثغر” في بنائها الكلامي العام عبارة عن أجوبة موجهة أساسا إلى الفقهاء والعلماء من أهل الثغر باب الابواب[19]، في شكل إجماعات تؤكد فضيلة الإتباع وتنفر من الابتداع، وهي تشتمل على واحد وخمسين إجماعا، تتناول مسائل عقدية مختلفة على طريقة أهل السنة والجماعة، فقد جاء في الإجماع الواحد والخمسين وهو الأخير: فهذه هي الأصول التي مضى الأسلاف عليها، واتبعوا حكم الكتاب والسنة بها، واقتدى بهم الخلف الصالح في مناقبها.[20]

وجدير بالذكر أن هذه الرسالة ألفها الإمام الأشعري قبل سنة 300 ه وقد ورد في صلبها ما يؤكد هذا الاستنتاج، حيث يقول في مقدمتها: ووقفت أيدكم الله على ما ذكرتموه من إجماعكم جوابي على المسائل التي كنتم انفذتموها إلي في العام الماضي، وهو سنة سبع وتسعين ومائتين (297)… وبهذا يكون تاريخ تأليف هذه الرسالة تحديدا هو سنة 298.[21]

وقد ورد في بعض النسخ على سبيل الخطأ: ووقفت أيدكم الله على ما ذكرتموه من إجماعكم جوابي على المسائل التي كنتم انفذتموها إلي في العام الماضي، وهو سنة سبع وستين ومائتين (267)…. وهو خطأ بين، لأن عمر الإمام الأشعري كان حينئذ سبع سنوات، لأنه ولد على الأرجح سنة 260 ه، ولا يتصور أن يحرر جوابا عن مسائل في غاية الدقة وهو في هذه السن المبكرة[22].

الإبانة عن أصول الديانة

هذا الكتاب لم يرد ذكره ضمن قائمة ابن فورك، ولم يتحدث عنه الإمام الأشعري في كتابه “العمد”، كما أن ابن عساكر الدمشقي لم يشر إليه فيما استدركه على ابن فورك، وهذا كله غير كاف في الحكم على عدم صحة نسبة الكتاب إلى الإمام الأشعري، لأن ابن عساكر الدمشقي نفسه استشهد بكتاب “الإبانة” ونقل منه فصلا طويلا للتدليل على حسن اعتقاد الإمام الأشعري. يقول ابن عساكر: فاسمع ما ذكره في كتابه الذي سماه بالإبانة… ثم يقول في آخر هذا النص: “فتأملوا رحمكم الله هذا الاعتقاد ما أوضحه وأبينه، واعترفوا بفضل هذا الإمام العالم الذي شرحه وبينه، وانظروا سهولة لفظه فما أفصحه وأحسنه…[23]“.

لقد سلك الإمام الأشعري في كتابه “الإبانة” منهجا وسطا بين المعتزلة والنصيين، وقد كان في هذا الكتاب أقرب إلى مذهب أصحاب الحديث القائم على التفويض، بغرض التدرج بالنصيين إلى مستوى يمكنهم من إدراك جوهر التوحيد الإسلامي القائم على نفي التشبيه والتجسيم بجميع أشكاله وألوانه، ليحقق بعد ذلك التنزيه المطلق في صورته النقلية والعقلية معا، في نطاق تمثل النص القرآني المحكم: “ليس كمثله شيء وهو السميع البصير” [الشورى:11].

فضلا عن إظهار العقائد الإسلامية في صورتها العقلية والفطرية وتخليصها من أسباب التشبيه والتجسيم التي تنتهي إليها القراءة الحرفية للنصوص الشرعية الموهمة للتشبيه.

لقد ألف الإمام الأشعري كتاب “الإبانة” كما يذهب إلى ذلك الشيخ زاهد الكوثري على طريقة المفوضة في الإمساك عن تعيين المراد، وهو مذهب السلف، وأراد بها انتشال المتورطين في أوحال التشبيه من الرواة، والتدرج بهم إلى مستوى الاعتقاد الصحيح…[24]

ولعل النزعة الحنبلية لكتاب “الإبانة عن أصول الديانة” هي التي جعلت الخطاب السلفي المعاصر يشتغل على هذا الكتاب دراسة وتحقيقا، ومن أوسع التحقيقات التي صدرت في السنوات الأخيرة: تحقيق الدكتورة فوقية حسين محمود، وتحقيق أبي عمرو محمد بن علي بن ريحان الذي أسرف في صناعة هوامش هي عبارة عن نقول لكلام ابن تيمية ومن سار على نهجه من المعاصرين له، وليس في هذه الهوامش أي إبداع ما عدا إثقال الكتاب بكلام مكرر ينقله اللاحق عن السابق؛ بخلاف عمل الدكتورة فوقية حسين محمود التي قدمت لكتاب “الإبانة” بدراسة وافية وتحليل أدبي لمضامين الكتاب لا يخلو من نزعة سلفية[25].

ولا يمكن أن نغمض عن تحقيق آخر لكتاب “الإبانة عن أصول الديانة” صدر في السنوات الأخيرة لأحد المعاصرين، ليس لأهمية هذا التحقيق، بل لشذوذه وابتعاده عن مناهج العلماء في التحقيق العلمي الرصين، وتطاول صاحبه على الإمام الأجل أبي الحسن الأشعري، رضي الله عنه، ووصفه بأوصاف يتنزه عنها هذا الإمام العظيم[26].

رسالة استحسان الخوض في علم الكلام

وتعرف أيضا برسالة الحث على البحث، ومضمونها كما يدل عليه عنوانها هو التدليل على جواز الاشتغال بعلم الكلام الذي حكم بعض النصيين بتحريمه، وفي أحسن الأحوال بتبديع المشتغل به، على الرغم من أهميته وشرف موضوعه[27].

في هذه الرسالة يدافع الإمام الأشعري عن علم الكلام ويعتبره من جملة العلوم الإسلامية، ليس هذا فحسب، بل يقرر أن أصول هذا العلم مأخوذة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية المطهرة، واجتهادات العلماء في رد الفروع إلى الأصول.

وإذا كان كثير من العلماء لم يقبلوا بعلم الكلام في بداية الأمر، فلأنه كان يحيل على مقالات مبتدعة في الدين، ولأن أصحاب تلك المقالات كانوا يمثلون شذوذا في المنهج والاعتقاد. لقد استند جل العلماء الذين رفضوا علم الكلام إلى أنه من الأمور التي لم يشتغل بها السلف الصالح الذين اهتموا ببيان الأحكام الشرعية التي تشتد الحاجة إليها أكثر.

فهذا الإمام مالك بن أنس، رضي الله عنه، يصرح أنه يكره الكلام في الدين، اقتداء بأهل بلده الذين كانوا يكرهون الكلام إلا فيما تحته عمل، وهو نفس اختيار الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهما.

وهناك نصوص كثيرة تحذر من الاشتغال بعلم الكلام، وقد عمد بعض المعاصرين إلى إحياء هذه النصوص والتحمس لها وحملها على كل من يشتغل بعلم الكلام من العلماء بدون تمييز بين كلام وكلام، بل بدون فقه لتلك النصوص والسياقات التاريخية التي وردت فيها، حتى أفضى بهم الأمر إلى تبديع كبار العلماء من مختلف المذاهب السنية، بسبب اشتغالهم بهذا العلم الإسلامي، الذي يمكن تقسيمه إلى قسمين:

القسم الأول: كلام هو عبارة عن بيان للعقائد الإيمانية التي استقرت عليها الأمة، وتأييد لها بأدلة عقلية، ويمكن تسمية هذا القسم بالكلام السني أو الكلام المحمود.

القسم الثاني: كلام هو عبارة عن مقالات مبتدعة في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي، ظهرت على يد أناس اشتهروا بمخالفة عقائد السلف الصالح. ويمكن تسمية هذا القسم بالكلام البدعي أو الكلام المذموم، وعلى هذا القسم الأخير تتنزل انتقادات العلماء لعلم الكلام التي بدأت مع عصر التابعين.

ويستنتج الإمام الباجي من أثر يرويه الإمام مالك في الموطأ أن قول من قال من علماء التابعين إنهم كانوا يكرهون الكلام فيما ليس تحته عمل، إنما ينصرف إلى أحد أمرين: إما أن يتوجه المنع في ذلك لمن ليس من أهل العلم ممن يخاف أن تزل قدمه، ويتعلق قلبه بشبهة لا يقدر على التخلص منها…. والوجه الثاني: أن يتوجه المنع في ذلك إلى من يتكلم في ذلك بمذاهب أهل البدع ومخالفي السنة[28].

رسالة في الإيمان

أشار ابن عساكر الدمشقي إلى هذه الرسالة فيما أضافه إلى قائمة ابن فورك[29]، وقد طبعت هذه الرسالة في بضعة أوراق، وقد أملاها الإمام الأشعري ببغداد، وهي تعالج مسألة الإيمان، هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ وقد اعتبر الإمام الأشعري في هذه الرسالة أن الإيمان، إذا أطلق ولم يضف إلى مخلوق كان داخلا في جملة صفات الله تعالى ومشابها لها، وهو بمنزلة التوحيد[30].

وهذه المسألة مما توسط فيه الإمام الأشعري -رضي الله عنه- أيضا، فقد قالت المعتزلة والجهمية والنجارية: الإيمان مخلوق على الإطلاق، وقالت الحشوية والمجسمة: الإيمان قديم على الإطلاق، فسلك الإمام الأشعري -رضي الله عنه- طريقة بينهما، وقال: الإيمان إيمانان: إيمان الله فهو قديم، لقوله عز وجل: “المؤمن المهيمن” [الحشر:23]، وإيمان للخلق فهو مخلوق، لأنه منهم يبدو، وهم مثابون على إخلاصه، معاقبون على شكه[31].

وجدير بالذكر أن “المؤمن” اسم من أسماء الله الحسنى، وهو يرجع في أصله اللغوي إلى معنيين: الأول التصديق، والثاني الأمان، ضد الخوف. فإذا فسرنا الإيمان بالتصديق، فالله سبحانه وتعالى مؤمن، أي مصدق لنفسه، كقوله عز وجل “شهد الله أنه لا إله إلا هو” [آل عمران:18]، ومصدق لرسله، وذلك بإظهار المعجزات الدالة على صدقهم على أيديهم، وهو سبحانه وتعالى مصدق لعباده ما وعدهم.

أما إذا حملنا اسم “المؤمن” على الأمن، بمعنى إزالة الخوف، فالله سبحانه وتعالى مؤمن، أي جعل عباده آمنين من المكروهات، وهذا الوصف يصدق على أحوال الدنيا وعلى أحوال الآخرة[32].

ويقول الإمام الغزالي في شرحه لهذا الاسم: “المؤمن هو الذي يُعزى إليه الأمن والأمان، بإفادته أسبابه، وسده طرق المخاوف. ولا يتصور أمن إلا في محل الخوف، ولا خوف إلا عند إمكان العدم والنقص والهلاك.

والمؤمن المطلق هو الذي لا يتصور أمن وأمان إلا ويكون مستفادا من جهته وهو الله تعالى”[33].

مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري

هذا الكتاب ليس من تأليف الإمام الأشعري، بل هو من إملاء الأستاذ أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك، وقد أدرجناه ضمن تراث الإمام الأشعري لأنه يعبر عن اختيارات الإمام الأشعري وأقواله ومقالاته في المسألة الواحدة، وأكثر من ذلك فهو صادر عن خبير بآراء الإمام الأشعري وتطورها، مما يجعله أكثر استيعابا للمذهب الاشعري، ويجعلنا أكثر اطمئنانا لما قرره في هذا الكتاب، الذي يعد بحق كتابا في أصول المذهب الأشعري أكثر منه كتابا في بيان العقائد الإيمانية وتقريرها على طريقة الأشاعرة[34].

ونشير إلى أن “مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري” الذي اعتمد فيه ابن فورك على عدد مهم من مؤلفات الإمام الأشعري، لم تتم الإشارة فيه إلى كتاب “الإبانة عن أصول الديانة” وكذا “رسالة إلى أهل الثغر”، مما يجعلنا أمام صورة أخرى للمذهب الأشعري، أو المذهب الأشعري كما تصوره الإمام الأشعري نفسه وكما تصوره تلامذته من بعده، في ذكر بعض القضايا الدقيقة في علم الكلام.

وصفوة القول فإن النظر في تراث الإمام أبي الحسن الأشعري الذي وصل إلينا على قلته، يجعلنا نخلص إلى النتائج الآتية:

أولا: أن النقاش حول تراث الإمام أبي الحسن الأشعري سيظل مفتوحا، ومن ثم من الصعوبة بمكان استخلاص آراء أشعرية نهائية انطلاقا من هذا التراث، وفي أحسن الأحوال، يمكن استخلاص صورتين مختلفتين للمذهب الأشعري.

ويكفي أن نشير في هذا السياق إلى التفسير الكبير للإمام أبي الحسن الأشعري المسمى “المختزن”، هذا التفسير الذي اعتبره القاضي أبو بكر بن العربي المعافري (ت 543هـ) من أوسع التفاسير، وعليه عول القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي (ت 415 هـ) في تفسيره المسمى “المحيط”، ويشير القاضي أبو بكر بن العربي إلى قصة إحراق هذا التفسير بإيعاز من الصاحب بن عباد (ت 385 هـ).

ثم يذكر اقاضي أبو بكر بن العربي أن النسخة التي احترقت هي النسخة الوحيدة التي كانت في دار الخلافة ببغداد، غير أنه يستدرك فيقول: إنه رأى الأستاذ الزاهد الإمام أبا بكر بن فورك (406ه) يحكي عن هذا التفسير، فهل وقع على بعضه أم أخذه من أفواه الرجال[35]؟

لكن كلام القاضي أبي بكر بن العربي عن تفسير الإمام أبي الحسن الاشعري فيه نوع من الالتباس عند التأمل، إذ كيف يأخذ القاضي عبد الجبار الهمذاني (ت 415 هـ) من تفسير الإمام الأشعري على الرغم من اختلافهما في العقيدة والمذهب؟ فالأول سني والثاني معتزلي. ثم إن تفسير الإمام أبي الحسن الأشعري هو عبارة عن نقض لتفسير أبي علي الجبائي المعتزلي. وقد نقل ابن عساكر الدمشقي أن الإمام الأشعري في تفسيره “لم يترك آية تعلق بها بدعي إلا أبطل تعلقه بها، وجعله حجة لأهل الحق”[36].

ويقول الإمام أبو الحسن الأشعري عن تفسيره “المختزن” وألفنا كتاب “تفسير القرآن” رددنا فيه على الجبائي والبلخي ما حرفا من تأويله[37].

ثم يشير ابن عساكر الدمشقي على أن اسم تفسير الإمام أبي الحسن الأشعري هو “تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان”، نقض فيه ما حرفه الجبائي والبلخي في تأليفهما[38].

ويقول الإمام الأشعري عن تفسير أبي علي الجبائي المعتزلي: “ورأيت الجبائي ألف في تفسير القرآن كتابا أوله على خلاف ما أنزل الله عز وجل، وعلى لغة أهل قريته المعروفة بجبى، وليس من أهل اللسان الذي نزل به القرآن، وما روى في كتابه حرفا واحدا عن أحد من المفسرين، وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه، ولولا أنه استغوى بكتابه كثيرا من العوام واستزل به عن الحق كثيرا من الطغام لم يكن لتشاغلي به وجه”[39].

والنتيجة التي نخلص إليها أن التفسير المسمى “المختزن” لو كان بين أيدينا اليوم لاستطعنا تكوين رأي نهائي حول موقف الإمام الأشعري من كثير من القضايا الكلامية.

ثانيا: أن الغرب الإسلامي لم يتأثر بتراث أبي الحسن الأشعري مباشرة، بل تأثر بتراث الباقلاني والجويني تحديدا، وكان الجويني الأكثر حضورا في هذا القطر من العالم الإسلامي، حيث “أملى في الطريقة كتاب “الشامل” وأوسع القول فيه، ثم لخصه في كتاب “الإرشاد” واتخذه الناس إماما لهم”، كما يقول عبد الرحمن ابن خلدون[40].

وأكثر من ذلك، فإن الإمام الجويني حاضر في أسانيد رواية علماء المغرب للمذهب الأشعري في سياق حديثهم عن سلسلة أصول الدين[41].

ثالثا: أن الإمام الجويني نفسه حصل له تطور في تقرير العقائد الإيمانية على الطريقة الأشعرية، ومن أشهر المسائل التي حصل له فيها تطور ملحوظ موقفه من تأويل النصوص المتشابهة التي وردت في الكتاب والسنة. ففي كتابه “الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد”، رأيناه يعمد إلى تأويل بعض الظواهر، لكنه في كتابه الموسوم ب “العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية” يصرح بعدم التأويل. يقول الإمام الجويني: وقد اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق اعتقاد فحواها، وإجراؤها على موجب ما تبدره من أفهام أرباب اللسان منها، فرأى بعضهم تأويلها والتزام هذا المنهج في آي الكتاب والسنة، وما يصح من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وذهب أئمة السلف الى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها وتفويض معانيها إلى الرب تعالى. والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقلا: اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع وترك الابتداع، والدليل السمعي القاطع في ذلك: أن اجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة[42].

وهذا النص كثيرا ما يستشهد به الخطاب السلفي المعاصر في نطاق تهويل بعض المواقف الكلامية من جهة، والتدليل على أن الإمام الجويني قد تراجع عن أشعريته من جهة ثانية، وهي دعوى غير صحيحة، لأن الإمام الجويني رفض تأويل النصوص المتشابهة فقط، واختار لغة التفويض، كما هي طريقة السلف الصالح، لكنه لم يتراجع البتة عن طريقة الأشاعرة في تقرير العقائد الإسلامية، وكيف يتراجع عنها وهي من جملة ما يعتقده عامة أهل السنة والجماعة.

رابعا: لقد خص الإمام الأشعري المعتزلة بالنصيب الأوفر من نشاطه العلمي، حيث إن معظم كتبه يرد فيها على شيوخ الاعتزال ويحلل خطابهم تحليلا علميا يكشف من خلاله تمويههم وشبههم، كما أنه لم يكن أستاذا في العقيدة فقط، بل كان مؤرخا للعقائد من الصنف الأول أيضا. كما كانت له قدم راسخة في علوم الشريعة[43].

وبعد، فهذه وجهة نظر في تراث الإمام أبي الحسن الأشعري، مؤسس المذهب، الذي مضى عليه أحد عشر قرنا، ولا يزال خصبا يشد أنظار الباحثين والمهتمين بالدراسات الكلامية، آملين أن ينهض الباحثون في العالم الإسلامي للكشف عن جوانب أخرى من هذا التراث الإسلامي العظيم.

الهوامش

[1] من محاضرة للأستاذ الدكتور عبد القادر بطار، تحت عنوان: تاريخ المذهب الأشعري في المغرب وإفريقيا، ألقيت خلال الدورة التواصلية الأولى المنظمة من طرف مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة لفائدة السادة العلماء رؤساء فروعها بالدول الإفريقية، للتعريف بالنموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، فاس، فيراير 2018.

[2] تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، ص: 128 وما بعدها، طبعة دار الكتاب العربي بيروت.

[3] مذاهب الإسلاميين، الدكتور عبد الرحمن بدوي، ص: 515، طبعة دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى 1971.

[4] تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، ص: 130، طبعة دار الكتاب العربي بيروت.

[5] مذاهب الإسلاميين، الدكتور عبد الرحمن بدوي، ص: 529، طبعة دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى 1971.

[6] انظر كتابه منهاج السنة النبوية، ج2 ص: 104-217-552، ج6 ص: 303، بتحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، مؤسسة قرطبة للطباعة والنشر والتوزيع بدون تاريخ.

[7] منهاج السنة النبوية، ج6 ص: 303، بتحقيق الدكتور محمد رشاد سالم

[8] مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للإمام الأشعري، ص: 1، عني بتصحيحه هلموت ريتر، الطبعة الثالثة سنة 1980، دار النشر فرانز شتايز بفينبادن.

[9] نفس المرجع أعلاه

[10] نفس المرجع أعلاه، ص: 297

[11] نفس المرجع، ص: 29

[12]مذاهب الإسلاميين، الدكتور عبد الرحمن بدوي، ج1، ص:533.

[13] مقدمة الدكتور حمودة غرابة لكتاب “اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع” ص:4، المكتبة الأزهرية للتراث، مصر، بدون تاريخ.

[14]  نفس المرجع أعلاه، ص :13 وما بعدها

[15] تبيين كذب المفتري لابن عساكر، ص:136

[16]منهاج السنة النبوية لابن تيمية، ج1 ص:303، ج2 ص:268، تحقيق د. محمد رشاد سالم.

[17] فهرست ابن خير الإشبيلي، لأبي بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة الأموي، ص:223، وضع حواشيه محمد فؤاد منصور، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1998.

[18] رسالة إلى أهل الثغر للإمام الأشعري، الباب الثاني، تحقيق د. محمد السيد الجليند بعنوان “أصول أهل السنة والجماعة المسماة برسالة إلى أهل الثغر” بالمكتبة الأزهرية للتراث، مصر، بدون تاريخ. كما قام بتحقيق هذه الرسالة عبد الله شاكر محمد الجنيدي في إطار نيل شهادة العالمية في شعبة العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة الطبعة الثانية 2002، ويلاحظ أن تعليقات المحقق وحواشيه لا تخلو من تعصب مذهبي ينتهي إلى التجسيم المرفوض إسلاميا.

[19] باب الابواب عبارة عن ممر وحصن في الطرف الشرقي من القوقاز في دريند الفارسية، وسمي في العصر الحديث باسم باب الحديد أو الباب الحديدي، وقد أسعفهم الإمام الأشعري بالإجابة عن أسئلتهم نظرا لأهمية هذا الموقع بوصفه ثغرا من ثغور الإسلام، أنظر مذاهب الإسلاميين، د. عبد الرحمن بدوي، ج 1 ص:521.

[20] رسالة إلى أهل الثغر، ص:311، بتحقيق عبد الله شاكر محمد الجنيدي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الثانية 2002

[21]  أصول أهل السنة والجماعة، المسماة رسالة على أهل الثغر، ص:30، بتحقيق د. محمد السيد الجليند، المكتبة الأزهرية للتراث، مصر ، بدون تاريخ.

[22] مقدمة د. محمد السيد الجليند لأصول أهل السنة والجماعة…؟، هامش ص:30.

[23] تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، ص: 152 وما بعدها.

[24] نظرة علمية في نسبة كتاب الإبانة جميعه إلى الإمام الأشعري، ص: 9، تأليف سليمان غاوجي، دار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى 1989.

[25] طبع كتاب “الإبانة عن أصول الديانة” للإمام الأشعري مع دراسة وافية بتحقيق دة. فوقية حسين محمود، طبعة دار الكتاب للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الثانية 1987. كما طبع في مجلدين بتحقيق أبي عمرو محمد بن علي بن ريحان، طبعة دار الإبانة للنشر والتوزيع، مصر 2007.

[26] يتعلق الأمر بتحقيق حسن بن علي السقاف لكتاب الإبانة عن أصول الديانة للإمام الأشعري، الصادر عن دار الإمام النووي، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2005.

[27] أنظر نص هذه الرسالة في كتاب “علم الكلام: عرض ونقد” ملحق 2 ص:178، تأليف د. عامر النجار، مكتبة الثقافة الدينية، مصر بدون تاريخ، وأيضا “مذاهب الإسلاميين” ج1 ص: 15 للدكتور عبد الرحمن بدوي. وقد شكك في صحة نسبة هذه الرسالة إلى الإمام الأشعري د. عبد الرحمن بدوي، أنظر كتابه “مذاهب الإسلاميين” ج1 ص: 181، و دة. فوقية حسين محمود، أنظر مقدمة تحقيق كتاب “الإبانة عن أصول الديانة” للإمام الأشعري، ص: 72، دار الكتاب للنشر والتوزيع، مصر، الطبعة الثانية 1987.

ومهما يكن من شيء فإن الآراء التي تتضمنها تلك الرسالة تعبر عن وجهة نظر الأشاعرة وموقفهم الإيجابي من الاشتغال بعلم الكلام. أنظر كتاب “تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري لابن عساكر الدمشقي ص:333. وقد رأينا بعض علماء الغرب الإسلامي ينحون هذا المنحى، أنظر كتاب “مقدمات المراشد إلى علم العقائد”، ص: 80 لابن خمير السبتي، بتحقيق د. جمال علال البختي، وشرح السنوسية الكبرى، المسماة: “عمدة أهل التوفيق والتسديد” للإمام السنوسي، ص: 50.

[28] المنتقى، شرح الموطأ، ج 9 ص: 267، تحقيق محمد عبد القادر احمد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1999.

[29] تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، ص:136.

[30] مسألة في الإيمان للإمام الأشعري، ص:7، تحقيق جلال الجهاني، وقد قمت بمقابلة هذه الطبعة على نسخة خطية مغربية خاصة فوجدتها موافقة.

[31] تبيين كذب المفتري لابن عساكر، ص:150

[32] انظر شرح أسماء الله الحسنى للإمام فخر الدين الرازي، ص:185، والأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، للإمام أبي بكر بن العربي، ج2 ص:195

[33] المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للغزالي، ص: 84.

[34]  طبع كتاب مجرد مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري، من إملاء ابن فورك بتحقيق المستشرق دانيال جيماريه، طبعة دار الشروق، بيروت.

[35] العواصم من القواصم، تحقيق د. عمار الطالبي، ص :72، دار التراث ، القاهرة، الطبعة الأولى 1997.

[36] تبيين كذب المفتري، ص: 117

[37] تبيين كذب المفتري، ص: 134

[38] تبيين كذب المفتري، ص:136

[39] تبيين كذب المفتري، ص: 138

[40] مقدمة ابن خلدون ج3 ص :976، تحقيق د. عبد الوحد وافي، نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع،2004.إننا وإن كنا نتفق مع ابن خلدون فيما ذهب إليه في اعتماد الإمام الجويني إماما في العقائد، ولكن الامر الذي نختلف معه فيه هو اعتبار كتاب “الإرشاد” مجرد تلخيص لكتابه “الشامل”، فقد وردت إشارات صريحة في “الإرشاد” تفيد بأن كتاب “الشمائل” تأخر تأليفه عن “الإرشاد”، يقول الجويني: والذي عندي أن اجماع علماء سائر الأمم في الأحكام على موجب ما طردناه يوجب  العلم جريا على مستقر العادة، وهذا حسن بالغ، وسنبسطه في “الشامل”، انظر “الإرشاد” ص:418، تحقيق د. محمد يوسف موسى وعلي عبد المنعم عبد الحميد، مكتبة الخانجي، مصر. وقد فات المحققان هذه المسألة متابعة وتقليدا البن خلدون فاعتبرا الإرشاد مجرد تلخيص للشامل، انظر مقدمة تحقيق كتاب الإرشاد.

[41] صلة الخلف بموصول السلف، محمد بن سليمان الروداني، ص:465، تحقيق د. محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1988.

[42] العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية، للجويني، ص:32، تحقيق الشيخ محمد زاهد الكوثري، المكتبة الأزهرية للتراث،1992.

 [43] الأشعري أبو الحسن، د.حمودة غرابة، ص:71، مكتبة الخانجي، مصر، بدون تاريخ.

كلمات مفتاحية : ,