البيعة في المغرب: صورتها وخصائصها

البيعة في المغرب: صورتها وخصائصها

البيعة في عرف أهل المغرب
صاحب الجلالة أمير المومنين

البيعة في عرف أهل المغرب

وأهل المغرب يأخذون بقاعدة البيعة الشرعية في تمليك ملوكهم. اقتداء، بما فعله الصحابة الكرام غداة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم واختيارهم أبا بكر رضي الله عنه أول خليفة له.

وقد أصبح الأخذ بهذه القاعدة عندهم سنة منيعة لم يعدلوا عنها منذ مبايعتهم للإمام إدريس بن عبد الله أول ملوك الدولة الإدريسية بالمغرب، وفد توالى بعده الأئمة المبايعون إلى أمير المؤمنين محمد السادس، نصره الله وأيده، ولهم في ذلك تقاليد مرعية.

صورتها

عندما يموت ملك، أو يخلع من الملك، أو يعجز عن القيام بأعبائه، يجتمع أولو الأمر من رجال الدولة وأعيان الأمة، فيتبادلون الرأي والمشورة فيمن يصلح للملك من بعده  طبقا للشروط المنصوص عليها عند فقهاء هذا الشأن، فإذا اختاروه وانعقد عليه إجماعهم، عقدوا له البيعة، أما إذا كان المرشح معهودا له بالأمر في حياة سلفه فإن البيعة تكون مجرد تزكية لعهد أخذه من قبل.

خصائص البيعة في المغرب

فمما تتميز به بيعة أهل المغرب، أنها تتم عن طريق ممثلي الأمة، علماء، وأشرافا، وأعيانا، وتكون الكلمة العليا فيها للعلماء باعتبارهم حملة الشريعة المطلعين على أسرارها، والمسؤولين أمام الله أكثر من غيرهم عن نصح المسلمين و إرشادهم إلى ما فيه نفعهم وصلاحهم، ودرء كل مفسدة عنهم، ووقايتهم من كل زيغ وانحراف عن جادة الدين وصراطه المستقيم.

‏ومنها، أيضا، أنها عقد مكتوب، يشهد فيه عدول الأمة، وقضاتها على المبايعين بالسمع والطاعة للإمام المبايع . فإذا تم الإشهاد دعي للإمام بصيغ الدعاء المخزنية المعروفة، التي لا يدعى بها إلا للملوك، ثم تدق حينئذ الطبول وتنفخ المزامير وتطلق المدافع ابتهاجا بالملك الجديد.

‏ومنها، كذلك، أن نصوصها كانت تعلق في صدر أقدس الأمكنة بالبلد، كالمساجد الجامعة والأضرحة المتبرك بها، إبرازا لشرعيتها وإعلانا عن دوامها واستمرارها، على أن البيعة كيفما كانت صفات الذين عقد وها، والجهات التي عقدت فيها لم تكن في الماضي ماضية الأثر، سارية المفعول إلا إذا أقرها علماء جامع القرويين بفاس، وعلماء كلية ابن يوسف بمراكش.

ومما تجدر الإشارة إليه أن البيعة الكبرى التي تعقدها الهيأة العلمية والمخزنية ينتقى لإنشائها أبرع الكتاب، ويدعى لكتابتها أمهر الخطاطين، فتكون متونها وخطوطها، كأنها قطعه فنية تتلألأ في جيد الأدب الرائق، وفن الخط الفائق.

إن الملك في المغرب، ولو أنه ينتقل من الأب إلى الابن بحكم العهد المسلم المعروف، فإنه لابد من كتابته إحياء لسنة السلف، ولعرف جرى عليه سلف هذه الأمة ذات الولع الشديد بالتثبت و التأكيد  والتمسك بالتقاليد والأعراف، مع حبها للتجديد في محافظة على التليد.

كلمات مفتاحية : , ,